خطط مريبة وإجراءات قاتلة…
فيوليت داغر
يوماً بعد يوم تتكشف لنا معطيات جديدة حول فيروس «كوفيد 19» فيها الكثير من التلاعب والأكاذيب والمعلومات غير الموثوقة. مما لم يعد خافياً حتى على متابع، فكيف بالحريّ على أصحاب اختصاص يُفترض أن يكونوا أكثر أمانة ودفاعاً عن الحقائق. لخدمة أهداف مريبة، انخرطت منظمة الصحة العالمية في لعب دور قائد أوركسترا غير نزيه، مقدمة معلومات للإعلام وتوجيهات لوزارات الصحة في بلدان العالم لاتخاذ الإجراءات التي تصبّ في خدمة هذه الأهداف، والتي على العالم أن يكتشفها سريعاً ولا يبقى ضحيتها لزمن أطول. أما مَن وما يخرج ليخالف الصورة الرسمية ويضع علامات استفهام على هذه الهستيريا السائدة يُحذف سريعاً من التداول إن كان معلومة أو يُمنع من التعريف بوجهة نظره، لا بل تجري محاصرته مهنياً وأحياناً توقيفه عن العمل ومقاضاته أمام القضاء. الشواهد على ذلك كثيرة جداً، لا يسعني في هذا المقال أن استعرض كلّ ما جمعته حولها وأكتفي بالبعض القليل منها.
بتاريخ 4 اكتوبر/ تشرين الأول الفائت وقّع ما يقرب من 36.000 شخصية علمية وطبية من الولايات المتحدة وأوروبا في الغالب، «إعلان غريت برينغتون». على رأسهم ثلاثة من أهمّ علماء الأوبئة من جامعات هارفارد واكسفورد وستانفورد، وذلك في محاولة لإيجاد أجوبة منطقية وعقلانية على السياسات المتعلقة بـ «كوفيد 19» والإجراءات المتوجّب اتباعها. عبّروا عن انشغالاتهم بالتأثيرات الجسدية والعقلية الناتجة عن السياسات المتبعة بقضية الوباء، والنتائج السلبية الناجمة من عدم متابعة حملات التلقيح للأطفال ضدّ الأمراض التي تهدّدهم، والاكتشاف المتأخر للمعرّضين للإصابة بأمراض القلب والسرطان والإختلالات العقلية، بما سيرفع من أعداد الوفيات في السنوات المقبلةة. هذه السياسات، التي أبعدت الكثير من التلاميذ والطلاب عن مقاعد الدراسة رغم أنّ «كوفيد 19» لا يصيب هذه الأعمار أكثر من إصابتهم بفيروس الانفلونزا وما شابه، يفترض بها أن تلائم بين أحجام الوفيات والانعكاسات الاجتماعية للإجراءات المتبعة وبلوغ المناعة ضدّ الفيروس. حماية الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة يجب أن تكون هدف السياسات الصحية، مقابل عودة الآخرين لمزاولة أعمالهم وحياتهم السابقة، وإعادة فتح أبواب المدارس والجامعات كما المطاعم والمتاجر وقاعات الرياضة وما شاكل. مع ذلك، لا أعتقد أنّ أحداً من القراء سمع بالأمر. فشبكات التواصل الاجتماعي من «تويتر» إلى «فيسبوك» و»يوتوب» التي تراقب عن كثب كل ما يتعلق بالوباء، لم تسمح بنشر شيء عن هذا الإعلان. لا بل ذهب الأمر لاستهداف العلماء بأشخاصهم وتحقيرهم وإهانتهم، في الوقت الذي لا شيء على الإطلاق يستحق منطقياً هذه المعاملة التي تلقوها.
