اعترافات جيمس جيفري: سورية الهديّة التي تستمرّ بالعطاء لنا نحن المسيطرون فعلياّ على شمال شرق سورية.. وأردوغان يتراجع تحت التهديد (2)
نضال حمادة
نستكمل الجزء الثاني والأخير من المقابلة التي أجراها المبعوث الأميركيّ الخاص السابق الى سورية جيفري جيمس مع «المونيتور».
يقول جيفري جيمس يجب الفصل بين أردوغان وتركيا، وستكون أكبر التحديات التي يواجهها بايدن هي الصين وروسيا وكوريا الشمالية وخطة العمل الشاملة المشتركة الإيرانية والمناخ. هؤلاء هم الخمسة الكبار. المرتبة السادسة هي تركيا، حيث إنّ تركيا لها تأثير مباشر على اثنين من المراكز الخمسة الأولى: إيران وروسيا، وهذا له تأثير على الإرهاب رقم ثمانية أو تسعة.
ويضيف: تركيا دولة مهمة للغاية في الناتو يقع رادار الناتو في قلب نظام الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية الذي يواجه إيران في تركيا. لدينا أصول عسكرية هائلة هناك. لا يمكننا فعلاً «القيام» بالشرق الأوسط أو المؤتمرات الحزبيّة أو البحر الأسود من دون تركيا. وتركيا خصم طبيعي لروسيا وإيران.
ويتابع: أردوغان مفكر كبير في أساليب الحكم. حيث يرى ما يجذب يتحرّك، الأمر الآخر بالنسبة لأردوغان هو أنه متعجرف للغاية ولا يمكن التنبّؤ بما يفعله، وببساطة لن يوافق على حلّ يربح فيه الجميع. ولكن عندما يكون في عجلة من أمره – وتفاوضت معه – فهو ممثل عقلانيّ..
لذا، إذا رأى بايدن العالم مثل الكثير منا الآن، منافسة قريبة من الأقران، تصبح تركيا مهمة للغاية. انظروا إلى ما فعله (أردوغان) للتوّ خلال ثمانية أشهر في إدلب وليبيا وناغورني كاراباخ. كانت روسيا أو الحلفاء الروس هم الخاسرون في الثلاثة.
يصف جيفري أردوغان فيقول: أردوغان لن يتراجع حتى تظهر له أسنانك، هذا ما فعلناه عندما تفاوضنا على وقف إطلاق النار في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2019، كنا مستعدّين لسحق الاقتصاد التركي.
هذا ما فعله بوتين بعد إسقاط الطائرة الروسيّة لقد أرسل الروس الآن إشارات قوية مرتين إلى الأتراك في إدلب.
يجب أن تكون مستعداً، عندما يذهب أردوغان بعيداً، لقمعه حقاً والتأكد من أنه يفهم ذلك مسبقاً. الموقف التركيّ ليس صحيحاً أبداً بنسبة 100 %. لديهم منطق وحجج معينة من جانبهم. نظراً لدورهم كحليف مهمّ وحصن ضدّ إيران وروسيا، فإنّ الأمر متروك لنا على الأقلّ للاستماع إلى حججهم ومحاولة إيجاد حلول وسط.
حول رغبة ترامب في مغادرة القوات الأميركية المنطقة يقول جيمس جيفري: الرئيس غير مرتاح لوجودنا في سورية. كان منزعجاً جداً مما اعتبره حروباً لا نهاية لها. هذا شيء لا ينبغي أن ينتقد بسببه. أسقطنا الخلافة (داعش) ثم بقينا. ظلّ ترامب يسأل، «لماذا لدينا قوات هناك؟» ولم نعطه الإجابة الصحيحة.
إذا قال أحدهم، «الأمر كله يتعلق بالإيرانيين»، فربما كان سينجح. لكن الأشخاص الذين كانت مهمتهم معرفة سبب وجود القوات هم وزارة الدفاع. وقد أعطوا الإذن (من الكونغرس) لاستخدام القوة العسكريّة، نحن هنا لمحاربة الإرهابيين.»
أعتقد أنّ سبب سحب ترامب للقوات كان لأنه سئم من تقديم كلّ هذه التفسيرات لسبب وجودنا هناك. كان هناك وعد ضمني له: يا رئيس، لا شيء خطأ، نحن نعمل مع الأتراك، ونعمل مع الروس. ومن ثم يحصل على هذه الكوارث.
لم أبلغ الرئيس بذلك. لقد فعل بومبيو ذلك وقدّم له الحجة، وركز على إيران. لكن ترامب كان غير مرتاح لهذه القوى، وكان يثق بأردوغان. سيواصل أردوغان طرح هذه القضايا حول حزب العمال الكردستاني، وسيستجوب الرئيس الناس، ويجب أن يكونوا صادقين ويعترفوا». بالطبع، الأمر أكثر تعقيداً من ذلك. الحروب معقدة، ويضيف: لقد شرحنا الأسباب للرئيس لكنه يستمع أيضاً إلى أردوغان. أردوغان مقنع تماماً بالنسبة له.
في وزارة الخارجية، لم نكشف للرئيس عن عدد القوات في سورية. إنها ليست وظيفتنا. لم نحاول خداعه. لكننا كنا نعطيه أرقاماً أقلّ بكثير من الأرقام الفعليّة، لذلك عند التحدث إلى وسائل الإعلام والكونغرس، كان علينا توخي الحذر الشديد وتجنبها. بالإضافة إلى أنّ الأرقام كانت مضحكة. هل تحصي الحلفاء الذين لا يريدون الكشف عن هويتهم هناك؟ هل تشمل ثكنة التنف؟ هل تحسب أن وحدة برادلي تأتي وتذهب؟
كنا خجولين لأنّ الرئيس أعطى الأمر بالانسحاب ثلاث مرات. كانت الضغوط مستمرة والتهديد بسحب القوات من سورية. شعرنا بالضعف الشديد وربما شربنا القليل من الخوف لأنه كان يعني الكثير بالنسبة لنا. أتفهّم مخاوفه بشأن أفغانستان. لكن المهمة في سورية هي الهدية التي تستمرّ في العطاء. نحن وقوات سورية الديمقراطية ما زلنا القوة المهيمنة في شمال شرق سورية.
كان الأكراد يحاولون دائماً جعلنا نتظاهر بأننا سندافع عنهم ضد الجيش التركي. وحثوا قوة المهام المشتركة، على الرغم من اعتراضاتي، على البدء في إقامة نقاط استيطانيّة على طول الحدود التركيّة.