القضاء يحتلّ المشهد بادعاء صوان على دياب واستدعاء غادة عون لسلامة وملاحقة قهوجي ومعاونيه
مجلس القضاء الأعلى يدعم اتهامات المحقّق العدلي... ومخاوف سياسيّة من التحقيق الفرنسيّ / } دياب: استهداف للموقع و«قلتُ ما عندي ونقطة عالسطر» } خليل: مستعدّ لرفع الحصانة
كتب المحرر السياسي
سيطرت الملفات القضائية على المشهد السياسي والإعلامي يوم أمس، ويبدو أنها ستملأ فراغ التقدم الصعب في المسار الحكومي، وفيما كانت مسارات قضائية تواجه تعقيدات أدّت الى إرجاء دعوات المثول أمام القضاء لقائد الجيش السابق جان قهوجي، واعتذار حاكم المصرف المركزي عن الحضور أمام القاضية غادة عون لظروف أمنية، بينما كان منزله يتعرّض لحصار المتظاهرين ليلاً، كان الملف الأول في الواجهة هو ما صدر عن المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت، القاضي فادي صوان، والبيان الذي صدر عن مجلس القضاء الأعلى مساندة للاتهامات التي وجّهها صوان، وطالت رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس.
في ردود الفعل المعنيين ظهر موقف لدياب يعتبر الاتهام اعتداء على موقع رئاسة الحكومة، معلناً رفض المثول أمام المحقق العدلي واستقباله، بقوله انه قال ما عنده أمامه سابقاً ونقطة عالسطر، بينما نقلت مصادر قريبة من دياب استياءه من انتقائية الاتهام لرئيس حكومة واحد من أربعة كان قد اشار الى مسؤوليّتهم في كتابه الى المجلس النيابي، وكأن المطلوب كبش محرقة، فوقع الاختيار على دياب لأنه الوحيد بين رؤساء الحكومات المتعاقبين الذي لا يلعب اللعبة الطائفية والمذهبية، والذي لا يمثل امتداداً لمشروع خارجي. وقالت المصادر اذا كانت الأمور الورقيّة هي التي حركت الاتهام باعتبار دياب قد تلقى مراسلة حول وجود هذه المواد في المرفأ قبل ايام من الانفجار فإن ما فعله هو ما يجب أن يفعله، بمعزل عن الزيارة التي ليس مهماً إن تمّت ام لم تتم، لأن دياب طلب تقريراً مفصلاً من الخبراء عن هذه المواد ليتخذ القرار المناسب، ووقع الانفجار قبل وصول هذا التقرير إليه، بينما قبعت هذه المتفجّرات بوجود رؤساء حكومات سابقين لسنوات ولم يتمّ حتى الاستماع إليهم حول معرفتهم أو مسؤوليتهم.
النائب علي حسن خليل طرح أسئلة مشابهة لأسئلة المصادر المقرّبة من دياب، فقال «كان هناك تناقض واضح بموقف المحقق العدلي، ولا يصحّ أن يوجه كتاباً للمجلس النيابي ويقول بأن هناك شبهة على 4 رؤساء حكومات و11 وزيراً، بينهم كل وزراء العدل والأشغال والمال السابقون، ويدّعي على رئيس حكومة و3 وزراء». وشدّد على أن «المستندات المرفقة لهذه الإحالة لا تتضمن أي اتهام جدي، وأنا لم يرد اسمي بأي شكل من الأشكال سوى برسالة الإحالة الى مجلس النواب، التحقيق وإرساله عبر التمييزي الذي يحيله الى مجلس النواب، فكيف يستنسب المحقق العدلي اختيار رئيس حكومة و3 وزراء بجنحة الإهمال؟ هل هذا الأمر له علاقة بإشارة للناس بأنه اتهم سياسيين من الصف الأول؟ أم أن مسؤوليته الذهاب للتحقيق العادل؟». وأوضح خليل أنه «على القاضي صوان أن يعرف مَن أتى بالبضائع وحرسها 7 سنوات، وعلينا أن نسأل عن مَن تأخّر عن المبادرة عندما أبلغ أمن الدولة تقريره، ومساءلة الجميع من أعلى الهرم الى أسفله، من رئيس الجمهورية والمجلس الأعلى للدفاع ووزراء العدل والدفاع والداخلية وصولاً الى أصغر موظف، وأنا لا أعمّم بل أقول إن هناك خللاً بالإجراءات الدستورية بتجاوز المحقق العدلي صلاحياته، وإن كان يعتقد غير ذلك لم يكن ليراسل مجلس النواب». واعتبر أن دوره كوزير مال بالمعالجة «صفر»، موضحاً أنه «إن كان هناك دور للجمارك فتتصرّف لأن لها صلاحية مطلقة، ولا مخاطبة مع وزير المال بهذا الشأن، فكل ما له علاقة بي أن مدير عام الجمارك السابق أرسل كتاباً الى جانب هيئة القضايا وليس الى الوزير شخصياً، وأنا أحلته اليه، وأنا أسأل، أين وزارة العدل والقضاة؟ فالقضية بدأت بإذن قضائي للتفريغ ولم تعط إذناً قضائياً بالتصدير لنيترات الأمونيوم». وشدّد خليل على أنه «لا يجب أن نضحك على أهالي الضحايا، ونحن جاهزون أن نقوم بمعركة إحقاق الحق لأهالي الشهداء»، مشيراً الى أن «ندرس الذهاب الى الجلسة الأسبوع القادم، وأنا سأراجع مجلس النواب وأتخذ القرار القانوني المناسب بالوقت المناسب سوف اتبع الاصول القانونية وأنا مستعد لرفع الحصانة على رأس السطح في سبيل إحقاق العدل والحق». وأسف خليل بشدة لأن هناك «مزيداً من الحزن على ما وصلنا اليه في هذا القضاء والتردّي في الموقف الذي يجب ان يكون محصناً بالقانون والدستور»، وأشار رداً على سؤال عن تصريحات نقيب المحامين ملحم خلف الى أن «اركان العدالة اليوم وأبسط قواعد التزام العمل النقابي، هي حماية المنتسبين اليها أو السؤال او التدقيق قبل الافتراض انه أعطى رأياً او اذناً بالموضوع».
من جهتها، أبدت مصادر حقوقية القلق من الإشارة التي ربطت بين مسار التحقيق العدلي من جهة والمعلومات التي تضمّنها بيان مجلس القضاء الأعلى حول التنسيق مع التحقيق الفرنسي واحتمال السير بفرضيات جديدة في تفسير التفجير من خلال الحديث عن نتائج لن تظهر قبل شهر شباط ما يُعيد إلى الذاكرة ما رافق التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ويفتح العين على المخاوف السياسية التي يثيرها اللون الواحد سياسياً للمدّعى عليهم كحلفاء للمقاومة في ظل اتهامات سياسية رفعت على أصحابها دعاوى قضائيّة مؤخراً.
الادعاء على دياب ووزراء سابقين
وفيما بقيت أبواب التأليف الحكومي مقفلة على الحلول رغم الحركة «بلا بركة» التي يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري باتجاه بعبدا لتبرئة ذمّته أمام الفرنسيين قبيل عشرة أيام من زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفي خضم المواجهة بين مصرف لبنان والطبقة السياسية والمالية التي تدعمه وبين الشعب اللبناني في موضوع رفع الدعم، سجل يوم أمس، جملة أحداث أمنية وقضائية قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المواجهة على محاور عدّة. وفي خطوة فاجأت الأوساط السياسية والقضائية والشعبية، ادعى قاضي التحقيق العدلي في جريمة المرفأ فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس في تفجير مرفأ بيروت في آب الماضي. وذلك بعدما استمع صوان الى مدير عام أمن الدولة طوني صليبا لثلاث ساعات في قصر العدل وحقق معه في تأخر أمن الدولة في إجراء التحقيق الأولي في وجود نيترات الأمونيوم.
ردّ الرئيس دياب لم يتأخر، فقد أشار مكتبه الإعلاميّ في بيان الى أن «رئيس الحكومة مرتاح الضمير وواثق من نظافة كفه وتعامله المسؤول والشفاف مع ملف انفجار مرفأ بيروت. ويستغرب هذا الاستهداف الذي يتجاوز الشخص إلى الموقع، ولن يسمح باستهداف موقع رئاسة الحكومة من أي جهة كانت». وأُلحِق به بيان ثانٍ قال فيه: «تبلغ المحقق العدلي القاضي فادي صوان جواب الرئيس دياب على طلب الاستماع إلى إفادته»، مؤكداً أنه رجل مؤسسات ويحترم القانون ويلتزم الدستور الذي خرقه صوان وتجاوز مجلس النواب، وأنه قال ما عنده في هذا الملف ونقطة على السطر».
وفسّرت مصادر متابعة للملف بيان رئاسة الحكومة بأن الرئيس دياب لن يمثل أمام القاضي صوان وبالتالي لن تعطي دوائر القصر الحكومي موعداً لصوان لكي يجري التحقيقات مع رئيس الحكومة لأن دياب قال كل ما عنده خلال الإدلاء بإفادته أمام صوان ولم يعُد لديه ما يقوله». وأوحى بيان رئاسة الحكومة الى أنها شعرت بخلفيه هذا الادعاء باستهداف سياسي للرئيس دياب شخصياً ولموقع رئاسة الحكومة».
