تركَنا وعبرَ إلى الضفة الأخرى
} يوسف عبدالصمد*
بسّام سابا المبتسم دائماً، تركَنا وعبرَ
إلى الضفة الأخرى من النهر
لم أصدّقْ الخبرَ الذي نزلَ عليَّ نزول الصاعقة،
ولم تستطعْ أن تمتصّه مشاعري.
وفي دقائق الذهول العميقة الطويلة،
غاب كل شيء من أمامي إلاّ عالم بسّام سابا الذي بقيَ
يحملني كما كانَ يطيرُ بنا بموسيقاه إلى العوالم السحريّة التي خلف هذا العالم
تركناه عند رجوعه إلى لبنان من نيويورك
بكامل لياقتِهِ البدنية والنفسية والإبداعية
نيويورك التي أدخلته إلى ملكوتها وأجلسَتْه إلى جانب أفذاذ المبدعين فيها،
وأعطتْه قلبَها، واستمعت إلى أنغامه بكلِّ جوارحها
كان قد ملأ مسارحَها ومتاحفَها، كنائسَها ومعابدَها ودورَ غنائها بموسيقاهُ
حيثُ كانت أناتُ نايهِ أعذبَ من الصلوات فيها
وأطيب من كل ما كان يقالُ من كلامٍ رنّان.
نتذكّرك يا بسّام هنا في نيويورك، ونتذكّر يومَ كنا نقف معًا ونمشي معًا
ونتشارك معًا في الموسيقى والشعر والخمير والخمر
زارعين ثقافتنا وشجر تراثنا، في أعصاب وترابِ المدينة التي لا تنام.
يا بسام الغالي على قلوبنا
كل شيءٍ جميل وشفّاف هنا يتذكّرك بحزن،
وتتمنى أشياؤه أنْ يكون لها عينٌ، لتذرف دمعةً عليك،
وفمٌ، لتقول كلمةً من أجلك،
ويدٌ تحمل وردةً وتضعَها على نعشِك
فتودّعُك بدموع الفرح بحضوركَ، والحزن على غيابك
وبالكلام الذي كالبلسم
فتذهبُ مغمورًا بالورود التي تطيّبُ ثراكَ وذكراك
ومنا نحنُ محبيك، نبعث لعائلتك المفجوعة كما نحن، بألف سلامٍ وعزاء.
ولكَ أنت سلام الوداع الحزين على روحك الطاهرة
صورتكَ باقيةٌ فينا، وموسيقاك يا بسّام لن تموت ولن تبرحَ المكان.
*شاعر من لبنان مقيم في الولايات المتحدة الأميركية.