هذا ما تعرّض له أيضاً كثيرون في فرنسا، منهم من أُوقف عن مزاولة مهنته أو طرد من عمله لمجرد تقديمه رأياً مخالفاً للسياسات المتبعة. أحدهم وقد يكون أبرزهم هو البروفسور ديديه راوول، الخبير الأول عالمياً في الأمراض المعدية، حسب ترتيب «اكسبرتسكاب» لشهر آذار 2020. فبعد الضغوط المتنوعة الأشكال والإهانات وحملات التشهير التي تعرّض لها خلال هذه السنة، يواجه اليوم تصعيداً جديداً في الحملة ضدّه، كونه لم يقبل أن يرضخ لأوامر قاتلة أو يرتشي أو يبيع ضميره. بل جاهر بالحقيقة واختار إنقاذ المصابين حسب البروتوكول الذي وضعه، كما قدّم كلّ الأدلة والبراهين التي تثبت صحة مسلكه. لكن آلهة الشرّ التي دعمت دواء الرمدسفير انتقلت لرفع المواجهة، رغم ثبوت أنّ علاج الرمدسفير الذي يكلف 2000 أورو للشخص (مقابل الهيدروكسيكلوروكين الذي استعمله بكلفة 5 أورو)، لم يحرز أيّ إنجاز يُذكر، بل هو سامّ ومضرّ بالكبد والكليتين. وهذا ما أكدته دراسات جدية، كما أنّ منظمة الصحة العالمية نفسها أعلنته. مع ذلك يذهب الاتحاد الأوروبي، الذي يحظى المقرّرين فيه بـ 40 مليون أورو سنوياً كدعم من شركات الدواء، لشراء كمية من هذا الدواء بمليار أورو، كما تطلب الإدارة العامة للصحة في فرنسا من مستشفياتها اعتماده، ويرفض مختبر سانوفي الذي ينتج الهيدروكسيكلوروكين تسليمه لمشفى راوول في مارسيليا. فماذا تعني عشرات الملايين عندما تسجل شركة جلعاد فقط في الربع الثالث من هذه السنة أرباحاً من بيع الرمدسفير بقيمة 900 مليون أورو؟ بالتأكيد هؤلاء لا يريدون أن يجادلوا علمياً مع البروفسور راوول، بل أن يقضوا عليه ويرتاحوا من القلق الذي سبّبه لهم. فلمن لا يزال مخدوعاً ببريقها الكاذب في منطقتنا، هكذا هي حقيقة هذه السلطات التي أبانت زيفها وباعت مصيرها وضميرها لمن يملي القرار عليها في مكان آخر. حاربت من يعمل بضميره بعيداً عن الإغراءات وإعلاء المصالح الشخصية، ولم تتوانَ عن رفع دعوى ضدّه لإيقافه عن العمل.
في واشنطن خرج قبل مدة أمام الكونغرس الأميركي والمحطات الإعلامية مجموعة من الأطباء وأصحاب الاختصاص متوجّهين بالقول لمن يسمع ويشاهد إنه تمّ تهديدهم ومنعهم من التصريح بأن وباء كورونا مرض طبيعي وعلاجه معروف وموجود وبسيط ونسبة نجاحه 99.6 بالمائة، أي الزنك والزيتروسين والهيدروكلوروكين. تساءلوا في كلمتهم عن أسباب إصرار الحكومة وإدارة فاوتشي على إثارة الرعب وممارسة القتل اليومي ووضع الكمامة وإغلاق المدارس والتباعد الاجتماعي وسائر الإجراءات القاتلة نفسياً لشعوب العالم؟ ولماذا هذه المهزلة طالما أنّ المرض له علاج مثل أيّ مرض آخر، في حين يجري التشديد على أن اللقاح هو الحلّ. طرحوا السؤال عمن يكون المستفيد من اللقاح ليجيبوا بأنّ الفيروس مصنّع أميركياً لأغراض الحرب البيولوجية.
كذلك ظهرت بدايات شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا السابقة تتحدّث أمام مجلس الوزراء البريطاني قائلة:
«أُعلنها بكل صراحة ووضوح، أنا لا أوافق على الإجراءات الإجبارية المتعلقة بـ كورونا وغير مقتنعة بها. إني أرفضها عقلياً وعلمياً، وأُفضّل مواجهتها نفسياً وعملياً ولا أعيش في ظلّ إجراءات الحظر المزيّف والتكميم والترويع النفسي للبشر. إجراءات كورونا التي تفرضها شياطين الأرض وصلت في قناعتي الأكيدة إلى حدّ الجنون وصار هدفها خدمة أجندات لعصابات غامضة نجهلها. ضررها يتجاوز أضعافاً مضاعفة أية فائدة ترجى منها. أنا مُصرّة على موقفي هذا بعد ان دخلنا في دوّامة مُميتة لن تنتهي غداً إذا سكتنا، بل ستستمر هذه المؤامرة لسنوات طوال عِجاف حسب مخطط شياطين الأرض. أما اللقاح المنتظر فهو وهم وخيال يخدعون به عقولنا. ولا يُعقل أن تتوقف البشرية كلها بانتظار تحقق ذلك الوهم، بل سيكون ضحاياه – إذا بدأ استخدامه وفرضه – أكثر من ضحايا كورونا نفسها. لأنّ الماديين السفلة الذين يحكمون الأرض يخططون لاستغلال هذا اللقاح لقتل البشر والاسئثار بخيرات الأرض لعصابتهم. مخاطر الحظر النفسية أكبر بكثير من مخاطر كورونا. فإذا لم تقف الشعوب ضده بحزم خلال السنتين المقبلتين، فهي ستسحق نفسياً واقتصادياً وجسدياً، وحينها لن ينفع الندم.