وتساءلت مصادر عن سبب صمت دار الفتوى حيال استهداف رئاسة الحكومة في حين كانت تسارع الى إصدار بيانات الرفض لحماية رؤساء حكومات سابقين كالرئيس فؤاد السنيورة الذي سبق واعتبرته خطاً أحمر. فهل لو كان المدّعى عليه السنيورة أو الحريري لكانت دار الفتوى تصرّفت كما تصرّفت الآن في الادعاء على دياب؟ كما تساءلت لماذا اقتصر الادعاء على دياب من دون رؤساء الحكومات السابقين الذين دخلت باخرة الأمونيوم في عهودهم الى لبنان كالرئيسين تمام سلام وسعد الحريري؟
وإذ أبدى أساتذة في القانون لـ»البناء» استغرابهم حيال قرار صوان ولم يجدوا تفسيراً قانونياً له، لفتت مصادر قانونية أخرى لـ»البناء» إلى أن «وجود انقسام في الآراء القانونية بين فريق يعتبر اختصاص المجلس النيابي لاتهام رؤساء الوزراء والوزراء بالإخلال بالواجبات المترتبة عليهم ومن ثم محاكمتهم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وفريق يعتبر أن اختصاص البرلمان في اتهامهم اختصاص جوازي وليس حصرياً، لأن المادة 70 من الدستور استخدمت عبارة «لمجلس النواب أن يتهم»، بمعنى أنه خيار لا احتكار، وهو الرأي الأكثر تماسكاً وقوة، وبناءً عليه، يبدو أن قاضي التحقيق العدلي اتبع رأي الفريق الثاني، فيكون لرئيس الحكومة والوزراء السابقين في حال الادعاء عليهم، أن يتقدموا أمامه بمذكرات دفوع شكلية ويبت بها قاضي التحقيق العدلي، ولهم أن يكرروا هذه الدفوع امام المجلس العدلي الذي تكون له الكلمة الحاسمة». فيما شددت مصادر نيابية لـ»البناء» على أن موضوع الادعاء على الرؤساء والوزراء وإحالتهم الى المحاكمة من صلاحية المجلس النيابي.
كما ردّ النائب علي حسن خليل على صوان بالقول «كنا دوماً تحت سقف القانون وأصوله ونثق بأنفسنا وممارستنا لمسؤوليتنا. نستغرب تناقض موقف المحقق العدلي بما يخالف الدستور، واستطراداً نقول: لا دور لي كوزير للمال في هذه القضية. محضر التحقيق يشهد ولنا تعليق مفصل آخر لتبيان كل الخلفيات والحقائق».
مطاردة سلامة بعد تخلّفه عن جلسة الاستجواب
في المقابل وفيما اتهمت مصادر سياسية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بافتعال قضية رفع الدعم للتماهي مع الضغوط السياسية على رئيس الجمهورية وحزب الله بموضوع تأليف الحكومة من خلال الدفع لانفجار اجتماعيّ ضد رفع الدعم، لم يحضر سلامة إلى جلسة الاستفسار التي دعته إليها القاضية غادة عون في ملف الصيارفة والدولار المدعوم وأرسل كتاب اعتذار قال فيه إنّه لم يمثل بسبب ظروف أمنيّة. وأبدت القاضية عون تفهّمها واستمعت إلى مدير العمليات النقدية في مصرف لبنان مازن حمدان.
وبحسب مصادر إعلامية فقد تقدم سلامة عبر وكيله القانوني بكتاب معذرة لأسباب أمنية مبدياً استعداده للمثول أمامها والادلاء بإفادته في موعد لاحق لا يسرب توقيته للإعلام، الأمر الذي تفهّمته القاضية عون. وقد استمعت القاضية عون مطولاً الى إفادة مدير العمليات النقدية في مصرف لبنان مازن حمدان حول ملف الدولار المدعوم وكيفية توزيعه من قبل الصيارفة.
واتهمت مصادر متابعة سلامة ووزير الاقتصاد راوول نعمة بهدر الاحتياط النقدي في المصرف المركزي من خلال دعم السلة الغذائية المؤلفة من 300 سلعة التي تتضمّن 160 صنفاً لا يبتاعه الفقراء أصلاً كالكاجو والجبنة الفرنسية وغيرها»، وتساءلت: هل هذا جزء من مخطط استنزاف الاحتياطيّ النقديّ للدفع الى مزيد من الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي وبالتالي لكي يصبح لبنان جاهزاً للخضوع السياسي للخارج؟».
