قيس سعيّد يدعو إلى تغليب صوت الحكمة والغنوشي يُدين الدعوات إلى حلّ البرلمان
أدان مجلس شورى حركة النهضة الإسلامية برئاسة راشد الغنوشي الذي يرأس أيضاً البرلمان التونسي، أمس، بشدة «دعوات التحريض والتشكيك» الصادرة عن أصوات وصفها بـ «غير المسؤولة» تدعو إلى «الانقلاب وحل البرلمان وتعليق العمل بالدستور».
ووصف في بيان وزّعه أمس، في ختام أعمال دورته الـ 46، تلك الدعوات بأنها «مخالفة للقانون، ومهينة لثورة الحرية والكرامة وللشعب التونسي، وتهدف إلى نسف مكتسباته وإعادته إلى مربع الاستبداد».
وتوجّه في المقابل، بـ «تحية إكبار وتقدير للجيش الوطني الجمهوري الذي انحاز للثورة وحمى مؤسسات الدولة واحترم إرادة الشعب والمسار الديمقراطي في البلاد».
وكان عدد من الأحزاب قد دعا في وقت سابق الرئيس التونسي قيس سعيد إلى «اتخاذ إجراءات دستورية تشمل حل المؤسسة التشريعية (البرلمان)»، بحجة «إنقاذ البلاد من خطر داهم»، وذلك على وقع تزايد الاحتجاجات الشعبيّة التي توسّعت رقعتها لتشمل العديد من محافظات البلاد.
وترافقت تلك الدعوات مع أخرى تدعو إلى عقد مؤتمر وطني للحوار، حيث دعت 150 شخصية سياسية أول أمس، إلى «تنظيم حوار وطني بلا إقصاء ولا شروط مسبقة تشارك فيه الأحزاب والمنظمات الوطنية ومكوّنات المجتمع المدني للبحث عن حلول عاجلة لإنقاذ البلاد من أزمتها المعقدة».
ورحّب مجلس شورى حركة النهضة الإسلامية في بيانه، بكل الدعوات إلى عقد حوار الوطني، منها تلك الصادرة عن الاتحاد العام التونسيّ للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد).
واعتبر أن «الحوار والتوافق حول الخيارات الاقتصادية الكبرى والإصلاحات المستعجلة الكفيلة في الخروج بالبلاد من الوضع الراهن هما السبيل الوحيد لتجاوز الأزمة»، مؤكداً على «ضرورة أن يشمل الحوار الوطني كل القوى الوطنية من دون إقصاء»، وعلى «استبعاد كل نقاط الخلاف السياسية والثقافية ضماناً للنجاح وتحقيقاً لوحدة شعبنا أمام ما يتهدد بلادنا من أخطار».
وأهاب في بيانه بكل «الأطراف المنخرطة في التحركات الاجتماعية العمل على المحافظة على سلمية تلك التحركات، والنأي بها عن العنف والفوضى والتخريب والتوظيف السياسي، وتعطيل مصالح المواطنين ومؤسسات الدولة ومواقع الإنتاج»، داعياً الحكومة ونواب الشعب والمجتمع المدني إلى «معالجة المطالب المشروعة باعتماد منهج الحوار مع احترام القانون ومراعاة أمكانات البلاد».
في سياق متصل، دعا الرئيس التونسي قيس سعيد أمس، إلى «تغليب صوت الحكمة وعدم الانجرار وراء زرع الفتنة، وذلك خلال زيارته أمس، إلى المنطقة المُتنازع عليها بين أهالي مدينتي دوز الشمالي، وبني خداش بأقصى الجنوب التونسي، والتي تسببت بمواجهات عنيفة أسفرت عن قتيل وعشرات الجرحى».
وقالت الرئاسة التونسية، في بيان، إن «الرئيس قيس سعيد قام أمس، بزيارة إلى منطقة (العين السخونة) التابعة لمحافظة قبلي، يرافقه برئيس أركان جيش البر، أمر لواء محمد الغول، وآمر الحرس الوطني، محمد علي بن خالد، فيما تغيب وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي عن هذه الزيارة».
وأشارت إلى أن هذه الزيارة جاءت على «إثر المواجهات الدامية التي تجددت بين مجموعتين من المواطنين من منطقتي بني خداش التابعة لمحافظة مدنين، ودوز التابعة لمحافظة قبلي، حول قطعة أرض تقع بين المنطقتين، ما أسفر أمس عن وفاة شاب وإصابة 70 شخصاً».
ونقلت الرئاسة التونسية عن الرئيس قيس سعيد دعوته خلال اجتماعه بعدد من ممثلي السلطات الجهوية والمحلية، إلى «تغليب صوت الحكمة وعدم الانجرار وراء زرع الفتنة بين أبناء الجهة الواحدة».
وشدد في هذا السياق، على أن «تونس تتسع للجميع ولا بد من الانتباه إلى كل المحاولات الخفية لضرب الدولة من الداخل»، معرباً في الوقت نفسه عن أسفه لما آلت إليه الأمور واستغرابه من تغليب البعض المصالح الضيقة على مصلحة البلاد واستقرار أوضاعها.
وشهدت منطقة «العين السخونة» مساء أول أمس، مواجهات عنيفة بين أهالي منطقتي دوز الشمالية التابعة لمحافظة قبلي، وبلدة «بني خداش» التابعة لمحافظة مدنين، وذلك على خلفية نزاع عقاري على منطقة «العين السخونة» التي تقع بعمق الصحراء على بعد حوالي 100 كلم جنوب مدينة دوز التي تبعد عن تونس العاصمة نحو 550 كلم.
وقالت وزارة الداخلية في بيان وزّعته فجر أمس، إن «تلك المواجهات أسفرت عن سقوط قتيل، و53 جريحاً»، مؤكدة في الوقت نفسه أن «الوحدات الأمنية التابعة للحرس الوطني (الدرك)، تدخلت لفض هذا الخلاف بإسناد من وحدات من الجيش الوطني».