ذكريات عن الرجل العظيم
لقد مضت 9 سنوات على رحيل رئيس لجنة الدفاع الوطني كيم جونغ إيل 17 كانون الأول/ ديسمبر 2011 في جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية.
يُقال إنّ ذاكرة الإنسان تمحى مع مرور الأوقات، غير أنّ حنين الشعب الكوري إليه وذكرياته عنه تشتدّ على مرّ الأيام.
رجل عاطفي
كان رئيس لجنة الدفاع الوطني كيم جونغ إيل رجلاً عاطفياً جداً من الناحية الإنسانية. كان يتميّز منذ طفولته برقة القلب والتفاؤل ويحب أن يختلط بالرفاق والجماهير. وكان يفهم جيداً على الدوام ما يدور في خلد الآخرين ويتصف بالمنطقية في كلّ الأمور والأريحية العظيمة حتى يفتح له زملاؤه قلوبهم منذ صباه ويتبعونه بكلّ جوارحهم. لذا، فإنّ الجماعة التي تضمّه كانت دائماً فياضة بالنشاط والحيوية ويسودها جوّ من البهجة والانشراح على ما يُقال.
كما كان مولعاً جداً بالموسيقى والأدب، فكان عندما يجد نفسه منفرداً من حين لآخر، يقضي أوقاته عبر سماع الموسيقى أو مطالعة الكتب.
وفي أيامه الدراسية، ألّف عديداً من الأشعار والأغاني مثل «غرفة درسنا»، «تفكير في المودة الرفاقية»، «أغنية التبريكات» و«أمي» حتى تعجّب الخبراء أيضاً من مستوى تأليفه على حدّ قول الناس.
على الأخص، يمكن اعتبار أنّ ولعه بالموسيقى كان فريداً، إذ قال ذات وقت إنّ أوّل ما يحبه هو الموسيقى، وكان رأيه في الموسيقى والفن ومعارفه الخاصة بهما استثنائية تتجاوز مستوى الاختصاصيين إلى حدّ وصفه بالعبقري. فيمكن القول إنّ كلّ النجاحات المرموقة التي ظلت جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية تحرزها منذ السبعينات من القرن الماضي في حقل الأدب والفن مثل الأوبرا والمسرحية والسينما والموسيقى جاءت ثمرة لكفاءات رئيس لجنة الدفاع الوطني كيم جونغ إيل.
سبق أن كتبت الصحيفة الصينية «الصحيفة الأسبوعية للشخصيات» في مقالة معنونة بـ «مخرج سينمائي بارز» أنّ القائد كيم جونغ إيل أعطى توجيهاته الدؤوبة لعمل إبداع الأفلام السينمائية، موضحة أنه كان على إلمام عميق بحقل السينما منذ زمن بعيد، وأسهم إسهاماً كبيراً في تطوير الفن السينمائي للبلاد، أثناء عمله في اللجنة المركزية لحزب العمل الكوري.
رجل متحمّس
في توصيف رئيس لجنة الدفاع الوطني كيم جونغ إيل الذي أدلى به معلمه في أيام صباه، جاء ما يلي:
بما أنّ سجايا التلميذ كيم جونغ إيل تشبه جريان مياه النهر العارمة، فإنه لا يعرف الركود والمراوحة في مكانه ويسعى إلى التقدّم وحده.
ويتميّز التلميذ كيم جونغ إيل بإكمال كلّ الأعمال حتى النهاية مهما كانت الظروف.
كان من عادته منذ طفولته أنه إذا بدأ العمل أياً كان، يصبّ عصارة روحه له إلى حدّ نسيانه العالم المحيط، وحدث أن لا ينتبه حتى إلى هزيم الرعد وهطول المطر في الخارج، أثناء قراءة الكتب على ما يُقال.
من هنا، يمكن اعتبار أنّ مؤهّلاته القديرة المتعددة الجوانب كانت نتاجاً عن حماسته وجهوده التي لا تعرف الكلل، فضلاً عن موهبته الفطرية.
وما زال يدور الحديث عن أنه قرأ الكتب أكثر من «ارتفاع قاعدة برج فكرة زوتشيه»، بهدف صياغة النظريات الثورية للرئيس كيم إيل سونغ، وفي أثناء توجيهه لعملية إبداع الأدب والفن، يؤدي هذا العمل حتى ساعة متأخرة من الليل بعد معالجة كميات هائلة من الأعمال الأخرى في النهار بحيث لا يعرف مقرّبوه متى يخلد إلى النوم ويستيقظ منه.
على ذلك، يمكن اعتبار أنّ معركة السرعة (تعني دفع العمل قدماً بالسرعة القصوى بتعبئة جميع القوى، وفي الوقت نفسه، ضمان جودته على أعلى المستويات) في جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، هي في أدق تعبير تجسيد لأسلوب الإبداع على طريقة كيم جونغ إيل، وأصبحت هذه الحركة قوة دافعة جبّارة لإحداث نهوض وتقدّم سريع في بناء الاشتراكية الكورية.
رجل شديد الإحساس بالواجب الأخلاقي
أكثر ما يميّز الشخصية الإنسانية لدى رئيس لجنة الدفاع الوطني كيم جونغ إيل هو الاعتزاز بالواجب الأخلاقي الإنساني إيما اعتزاز.
قد تذكر أحد قضى معه أيام صباه أنه كان يتميّز بجاذبية فريدة يخلب بها ألباب الناس ويستميلهم إليه دفعة واحدة أينما كان، وهو ما يقوم على محبته النزيهة لرفاقه، وطابعه الفريد وكفاءاته الاستثنائية.
كان يساعد دائماً رفاقه الذين يشاطرونه الحياة وهو يطرح كل أموره جانباً إذا حلّ مكروه بصحتهم أو أفراد عائلاتهم. وذات وقت، حدث أن تنحّى لرفيقه النحيل ممطرته يوم هطول الأمطار بغزارة، وذهب إلى بيته متعرّضاً للمطر، ومن أجل رفيقه الذي تعاني أسرته من الصعوبات بعد الحرب، أعطاه ثوبه الشتوي رغم ارتدائه المعطف البالي والصغير.
وكان يطمئن من حين لآخر على صحة معلميه وهم في أيام دراسته المدرسية والجامعية ويبعث بتحيته إليهم دون أن ينساهم حتى بعد مرور عشرات السنين وبذلك، يلتزم بإخلاص بواجب التلميذ الأخلاقي إزاء المعلم. وكان إذا فارق الدنيا الرفاق الذين كانوا يشاركونه العمل، يشعر بالألم يحز فؤاده ويعتني بحرص بالغ بحياة أولادهم وأفراد أسرهم.
حقاً، يمكن القول إنّ الأجواء الاجتماعية السائدة في جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية التي تسمّى بـ «بلد تزدهر فيه محبة الإنسان»، و «أسرة كبيرة واحدة»، هي بالذات عبارة عن انعكاس شعور رئيس لجنة الدفاع الوطني كيم جونغ إيل بالواجب الأخلاقي على سياسة هذا البلد كما هو عليه.