وكان سلامة تعرّض مساء أمس، لحملة مطاردة في أكثر من منطقة من مجموعات شعبية حاشدة. فقد انطلقت مواكب متعدّدة من مجموعات «الحرس القديم» (قدماء التيار الوطني الحر) من أكثر من منطقة باتجاه الرّابية لإقفال كلّ الطّرق على حاكم مصرف لبنان.
وحاول الشبان قطع الطريق أمام «شاركوتييه عون» في الرابية لمنع سلامة من الوصول إلى منزله. وعمد البعض الآخر إلى إقفال مداخل الرابية بالإطارات المشتعلة. وقطعت عناصر من قوى الأمن والجيش الطريق أمام المتظاهرين لمنعهم من الوصول إلى منزل سلامة في الرابية.
وأفادت معلومات أن سلامة عاد أدراجه بعد قطع الطريق أمامه من قبل مجموعات في الرابية. وأطلق المشاركون في الوقفة الاحتجاجية هتافات مندّدة بسلامة، وعملت القوى الأمنية على صدّ المحتجين بالقوة.
وتوجّهت مجموعات غير حزبيّة من أكثر من منطقة لمساندة قدماء «التيار»، وحاولوا اقتحام منزل حاكم «المركزي» في الرابية قبل أن تصل تعزيزات إضافية لقوى الأمن الداخلي لمحاولة صدّ المتظاهرين أمام منزل سلامة. وعمل الجيش اللبناني على فتح الطريق في الرابية بالقوة بعد إقفالها بالإطارات المشتعلة.
توازياً، كانت مجموعة أخرى تلاحق سلامة في منزله في منطقة الصفرا.
إرجاء التحقيق مع قهوجي
وأرجأ قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت شربل ابو سمرا الى 8 كانون الثاني المقبل النظر في ادعاء النيابة العامة الاستئنافية في جرم الإثراء غير المشروع، على 8 ضباط الذين حضر منهم مدير المخابرات السابق ادمون فاضل ومعه وكيلته المحامية كارول الراسي، واللواء عبد الرحمن شحيتلي ومعه وكيله المحامي منير الزغبي والعميد جورج خميس والعميد محمد الحسيني ومعه وكيله المحامي بلال الحسيني والمقدم المتقاعد احمد الجمل ومعه وكيله المحامي ربيع زين الدين.
ولم يحضر كل من قائد الجيش السابق جان قهوجي وحضر عنه المحامي كريم بقرادوني وعن العميد عامر الحسن حضر وكيله المحامي مروان ضاهر وعن العميد كميل ضاهر حضر المحامي مارك حبقة. وتم الإرجاء بعدما استمهل المدعى عليهم لتوكيل محامين ووكلاء عدد منهم لتقديم دفوع شكلية وأمهل ابو سمرا المحامين الذين طلبوا الاطلاع على الملف، مدة اسبوع لتقديم مذكرات دفوعهم.
في سياق قضائي آخر، أعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان أنها «تمكنت من ضبط عسكريين من عديدها يشتبه باختلاسهم أموالاً عامة. على اثره، قام الجهاز المختص في المديرية بإجراء التحقيقات اللازمة بإشراف النيابة العامة التي أشارت بختم التحقيق وايداعها الملف».
وأثنى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على الأداء المتميز والدقة في التحقيقات التي أجريت بإشراف القضاء المختص، والتقيد بالأصول والقواعد القانونية.
وفيما حذّر اللواء إبراهيم أمس الأول من خطر عمليات اغتيال وتفجيرات إرهابية، دهمت دورية من مديرية المخابرات تؤازرها قوة من الجيش في منطقة طرابلس – شارع الكنائس، محلاً لبيع البرادي واللوحات الفنية وأوقفت صاحبه المدعو (ع.ش)، حيث عثرت بداخله على مخزن يحتوي كمية كبيرة من الأسلحة الحربية والذخائر المختلفة والقنابل اليدوية والمتفجرات.
