الصين وفرنسا.. أهميّة عالميّة متزايدة
إن الصين وفرنسا دولتان رئيسيتان لهما تأثير عالميّ إضافة لكونهما عضوتين دائمتين في مجلس الأمن الدولي. كما أنهما تتمتعان الآن بواحدة من أكثر العلاقات استقراراً بين الدول الكبرى في جميع أنحاء العالم، ما يكسب هذه العلاقة أهمية عالمية متزايدة.
فالتوافق الهام الذي توصل إليه الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن التعاون الثنائي المستقبلي لا يفيد الجانبين فحسب، بل يعزز أيضاً الاستقرار العالمي في وقت يعاني فيه العالم من تنامي عدم الاستقرار وعدم اليقين.
بادئ ذي بدء، ستضخ هذه الجولة من التفاعل رفيع المستوى قوة دفع جديدة في تنمية العلاقات الثنائية.
فمنذ تفشي جائحة كوفيد-19، عمل الجانبان معاً عن كثب ودعم كل منهما الآخر في ضمان الإمدادات الطبيّة وتبادل الآراء في مكافحة كوفيد-19.
وخلال محادثتهما الهاتفية مساء الأربعاء، اتفق الرئيسان على «تعزيز التعاون في مجالات مثل الطب الحيوي، والتربية البيولوجية، واستكشاف القمر والمريخ، وبحوث وتطوير الأقمار الصناعية».
كما اتفقا على «تكثيف التعاون في مجال التفتيش الجمركي والحجر الصحي من خلال الخطوط الساخنة في المراكز الحدودية، وتسريع المشاورات الفنية حول الإدارة الإقليمية لحمى الخنازير الأفريقية».
وفي ما يتعلق بدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين عام 2022 ودورة الألعاب الأولمبية في باريس عام 2024، اتفق الجانبان أيضاً على «زيادة أنشطة التبادل والتعاون الأولمبي والشعبي من أجل تعزيز التفاهم والصداقة المتبادلين».
ومع تقدّم التعاون العملي في مختلف المجالات، تزداد العلاقات بين الصين وفرنسا قوة رغم تفشي جائحة كوفيد-19، ما يُظهر المستوى العالي من الثقة السياسية المتبادلة والتنسيق الاستراتيجي بين الجانبين.
ثانياً، سيكون هذا التفاعل رفيع المستوى بين الصين وفرنسا نموذجاً جيداً يحتذى به في التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي.
ويكتسب التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي أهمية عالمية واستراتيجية أكبر في ظل الظروف الجديدة. وبغض النظر عن كيفية تغير الوضع الدولي، فقد أثبتت الصين أنها «ملتزمة بتعزيز علاقات سليمة ومستقرة مع أوروبا».
وفي الاجتماع الافتراضي لقادة الصين والاتحاد الأوروبي الذي عقد في أيلول، توصل الجانبان إلى توافق بشأن دعم التعددية، والتصدي المشترك للتحديات العالمية، والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى.
ودعا بينغ إلى «بذل جهود مشتركة لتسريع المفاوضات بشأن اتفاقية استثمار بين الصين والاتحاد الأوروبي، وإنجاح الحوار رفيع المستوى بين الصين والاتحاد الأوروبي حول البيئة والمناخ وكذلك التعاون الرقميّ، والارتقاء بالعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي إلى مستوى جديد». وذلك خلال محادثته الهاتفية مع ماكرون يوم الأربعاء.
ومن جانبه، قال ماكرون إن «فرنسا مستعدّة للعمل مع الصين لتوطيد التعاون الثنائي وكذلك التعاون بين الاتحاد الأوروبي والصين»، معرباً عن أمله في «التوصل إلى اتفاقيّة استثمار بين الاتحاد الأوروبي والصين في أقرب وقت ممكن».
ثالثاً، إن «رغبة البلدين في زيادة تعاونهما ستضخ مزيداً من الاستقرار في عالم ما بعد الجائحة».
فقد أشار بينغ إلى أنه «في خضم تزايد عدم الاستقرار وعدم اليقين، فإن العالم المعاصر يدعو الدول الكبرى إلى الاضطلاع بمزيد من المسؤوليات».
إن الصين وفرنسا عضوتان دائمتان في مجلس الأمن الدولي ودولتان رئيسيتان لهما تأثير عالمي. وإن الحقيقة، المتمثلة في أنهما تتمتعان الآن بواحدة من أكثر العلاقات استقراراً بين الدول الكبرى في جميع أنحاء العالم، تكتسب أهمية عالمية متزايدة.
وكما أشار بينغ، «هناك توافق هام بين البلدين بشأن دعم التعددية وحماية النظام الدولي وفي القلب منه الأمم المتحدة والحفاظ على النظام الدولي القائم على أساس الاتفاقيات الدولية».
منذ فترة طويلة، تتضافر جهود الصين وفرنسا في مجالات مثل دعم التعددية، وتعزيز التنمية الاقتصادية العالمية، وتحسين الحوكمة العالمية، والتصدي لتغير المناخ، وهو ما أظهر مسؤولية البلدين الكبيرين في مواجهة التحديات العالمية بشكل مشترك، وكان له تأثير إيجابي على العالم.
وفي المكالمة الهاتفية التي جرت يوم الأربعاء، توصل رئيسا الدولتين إلى توافق بشأن عدد من القضايا المهمة، بما في ذلك زيادة الدعم للتطعيم ضد كوفيد-19 في البلدان النامية ودعم نجاح قمة الطموح بشأن المناخ المقرّر عقدها في وقت لاحق من هذا الشهر وقمة كوكب واحد المقرر عقدها في كانون الثاني 2021، ليكون ذلك قدوة يحتذى بها في التعاون متعدد الأطراف.
وكما أشار بينغ، فإن «الاستقلال والتفاهم المتبادل وبُعد النظر والمنفعة المتبادلة والنتائج القائمة على الفوز المشترك شكلت التطلعات الأصلية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وفرنسا». ومن خلال النظر إلى اختلافاتهما بطريقة منفتحة وشاملة والتركيز على التعاون متبادل المنفعة، يمكن للصين وفرنسا تحقيق نجاح أكبر ليس فقط في تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون وإنما أيضا التنمية العالمية.