بوتين يضع النقاط على الحروف في مؤتمره السنويّ
توقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ظل الإدارة الأميركية الجديدة أنه سيكون من الممكن حلّ العديد من قضايا العلاقات الروسية الأميركية.
وفي المؤتمر الصحافي السنوي الكبير الذي عُقد في مقر الرئاسة في ضواحي موسكو، أكّد بوتين أن «العلاقات الروسية الأميركية أصبحت رهينة السياسة الداخلية للولايات المتحدة نفسها».
وفي الحديث عن الانتخابات الأميركية، أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «أن القراصنة الروس لم يساعدوا دونالد ترامب في الحملة الانتخابية، ولم يتدخلوا في العملية الانتخابية في الولايات المتحدة».
وأضاف: «هذا كله تكهنات، كل هذا سبب لإفساد العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، وحجة لعدم الاعتراف بشرعية الرئيس الحالي لأسباب داخلية أميركية»، ووصف بوتين هذه الاتهامات بـ»المستفزة».
كما، أكد بوتين أن «بايدن تحدّث عن استعداده للحوار حول ستارت -3، وروسيا مستعدّة لذلك أيضاً»، مضيفاً أن «سباق التسلّح بدأ بين روسيا وأميركا بعد انسحاب واشنطن من معاهدة الصواريخ المضادة الباليستية».
وفي هذا السياق، قال الرئيس الروسي، إن «رغبة روسيا في تمديد ستارت-3 لم تلق أي استجابة من قبل الولايات المتحدة»، موضحاً «الآن هناك أيضاً تهديد بإنهاء معاهدة ستارت. ثم لن تكون هناك قيود على الإطلاق مرتبطة بنظام الأسلحة. وقد طلبنا منذ البداية ودعونا شركاءنا لتمديد هذه المعاهدة لمدة عام على الأقل وإجراء مفاوضات جوهرية في غضون عام».
كذلك، أشار بوتين، «نحن ندرك أن روسيا طوّرت أنظمة تفوق سرعة الصوت حديثة، لا يمتلكها أي أحد في العالم. نحن ندرك ذلك. نحن لا نعارض أخذ هذا الظرف في الاعتبار، لكن لا أحد يتحدّث إلينا عن هذا الأمر حتى يومنا».
ولفت الرئيس إلى أن «واشنطن انسحبت في وقت سابق من عدد من الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك معاهدة القضاء على الصواريخ متوسطة المدى وقصيرة المدى ومعاهدة السماء المفتوحة». ووفقاً لبوتين، «تنتهج روسيا سياسة أقل عدوانية من الولايات المتحدة».
وأضاف: «لدينا قاعدتان أو ثلاث، وفي مناطق إرهابية خطيرة من قرغيزستان وطاجيكستان وسورية. بينما لدى الولايات المتحدة شبكة ضخمة حول العالم. هل تعلمون ما هي ميزانيتنا العسكرية؟ 46 ملياراً، بينما بريطانيا العظمى ميزانيتها أكثر من ذلك بكثير، والولايات المتحدة 770 مليار دولار»، على حد قوله.
في حين، نوّه أن «روسيا تحتل المركز السادس في الإنفاق العسكري»، مشدداً «على الرغم من السياسة الأميركية العدوانية، فإن موسكو تؤيد الحوار مع واشنطن».
من جهة أخرى، أعلن الرئيس الروسي، أن «نظام الدفاع الصاروخيّ الأميركيّ لا يشكل عائقاً أمام الأسلحة الروسية الجديدة».
وصرّح الرئيس الروسي، رداً على نشر الولايات المتحدة لنظام دفاع صاروخي عالمي، قائلاً، «يمكن لروسيا إما أن تبني أسلحة خاصة بها أو تصنّع أسلحة متفوقة».
وأضاف بوتين «إما أن نبني نظام الدفاع الصاروخي هذا بأنفسنا، أو نبتكر أنظمة على مستوى كي لا يشكل نظام الدفاع الصاروخي هذا عائقاً (أمام الأسلحة الروسية). ولقد فعلنا ذلك، بمساعدة أسلحة تفوق سرعة الصوت، بما في ذلك نظام أفانغارد…».