عون: لن أفرط بصلاحيات الرئاسة
على الصعيد الحكومي، لم تدفع خطوة الحريري الأخيرة بعملية تأليف الحكومة الى الأمام ولم تشكل صيغة الحريري التي سلّمها لعون منطلقاً للبناء عليه في إكمال الجسم الحكومي. بل أكدت مصادر متابعة للملف الحكومي لـ»البناء» أن «الحكومة باتت أبعد مما كانت عليه قبل تقديم الحريري التشكيلة لعون لأن موضوع الحكومة دخل في إطار حقوق الطوائف والميثاقيّة والتي لم تكن مطروحة سابقاً». وكشفت أن «الحريري سمّى جميع الوزراء المسيحيين ولم يترك لرئيس الجمهورية حق اختيار الوزراء المحسوبين عليه فضلاً عن الوزراء الذين يمثلون تكتل لبنان القوي»، مشيرة الى أنه «ومن ضمن الوزراء خمسة يدرك الحريري أنها أسماء مستفزة للرئيس عون والتيار الوطني الحر»، لافتة إلى أن «خطوة الحريري هدفها إحراج الرئيس عون لإخراجه من المعادلة الحكومية وبالتالي فرض توقيع حكومة الأمر الواقع تحت ضغط الظروف الاقتصادية الصعبة وانفجار الشارع وتحميله مسؤولية تأخّر ولادة الحكومة أمام الشعب اللبناني وأمام الفرنسيين قبيل عشرة أيام من زيارة ماكرون الى لبنان».
لكن مصادر مقرّبة من بعبدا أكدت لـ»البناء» أن «الرئيس عون لن يوقع تشكيلة حكومية تفرط بما تبقى من صلاحيات للرئاسة الأولى ويعتبر عون والمحيطون به أن ما قام به الحريري خطوة استفزازية وتساهم في الإطاحة بصلاحيات المركز المسيحي الأول في الدولة الذي يقسم على الدستور».
وكان لافتاً أن القوات اللبنانية لاذت بالصمت ولم تعلق على الموضوع لا من قريب ولا من بعيد، ومرد ذلك بحسب المصادر الإحراج الذي تواجهه القوات حيال مسألة استهداف موقع رئاسة الجمهورية، فإذا أيدت الحريري تحت عنوان تأييدها حكومة الاختصاصيين غير الحزبيين فتكون بذلك ارتضت استهداف صلاحيات وموقع رئاسة الجمهورية، أما في حال رفضت أداء الحريري مع رئاسة الجمهورية فسيصب في خانة دعم رئيس الجمهورية، وهذا ما لا تريده القوات التي تدعم سياسية عزل وتطويق عون».
كما خلصت مصادر قريبة من القصر الجمهوري إلى أن ما حمله الحريري إلى بعبدا يؤكد بانه «لا يتصرف على أساس تشكيل الحكومة بل على أساس افتعال مشكل مع أكثر من طرف بما يؤخر التشكيل». كما لفتت الى ان «الحريري قدم تشكيلة متكاملة لم يصر مسبقاً التشاور بشأنها مع رئيس الجمهورية»، واوضحت المصادر انه «خلال زيارته يوم الاثنين إلى قصر بعبدا أعطى الحريري إشارات توحي بأنه عاد إلى المنطق السليم بتشكيل الحكومة وفقاً للدستور أي بالشراكة الكاملة مع رئيس الجمهورية، لكن ما جرى في لقاء الامس هو أنه سلّم الرئيس عون تشكيلة وزارية من 18 اسماً من دون التشاور مع أحد».
ورداً على سؤال، اوضحت المصادر «انه انطلاقاً مما طرحه الحريري لا تأليف للحكومة، فلا يمكن للرئيس المكلف ان يتصرّف على قاعدة «اشهد انني بلّغت» ولا يمكنه وضع رئيس الجمهورية في الزاوية، ولا يمكنه التحرر من عبء تحمل المسؤولية قبل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت بعد نحو عشرة ايام».
وأشارت مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ»البناء» أن الحريري لم يتشاور مع الحزب بشأن الوزيرين المحسوبين عليه».
وبرز تصعيد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بقوله عبر «تويتر»: «يبدو أن الدخان الأبيض حول الحكومة لن يصدر قريباً نتيجة مزيد من الاختبارات لاعتماد الـ vaccine الافضل لعلاج الأزمة، ومن جهة اخرى وكوني أفرط بحقوق الطائفة فإنني أفوض حماة الديار بتحصيلها بحدّ السيف من لبنان الى سورية الى فلسطين الى المهاجر والى الصين حيث فراغ كبير في قضاة المذهب”.
أما رئيس “الحزب الديمقراطي اللبناني” النائب طلال أرسلان فقال: “يبدو أن هناك تسليماً من بعض المعنيين بتقليص حجم الدروز في التمثيل الحكومي الى النصف علماً ان لا علم لدينا بتغييرات أممية من حكومة الرئيس دياب الى اليوم. كل ما تحتاجه الطائفة لتحصين حقوقها هو وحدة الموقف في المطالب كما سبق ودعونا اليه مراراً، والتمثل بالثنائي الشيعي كما دعا الرئيس بري”.