فلسطين تقاوم وترامب ينهزم
بشارة مرهج*
في يوم التضامن مع فلسطين الجريحة، مهد السيد المسيح ومسرى الرسول العربي الكريم، تواصل الحركة الصهيونية العنصرية، وسط تواطؤ دولي – إقليمي – عربي، ضمّ الأراضي الفلسطينية وتشريد أهلها وتهديم منازلها وبناء المستعمرات المسلّحة عليها، كما تمضي في عملية تهويد القدس وطمس معالمها التاريخية وتزوير هويتها العربية وطعن مقدساتها الإسلامية المسيحية، فضلاً عن محاولاتها المحمومة لاختراق المسجد الأقصى المبارك وتطويع سدنته استكمالاً لمخططها الجهنمي في إحراقه وتهديمه وإحلال هيكل سليمان محله.
وعلى الرغم من تمادي الحركة الصهيونيّة في إجرامها بحقّ الشعب الفلسطيني المحاصر واعتداءاتها التي فاقت كلّ حدّ وتجاوزت كلّ حق وتحدّت كلّ قانون فإنّ المجتمع الدولي المذعور من تهمة «العنصرية» لا زال يساير «إسرائيل» ويقف عند خاطرها، وأحياناً يغطّي على جرائمها ضد الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين وشعوب المنطقة وكأنه كُتب علينا في هذه البقعة من العالم أن نكون في حالة حرب دائمة تفرضها تل أبيب وبدعم هائل من واشنطن التي تتحدّث عن حقوق الإنسان وتدوس هذه الحقوق كلّ يوم من خلال دعم الديكتاتوريات وحماية الكيان الغاصب في مجلس الأمن، كما في كلّ الميادين العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية، حتى وصل الأمر بالرئيس الأميركي الحالي الى الضغط المستمر على العواصم العربية للاقتراب من «إسرائيل».. «إسرائيل» العدوان والقهر والاحتلال، والنأي عن فلسطين.. فلسطين الحق والقداسة والعروبة.
ولم يكتفِ الرئيس الأميركيّ المهزوم – دونالد ترامب – بكلّ ذلك بل قطع نهر الروبيكون أيضاً ناقلاً معه السفارة الأميركيّة الى القدس متجاهلاً حقيقتها وتاريخها ومركزيّتها بالنسبة للديانات السماويّة، محتقراً كلّ القرارات والمواقف الدوليّة التي ترفض تهويد القدس أو تزوير حقيقتها.
واليوم إذ يحاول الرئيس الأميركي المهزوم إنهاء عهده بالإمعان في قهر فلسطين والعرب مكلفاً وزير خارجيته وصهره تكريس شرعية الاحتلال الصهيونيّ للقدس والجولان والمستوطنات، مستغلاً الانقسام الفلسطيني والتفكك العربي والتردّد الدولي، فإنّ الأمة العربية وفي قلبها الشعب الفلسطيني تجد نفسها أمام مهام تاريخيّة لا بدّ من التصدّي لها حفاظاً على عروبة فلسطين والأرض العربية بأسرها. فالمعركة التي يواجهنا بها العدو الصهيونيّ مدعوماً من واشنطن ليست معركة افتراضية أو جانبية إنما هي معركة وجود يتحدّد في خضمّها مصير المنطقة كلها.
أما الشعب الفلسطيني الذي يواجه كلّ هذه الاعتداءات، مصحوبة ببرودة لا مثيل لها على الصعيد العربي، فهو ليس وحده في محنته وليس وحده في دفاعه البطوليّ عن فلسطين ومقدّساتها، بل إن شعوب العالم بأكثريتها الرافضة للتسلط الأميركي والصلف الصهيوني تقف الى جانب هذا الشعب المناضل الذي يرفع راية الحرية والاستقلال وسط السجون وفي قلب المخيمات وسائر قرى وبلدات ومدن فلسطين التي تكتب اليوم بدم أبنائها تاريخاً جديداً لمنطقتنا العربية.. تاريخاً تفتخر به اجيالنا وأجيال لم تولد بعد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نائب ووزير سابق.