مؤسسة القتلى الإسرائيلية (1)
} د. علي عز الدين
قد تكتمل فصول الحكاية عند أوّل إعلان من قيادة العدو «الإسرائيلي» عن عدد قتلاه في أيّ عملية معقدة فتاكة ضدّه، يتوزّع عدّاد الإصابات غالباّ بين إصابة خطرة وبعض الجرحى ويغلق الملف، ما يحدث لاحقاّ بات معروفاّ وبات يفتح باباّ للتندّر على ما يٌسمح بنشره (انتحار جندي، حادث مرور، تعرّض أحد الجنود لصعقة كهرباء)، والعديد من الإعلانات المشابهة وربما ما زاد مستوى التندّر ما أعلنته قيادة الجيش الأميركي عن الإصابة بارتجاج دماغي لأكثر من مائة جندي عقب قصف قاعدة «عين الأسد».
الحديث عن غنائم العدو «الإسرائيلي» عندما دخل بعض القرى الجنوبية أثناء اعتداء تموز (حرب لبنان الثانية) كان عبارة عن كُتيّبات تابعة لكشافة تابعة لحزب الله، وقد أخذ هذا الأمر حيّزاً كبيراً في دوائر الدراسات في الكيان الصهيوني، وعُدّت الخطط الجديدة لمواجهة أمر التنشئة الاجتماعية لمجتمع حزب الله بما يتعلق بالجيل الجديد والبيئة التي يخرج منها منتسبو هذا الحزب، وفي لمحة سريعة عن لدراسة كنت قد قمت بها عن الخطوط الموازية لهذا الأمر داخل الكيان العبري، نجد عزيزي القارئ الأجوبة الكثيرة، الكافية، الصادمة أيضاّ، حيث عمدت العديد من الجمعيات اليهودية على إنشاء مراكز إيواء للأطفال الغير معروفي نسب الأب وعددهم مرتفع جداً نتيجة للتفكك المجتمعي الصهيوني، وبعض الأطفال الذين فقدوا أهلهم نتيجة حوادث متفرقة، حيث لا يوجد أجداد ولا آثار عائلات راسخة في أغلب الأوقات نتيجة للهجرات التي حدثت نحو أراضي فلسطين المحتلة .
يتمّ تنشئة هذا الجيل الصهيوني داخل هذه المعاهد على تعاليم المعتقدات الصهيونية ويدير أغلبها الحاخامات المتعصّبون، ويتمّ جمع التبرّعات لهذا الأمر على صفحات الإنترنت المنتشرة على مواقع التعريف لهذه المعاهد وأكثرها موجهاً للخارج باللغات الفرنسية الإنكليزية والروسية، حيث يُحدّد للمبلغ المُراد التبرّع به وطرق الدفع ويرتفع المبلغ حسب مستوى نتيجة التبرّع (شرح من بعض المواقع).
أغلب متخرّجي معاهد الإيواء لديه خيارات متعددة إما العمل بالمهن التي أتقنها وقت دراسته داخل المياتم أو غالباً يدخل الى المؤسسات العسكرية منها الجيش او مراتب الكيانات الأمنية، ما يحدث بعدها هو النقطة الأهمّ، عندما تقوم المقاومة الإسلامية في لبنان او فصائل المقاومة الفلسطينية بعمل أمني او قصف مراكز احتلال او حتى اشتباك مباشر ويتمّ إحصاء العديد من سيارات الإسعاف لإجلاء القتلى والجرحى والنتيجة المُعلنة تكون كالعادة جريحين حالة أحدهم خطرة، السبب هو أنّ خريجي معاهد الإيواء في الكيان المحتلّ هم أعداد للنسيان ولا أهل لهم ليخبروهم عن فقدهم بالمعارك او الحروب، ويحدث أيضاً انّ بعض الجنود القتلى لديه أولاد ويتمّ زجّهم في هذه المعاهد ليبدأ مسار جديد لرفد العسكر بمجنّدين وقوداً للإعتداءات…
ناهيك عن الحالة النفسية المعقدة التي تنتاب خرّيجي هذه الكنتونات بفقدهم مفهوم العائلة ونتيجة للتحرّشات الجسدية من الحاخامات والمدرّسين وزملاء، ونتيجة العلوم التلمودية الموضوعة ضمن مناهج التنشئة، هذا المزيج المعقد يعكس شخصية متوحّشة همجية تمارس عقدها وأمراضها على باقي شعوب المنطقة، سياسة الكذب التي ينتهجها العدو «الإسرائيلي» وعدم الإعلان عن عدد قتلاه بشكل صحيح مردّها الى عدة أمور أوّلها عدم اعترافه بهزيمته وفقدانه للجنود، ولذلك يعمد الى الدعاية المضللة وثانياً لمعرفته ان لا أحد من الأهالي سوف يسأل عن المفقودين، وأخيراً عند التوجه للداخل «الإسرائيلي» انّ جيشه لا يُقهر ولا ينهزم وهو لديه كلّ الحق بفعل ذلك، وإلا فهو أمام حركات احتجاجية كثيرة مثل حركات الأمهات الأربع التي كانت علامة فارقة بالوعي الداخلي للمجتمع الإسرائيلي».
أيها الصهاينة… جيشكم يكذب عليكم، ما قاله السيد حسن نصرالله بمعرض حديثه عن أشلاء وبقايا جنود كانت بيد المقاومة في لبنان بعد حرب تموز هو الخطاب الذي هز بعض مواقع الدراسات الصهيونية وكذّب مقولة انّ جيش الدفاع الاسرائيلي لا يترك ايّ أحد من جنوده في أرض المعركة، في مقابل صدق مقولة «نحن قوم لا نترك أسرانا»… الحروب الشرسة لتركيع بيئة المقاومات ومؤسساتها كمؤسسة الشهيد وهيئة الدعم يهدف لأمر آني وأمر أكثر اهتماماً لدى الأعداء، وهو مجابهة تنشئة جيل مقاوم جديد وحرفه عن مسار الفكر المقاوم بإتجاه التطبيع…