كتبتُ كثيراً حول كورونا وموقفي الآن صار أقوى من أيّ وقت مضى، أرفض أن نموت مرات ومرات من الخوف والذعر وأرفض تدمير الاقتصاد والعباد وما ينتج عن ذلك كله من ضغط نفسي ومعنوي ومادي يضعف جهاز المناعة. كما انّ الحظر والجلوس في البيوت والإدمان على الألعاب ومشاهدة التلفاز والهواتف والكمبيوتر تقتل الأجساد وتخلق جيلاً خاملاً لا يقوى على مقاومة الشياطين ولا الدفاع عن نفسه، فيذهب لقمة سائغة لتلك العصابات».
في استبيان للرأي جرى مؤخراً في فرنسا يظهر أن 60% من المستطلع آراؤهم لا يقبلون الإجبار على التلقيح، مقابل 17% يعتبرون أنه يمكن أن يقضي على الوباء خلال الست أو التسع أشهر المقبلة. وقد خرجت الكثير من العرائض الموقعة ضدّ اللقاح، وأعلن الرئيس مؤخراً في كلمة له أن اللقاح غير إجباري، فقانون «كوشنر» يمنع إجراءات طبية على شخص رافض لها. لكن الأشياء تسير وكأنّ اللقاح هو الحلّ الوحيد ويجب أن يكون إلزامياً حسب تصريحات بعض الوزراء والمسؤولين وجوقة الإعلام التابع. وهناك من يوغر صدر من يتخذون القرارات بالعمل جاهدين للقول إنه وإن لن يُلزَم أحد باللقاح، فمن يرفضه سيتصرف كمن يطلق النار على رجله وسيبقى سجين السجن الذي ارتآه لنفسه. فهو لن يستطع أن يركب طائرة أو يذهب لمطعم أو مسرح، كون ارتياد هذه الأماكن يحتاج لتأشيرة تثبت أنه ملقح. هكذا سيُعامَل من لا يقبل أن يكون فأر تجارب للقاحات طورت بسرعة فائقة وليس من معلومات كافية عن محتوياتها أو معرفة بالدراسات الصحيحة التي رافقت خروجها للنور والتجارب التي أجريت لمنح التراخيص بها.
إنه لمن اللافت للنظر أنه في اليوم الذي أعلنت فيه شركة فايزر نجاح المرحلة الثالثة من تجربتها على اللقاح، يبيع مالكها السيد ألبير بورلا 62% من أسهمها ويربح 5,6 مليون دولاراً. لافت للنظر أيضاً أن المختبر البريطاني استرازينيكا، الذي حجز 300 مليون جرعة لفرنسا والاتحاد الأوروبي، عمل بكدّ الصيف الفائت لتأمين نفسه من نتائج شكاوى قضائية يعلم أنها سترفع ضده عند حصول عوارض جانبية غير مستحبة أو خطرة. وقد حصلت عوارض جانبية وأمراض غير مفهومة لشخصين على الأقلّ علمنا بهم، أحدهم شاب من البرازيل توفي بعد تلقيه اللقاح. مثار تساؤل أيضاً أن دراسة دانمركية حول فوائد الأقنعة للحماية من الفيروس، خرجت منذ شهر حزيران الماضي ولم تنشر سوى قبل أسابيع قليلة. بيت القصيد أن هذه الدراسة، التي وُصفت بأنها الأفضل والأشمل والتي اتخذت عينة من 4862 شخص تمّ انتقاؤهم بشكل يغطي عديد المواصفات مع انتقاء النوع الأفضل من الأقنعة الذي يصل معدل الفلترة له لـ 98% حسب التصنيفات المتبعة، وجدت أن القسم الذي استعمل القناع أصيب بمعدل 1.8%، بينما القسم الذي لم يستعمله كانت نسبة الاصابة بالفيروس في صفوفه 2.1، بما يعني أنّ النتيجة متشابهة تقريباً. وهذه الدراسة هي دليل علمي يُرفع بوجه كلّ من يفرض استعمال القناع بالقوة، خاصة أنّ الإجرام وصل لحدّ فرضه على الأطفال، كما في فرنسا بدءاً من عمر 6 سنوات أو لمن يسير في الهواء الطلق وفي الشارع بغضّ النظر عن وضعه الصحي أو عمره. لكن هل من يرعوي؟
