أخيرة

بدأت بمعمل فيه مئة عامل ويصنّع 100 كرسيّ في يوم واحد صناعة كراسي الزان في سورية تكاد تلفظ أنفسها الأخيرة.. فهل يمكن إنقاذها؟

} طارق السيّد

تتكئ مهنة صناعة كراسي الزان على عدنان وزياد الخبير للبقاء بعيداً عن شبح الاندثار، لكن العائلة التي استطاعت تطويع هذا الخشب القاسي يبدو أنها في طريقها للاستسلام أمام الصعوبات التي تواجهها ليكون مصير أول معمل لهذه الصناعة مهدّداً بالإغلاق، كما قال أصحابه، في تصريح لـ سانا.

بفخر يبدأ عدنان وزياد الحديث كيف أن جدهما ووالدهما هما من أدخل صناعة كراسي خشب الزان والخيزران إلى سورية والشرق الأوسط وكيف افتتحا أول معمل تحت اسم «معمل الشرق». فاللافتة المعلقة على صالتهما الأساسية التي يقارب عمرها 80 عاماً تشهد بذلك على الرغم من أنهما اضطرا لوضع الصالة بالاستثمار بعد أن تقلّصت تجارتهما.

عدنان أكد أن عائلتهما هي الوحيدة التي لا تزال تمارس هذه المهنة في دمشق وربما في سورية بأسرها، مضيفاً «أبي كان يستورد الكراسي مفككة ومعلبة بصناديق من تشكوسلوفاكيا «التشيك وسلوفاكيا حالياً» وبولونيا «بولندا»، لكنه سرعان ما قرر إنشاء معمله الخاص ليبدأ بصناعتها بشكل يدوي بالكامل باستخدام النار والجهد البدني».

بينما أوضح أخوه زياد ضرورة التمييز بين خشب الزان الذي كان يستورده أبوه من رومانيا والذي هو أساس صناعة كراسي الزان وبين كرسي قصب الخيزران «البامبو» الذي يأتي من دول شرق آسيا، مشيراً إلى أن مهنة الخيزران البامبو قائمة ويقوم بصناعتها الكثير من الورشات بينما صناعة كرسي الخيزران «الزان» هي المهنة التي يتفرّدون بها والتي على حدّ علمهما لم يبق أحد يعمل بها بدمشق وباقي المحافظات.

وعن الأسباب التي أدّت لتقلّص تجارتهما وعزوف الناس عن شراء هذا النوع من الكراسي يبين عدنان أن ثمن الكرسي المرتفع أدى لإحجام الناس عنه، حيث أصبحت مهنتهما تعتمد على أصحاب المطاعم الفخمة في سورية وبعض العائلات الميسورة إضافة للتصدير إلى لبنان ودول الخليج، مضيفاً أنه قبل الحرب كان الزبائن من خارج سورية كثيرين وكانوا مستعدين لدفع التكاليف مع هامش الربح الخاص، لكن اليوم أصبحت التكاليف مرتفعة جداً نتيجة ارتفاع سعر الأخشاب والمواد الأولية وأجرة العمال المهرة.

وعن موقع أول معمل تم افتتاحه قال زياد إنه كان في منطقة باب مصلى أما اليوم فيقع معملهما على طريق المطار وكما اضطر الأخوان لترك محلهما الكبير في الدرويشية اضطرا أيضاً إلى تقسيم معملهما وتأجير أحد الأقسام لدعم صناعتهما.

وعلى الجانب الآخر من المعمل بدأنا بالحديث مع أبنائهما ولم يستغرق الحديث وقتاً طويلاً حتى اكتشفنا أنهم أحد الأسباب التي تدفع عدنان وبشار بالقوة من أجل إغلاق المعمل فبشار عدنان الخبير الذي يعمل في هذه المهنة منذ 35 عاماً اعتبر أنه لم يعد أحد يقدّر حجم الجهد والتكلفة اللازمة لصناعة كرسي زان واحد، وكيف أن المعمل عندما أنشئ أيام الجد كان يحوي على مئة عامل ويصنع 100 كرسي خلال يوم واحد بأدوات بدائية، أما اليوم فالمعمل كله متوقف على ما يصنعه الأبناء.

طريقة التصنيع

بشار الذي يرفض تعليم أبنائه هذه المهنة لما تحمله من جهد وعدم وضوح مستقبلها بين أن مراحل العمل تبدأ عند تسلم ألواح الخشب حيث يتم تفصيلها باستخدام آلة «الشلة» ومن ثم تحويلها إلى المخرطة لتدخل بعدها في «قازان» البخار من أجل تليينها وتوضع بعدها الأخشاب بالقوالب لتأخذ الشكل المطلوب لتترك أياماً عدة حتى تجف وبعد ذلك تبدأ مراحل الحس «الحف» وأخيراً يتم تجميع الكرسي ليأخذ شكله النهائي.

ما زال الأخوان يعاندان كل الظروف التي تدفعهما إلى استبدال مهنتهما والاكتفاء بتجارة قطع الخيزران «البامبو» موجهين نداء إلى الجهات المعنية لدعم وتشجيع هذه الصناعة وتسهيل عملية التصدير والتسويق.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
  • أخيرة
    .
زر الذهاب إلى الأعلى