في حَضرة الشتاء…
} جنان طارق نور الدين
كِتاب وجلوس طويل ونافذة، قطارُ مشاعر في الشتاء وكرسي بارد خالٍ من الحب. فترتفع صفاراتُ المشاعر: محطة حنين…
في هذه المحطة المظلمة المليئة بالسحاب تشتدّ العاصفة وتشتد الرياح، أجلس على المقعد الذي ملّ مني، لكونه المكان الوحيد الذي ألجأ اليه.على مأدبة حبك، نجلس نحن الثلاثة…
أنا والحنين وضيفنا الشتاء، ضيوفاً كراماً في غيابك…
أندب الذكريات، فقد رمتني الحياة وحيدة في ذلك المنفى.
أشعر بالحنين وأبحث عن طريق يُوصِلني إليك.
ليلي الطويل يشتكي منك، يناديك ولا تجيب…
أتراني أستحق هذا العقاب؟
فيتربّص بي الحنين مثل قاتل مأجور مع كل لفحة هواء قاسية ومع كل صفرة قطار. ومع كل قطرة مطر يرتعش قلبي الصغير، فيستغلّ الحنين هذه اللحظة ويقتحم صدري بطريقة مرعبة. فيظهر شحوب بين الغيم وحنين عابر يسرح بين نياط قلبي ويسير داخل صمتي. فيأسر روحي ويعذبها بألحان الشوق المزعجة بين صباح ماطر ومساء عاصف.
فيكون الشتاء على هيئة قطار مليء بالحنين فهو الإبن البار لفصل الشتاء، والصديق الصدوق لسيدنا الاكتئاب، فمع عودة كل شتاء يعود الحنين جالباً معه صديقه الاكتئاب.
وعلى الرغم من أن كل الأشياء تنكمش في الشتاء من شدة البرد، يشذ الحنين عن هذه القاعدة ويزيد توهجاً مع كل قرصة برد. فتذكرني حبات المطر بماضٍ عشته ومن ثمة فقدته. فأدمع وكأن رماد الحنين دخل في عيني…
وخرج من أعماقي صوت يهدر
صوت زئير الهواء المسموم
صوت رعد دون برق
زمهرير يؤرجح قلبي دون مطر…
يضرب رأسي وأعيش طقوس حرب داخلي. فيفتح الهواء باب الحنين على مصراعيه ويفرد الشوق جناحيه ويتربع على عرشه. يأسرني الحنين فتتكوّن جبال من الأحرف داخلي، وربما تكون أعاصير نشطة تنتظر الحب لتشكل أحرفاً إعجازية. فأتمنى أن تصل إلى عقر داره وتذيب جليد قلبه فتحرقه.
حضرة الشتاء: لقد أنهكتني شوقاً وأدميت قلبي من الحنين.