من كان لا يصدق أننا سنجبر على قبول اللقاحات المعتمدة لنصعد في طائرة مثلاً أو نرتاد أماكن تسوّق أو لهو، ها نحن اليوم نصل إليه. لقد خرجت قبل أيام جمعية الطيران الدولي IATA التي تضم 290 شركة طيران أي 80% من مجموع شركات الطيران، لتعلن إطلاق ما أسمته «جواز سفر صحي». إنه عبارة عن تطبيق على الهاتف يحتوي على المعلومات الصحية للمسافر من فحوصات ونتائجها وتطعيم بلقاح «كوفيد 19». ذلك لطمأنة الحكومات التي فرضت رقابة على الداخلين الى بلدانها، كما صرح مديرها العام. وقد بدأت شركات برفض من يرفض هذا الإجراء على خطوطها ومنها شركة Qantas الاسترالية. بالطبع ستتوالى ردود الفعل الرافضة لهذا الإجراء الذي سيفتح الباب في قادم الأيام على أخرى مماثلة في مناحي كثيرة من الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
السؤال الكبير الذي لا بدّ من طرحه في النهاية هو ماذا نفعل بكل ما كنا لزمن طويل نناضل له ونعمل على حمايته: من حق في التنقل أو التجمع أو التعبير أو الصحة أو ما شاكل؟ لقد بتنا اليوم في وضع أكثر تعدياً وبما لا يقاس على حقوقنا، وعلى رأسها الحق في الحياة. فكيف يمكن لأيّ يكن أن يقرّر رغماً عنا، وأن يفرض بالقوة ما الذي يجب أن يفعله الآخرون بما يتعلق بصحتهم وحياتهم؟ هذه المسرحية التي طال زمنها والتي استعملت كل أساليب التأثير النفسي على البشر، باتت باينة لكل ذي عقل لم يغيّب المنطق ولم يتأثر عاطفياً بالخوف على صحته مقابل الإذعان للقبضة الأمنية والإجراءات القاتلة. مَن مِن هذه السلطات، بنوع خاص الصحية، ابتعدت عن إشعار الناس بالذنب وتحميلهم مسؤولية الإصابات الحاصلة فيما لو خالفوا الأوامر بتسطير محاضر الضبط، وقدّمت لمجتمعاتها نصائح حول الوقاية – ما عدا الكمامة والنظافة والتباعد والتي ليست أساسية؟ هل عمدت للتنبيه لنوعية الغذاء لتقوية المناعة أو لحاجة الجسم للنوم والابتعاد قدر المستطاع عن التوتر وممارسة الرياضة وغيره من وسائل معتمدة (أشرتُ لها بشكل مفصل في مقال سابق يمكن الاطلاع عليه على موقعي)؟ أليس معروفاً لدى هذه السلطات الصحية أنّ هرمون الكورتيزول الذي يفرزه الجسم عند التعرّض للضيق والقلق والتوتر، كما حصل بشكل واسع خلال الأشهر الفائتة، يضعف المناعة ويسبّب الإلتهابات بفعل تعطيل الجهاز المناعي كما إيقاف إفراز الكريات البيضاء المدافعة عن الجسم؟ هذه الالتهابات منها ما يبقى عرضياً ويزول مع الوقت، لكن منها ما يصبح دائماً ويتسبّب بأمراض مزمنة أحياناً خبيثة. هل هذا هو المأمول من بعض من يتولى زمام أمورنا، ولماذا يمعن في إجراءاته القاتلة؟ أسئلة برسم المتابعة لكلّ منا.