لعبة الوقت
– أقول دائماً إن شرفتنا الصغيرة تطل على الكثير من الإسفلت، انتبهت للتو فقط أنها تطل أيضاً على السماء وعلى الشمس والقمر معاً، يا إلهي أريد أن أقول أشياء كثيرة، أحب الخامسة صباحاً… ليست مثل أن تقول العاشرة صباحاً مثلاً، مَن يكترث بالعاشرة؟ هل يطلع الضوء في العاشرة؟ ها؟
– إنها ساعة فريدة فعلاً، حين نذكرها فنحن نصف لوناً ورائحةً ومزاجاً وربما أغنية…
– أحب ماء الشطف وصوته ورائحته على الشارع والرصيف، أكره أن الناس لا يستمعون إلى الموسيقى ولا يقرأون الكتب وأحبّ أنهم يعيشون حياتهم رغم كل شيء، أكره أن شرفتنا ليست في فرنسا ولكن أحب..
– ماذا؟
– المشكلة أنه لم يتبقَّ الكثير من الأشياء كي نحبها، والحب مخيف لأنه ليس صافياً تماماً مثل ضوء الفجر، أتذكّر بوضوح أنني حين وزع الله حب ساعات اليوم على البشر، ركضت مزاحمة الجموع ومددت سلتي وأنا ألهث وأرتجف، «هل أخذ أحد الساعة الخامسة؟ أرجوك هل تبقّى لي بعض منها؟».
– نعم حصلتِ على الساعة الخامسة وكل من في غرفة توزيع الأقدار يضحكون لا بل يقهقهون، انظروا إلى البلهاء التي تظن أن حب الساعة الخامسة سيجلب السعادة.. هاها.. حسناً فلنلتقِ بعد سبعة وعشرين عاماً حين يأكل غبار الطرقات قدميك وتزقزق العصافير فوق شرفتنا التي ليست في فرنسا، وتقرض قطط الجار أكياس القمامة أمام البيوت، نلتقي.. وأنتِ بين الإسفلت تبحثين عن نقطة سماء تقولين لي من خلالها أن الضوء طلع بينما الحب يتقلب على الفراش ذات اليمين وذات الشمال ويريد أن يسحب الغطاء ويكمل نومه حتى العاشرة!
– موافقة!
مها هسي