وذكر بوتين، أن «العمل على إنشاء صاروخ باليستي ثقيل عابر للقارات (سارمات) يقترب من مرحلته النهائية. وسيحل (سارمات إر إس 28) محل أثقل صاروخ استراتيجي في العالم فويفودا. وسيكون الصاروخ الجديد قادراً على مهاجمة أهداف عبر القطب الشمالي والجنوبي، متغلباً على أنظمة الدفاع الصاروخي».
وأشار الرئيس إلى «أهمية الانتهاء من اختبارات الصاروخ الذي تفوق سرعته سرعة الصوت (تسيركون) كما أن اعتماده من قبل الجيش الروسي سيؤثر على توازن القوى الاستراتيجيّ. وتبلغ سرعة الصاروخ 8.5 ماخ ويمكن وضعه على حاملات ثابتة وعلى سطح السفن والغواصات».
وبصدد سباق التسلح، أكد الرئيس الروسي، إن «روسيا لن تشارك في سباق تسلح جديد، لكنها ستضمن أمنها». قائلاً: «سباق التسلح قد بدأ لكننا لن ننساق».
أما بالنسبة لامتلاك أميركا أسلحة متطورة، تابع، «هم (الأميركيون) يملكون أسلحة عالية الدقة، ولا يملكون أسلحة تفوق سرعة الصوت حتى الآن. ومن الواضح بالطبع أنهم سيصنعونها، لكن كما قلت، سنكون نحن مستعدين بحلول ذلك الوقت…».
وكان الرئيس الروسي، قد أعلن خلال رسالته إلى الجمعية الفيدرالية، يوم 1 آذار 2018، عن تطوير أحدث أنواع الأسلحة القادرة على تجاوز نظام الدرع الصاروخي والدفاع الجوي، والتي تفوق سرعتها سرعة الصوت، مثل أنظمة الدفاع الجوي «كينجال»، «أفانغارد» «بوريفيستنيك»، ومنظومة الليزر القتالي «بيريسفيت» والغواصة النووية غير المأهولة «بوسيدون».
ولفت بوتين إلى أن «روسيا اضطرت للردّ بإنتاج أنواع جديدة من الأسلحة على التهديدات الجديدة التي ظهرت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي».
وقال بوتين أمس: «ألا يجب أن نرد على هذا، هل انسحبنا من معاهدة الدفاع ضد الصواريخ؟ لم نفعل ذلك، ونحن مضطرون للردّ من خلال إنشاء أنظمة أسلحة جديدة توقف التهديدات».
وأشار الرئيس إلى أن «روسيا سمعت في الوقت المناسب تأكيدات بأن الناتو لن يتطوّر شرقاً»، وقال إن «حلف شمال الأطلسي شهد في الواقع موجتين من التوسع، ونتيجة لذلك أصبحت البنية التحتية العسكرية للناتو أقرب إلى حدودنا».
بالإضافة إلى ذلك، أشار بوتين إلى أن «الولايات المتحدة، وليس روسيا، هي التي انسحبت من معاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى ومعاهدة الأجواء المفتوحة».
واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن «الجيش الروسي هو أحد أكثر الجيوش كفاءة في العالم».
وقال الرئيس الروسي في مؤتمره الصحافي السنوي: «بالنظر إلى حالة الجيش التي كانت في عام 1993، هل كان من الممكن الحديث عن حرمة أراضي روسيا الاتحادية؟ يمكنكم قول أي شيء تريدونه. هل يمكننا تأمين ذلك؟ لن تستخدم قنبلة ذرية في كل حالة، أليس كذلك. وقد انهارت قواتنا المسلحة التقليدية عملياً. ولمحاربة الإرهاب الدولي في القوقاز، لم يكن بالإمكان تجميع 50 ألف حربة من جميع أنحاء البلاد، وكان لدى الجيش أكثر من مليون شخص»، في إشارة إلى التعديلات التي أدخلت على الدستور الروسي في عام 2020 مقارنة بوثيقة 1993».
وأضاف الرئيس «الآن الوضع مختلف، الآن حتى خصومنا يقولون بالفعل، نعم، هناك عدد أقل منهم، لكنهم أصبحوا أكثر فاعلية، لدى روسيا أحد أكثر الجيوش فاعلية في العالم اليوم».
وقال بوتين إنه «ستكون هناك محاولات تدخّل خارجية في انتخابات البرلمان الروسي 2021، لكن روسيا قادرة على مقاومتها».
وفي الشأن التركي، تحدث بوتين عن العلاقة مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قائلاً: «تجمعُني بالرئيس أردوغان علاقة وطيدة مبنيّة على الاحترام المتبادل، على الرغم من اختلاف في الرأي بيننا، لكنه رجل كلمة».
وأضاف بوتين: «إردوغان إن وعد وفى، ويلتزم بكلمته إلى النهاية».
وردّ الرئيس فلاديمير بوتين على سؤال بشأن القطاع الصحيّ في روسيا، ومدى قدرته على مواجهة وباء فيروس كورونا، قائلاً: «نظام الرعاية الصحية الروسي برهن أنه أكثر استعداداً لمواجهة الفيروس من البلدان الأخرى التي أظهرت فشلها، وبالتالي عدم قدرتها على المواجهة».
وفي هذا الصدد، أشار بوتين إلى أن «روسيا استطاعت تقويض تطور الفيروس، وتحاول مواجهته من خلال الاختبارات العلمية التي نجحت في إنتاج أول لقاح ضد فيروس كورونا، وتطوّر ذلك إلى ظهور العديد من اللقاحات الوطنية الأخرى، إضافة إلى التنسيق مع الدول الغربية للمشاركة في الوصول إلى نتيجة للبشرية جمعاء».
وأكّد بوتين «ضرورة رفع العقوبات عن الدول التي تواجه صعوبات، وخصوصاً بسبب الوباء».
وكشف بوتين «عدم ظهور آثار جانبية خطيرة جرّاء التطعيم بلقاح بفيروس كورونا الروسي على أي من الحالات التي شاركت بالتجارب السريرية في روسيا».
وأشاد الرئيس الروسي، أمس، خلال المؤتمر الصحافي السنوي الموسّع، بالعلاقات الروسية مع الدول العربية، واصفاً إياها بـ»المتطورة والقوية».
وقال بوتين «لدينا علاقات مستقرة للغاية وطويلة الأمد تعود لقرون، واليوم تميل إلى التوسّع، إذا كانت مرتبطة بطريقة ما باعتبارات أيديولوجية معينة في العهد السوفياتي، فقد أصبح نطاق تعاوننا مع العالم الإسلامي والعالم العربي وجغرافيته الآن أوسع بكثير. نحن نقدر هذا كثيراً وسنواصل تطوير هذه العلاقات».
وتابع الرئيس الروسي: «يتعاون صندوق الاستثمار المباشر الروسي مع جميع صناديق الاستثمار السيادية تقريباً في العالم، ومع بعض صناديق الاستثمار العربية تطورت علاقات فريدة بشكل عام».
وأضاف بوتين «إنهم يثقون في صندوق الاستثمار المباشر الروسي لدرجة أنهم قرروا المشاركة تلقائياً في تمويل المشاريع التي تشمل صندوق الاستثمار المباشر الروسي».
وردّ بوتين على صحافي شكره على مساعدته في عودة عالم الاجتماع مكسيم شوغالي ومترجمه سامر سويفان إلى الوطن، اللذين أمضيا أكثر من عام في سجن ليبي: «لقد فعلنا ذلك، بفضل التعاون مع بعض أصدقائنا في الدول العربية، الذين ساعدونا في هذه القضية».
وأشار بوتين إلى دور رئيس الشيشان رمضان قديروف في تقوية العلاقات قائلاً «مثل غيره من قادة مناطق روسيا الاتحادية، يقدم رمضان قديروف مساهمة كبيرة عبر وزارة الخارجية في البلاد فيما يتعلق بالتقارب مع الدول العربية».
وأجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، مؤتمره الصحافي السنوي بصيغة جديدة بسبب وباء فيروس كورونا المستجدّ، متحدثاً مع الصحافيين عن طريق الفيديو من مقر الرئاسة في ضواحي موسكو.