الوقت، وينجو جلدها من السلخ، وتغطي فضائحها التي تتدفق كسيل جارف…؟ الإرهاب الأميركي بحق السوريين.. من يردع واشنطن؟
ربى يوسف شاهين
في ظل ما تشهده الأوضاع المعيشية في سورية، من خنق كامل لكل مستلزمات الحياة الأساسية والتي تمس السوريين، وبعد أنّ زجّت واشنطن بأدواتها على الأرض السورية، من فصائل إرهابية مدعومة تركياً، ومن ميليشيا قسد المتواطئة مع الولايات المتحدة. تبرز مجدداً عقوبات أميركية جديدة هدفها الأول والأخير ممارسة أقصى الضغوط على الشعب السوري وحكومته، بغية إفراغ مقومات الانتصار السوري، من مفاعيله ونتائجه الاستراتيجية.
في هذا الإطار، وإمعاناً في ممارسة الإرهاب الاقتصادي ضد سورية وشعبها، يخوّل الإرهاب الاقتصاديّ الجديد، الرئيس الأميركي في إنشاء مناطق اقتصاديّة في سورية ضمن الأراضي التي تحتلها قوات أجنبية غازيّة، لتنشيط اقتصاد المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق، والسماح لها بإنشاء علاقات تجاريّة مع الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم، وذلك لتسهيل عمليات نهب النفط السوريّ في الوقت الذي يرزح فيه الشعب السوريّ تحت وطأة الحصار والأوضاع المعيشيّة الخانقة.
وما ينبغي ذكره هنا أنَّ موقع مجلة «Foreigen Affairs» الأميركية نشر قبل بضعة أشهر تقريراً مفصلاً بعنوان «العقوبات الأميركية على سورية هل تسقط النظام أم تضرّ المدنيين؟» وخلص التقرير إلى أنَّ العقوبات الأميركية على سورية وحلفائها، تضرّ بالشعب السوري ولا تخدم المصالح الأميركية، وهذا ما جاء على لسان السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد حيث أكد في مقال صحافي «أنّ الإدارة الأميركية بقيادة ترامب تريد من العقوبات الأميركية والغربية ضدّ سورية بما في ذلك ما يُسمّى قانون قيصر، أن تزيد من وطأة الضغوط الاقتصادية على الدولة السورية وتصوّر هذه الضغوط بأنها مؤشر واضح على النجاح الأميركي في سورية».
ما يحدث في سورية وتحديداً في مناطق تواجد الاحتلالين التركي والأميركي، مع كمّ العقوبات القسرية الأحادية الجانب، وقطع المياه عن مليون مواطن سوري في الحسكة، والممارسات التعسّفية الإجرامية لميليشيا «قسد» من اختطاف وقتل وتجنيد للسوريين قسراً في صفوف «قسد»، بالإضافة إلى العقوبات التي فُرضت على شخصيات سورية، وبنوك تتعامل مع سورية. لأكبر دليل على الإجرام الممنهج الذي يخالف كلّ القوانين والمواثيق الدولية، الأمر الذي أكده نائب وزير الخارجية الدكتور بشار الجعفري في مجلس الأمن مراراً وتكراراً، لجهة ممارسات الغرب ضدّ سورية، والتي تُرهق السوريين دون وجه حق، ودون رادع أخلاقي.
العنجهية الأميركية والتركية، سواء لجهة القوانين الأميركية المتعلقة بإرهاق السوريين عبر عقوبات ظالمة، أو لجهة الممارسات التركية حيال سرقة القمح السوري وإرهاق السوريين في الشمال السوري عبر ممارسات ترقى لمستوى جرائم الحرب. ما هي إلا محاولات بائسة لحرف مسار الانتصار السوري على الإرهاب، وذلك لتحقيق مآرب العدو الإسرائيلي في سورية، وإعادة عقارب الساعة إلى العام 2011، عبر تنفيذ مخطط الخنق الاقتصادي الذي يمسّ قوت الشعب السوري، خاصة في ظلّ انتشار فيروس كورونا، وتأثيراته التي طالت كافة مناحي حياة السوريين.
وما بين الأميركي والتركي والعصابات المتواجدة على الأرض السورية، فإنّ المستفيد الأساسي الأول هو الكيان الإسرائيلي، فالدفة التي تحركها واشنطن عبر عملائها عسكرياً وسياسياً باتت في مخزونها الأخير من الإرهاب الاقتصادي والعسكري والسياسي والإعلامي، وما يحدث من ممارسات أميركية وأجندة تركية، كلّ ذلك يصبّ مباشرة في محاولة ثالوث الشرّ «واشنطن وتل أبيب وأنقرة» إسقاط الدولة السورية من الداخل.
وفي هذا الإطار، فإنّ السوريين لا يُعوّلون على الإدارة الأميركية الجديدة، فقد اعتاد السوريون على النهج الأميركي، المرتكز على عقوبات اقتصادية، منذ عام 1979؛ حيث اتهمت الخارجية الأميركية آنذاك الحكومة السورية بقيادة الراحل حافظ الأسد، بدعم المنظمات الفلسطينية على الأراضي السورية واللبنانية التي كانت تصفها واشنطن بالإرهابيّة، وكانت تلك العقوبات سبباً في تراجع اقتصاديّ كبير في سورية، أعقبه تغييرات كبيرة في النظام الاقتصاديّ السوريّ لتحقيق الاكتفاء الذاتيّ والاعتماد في التجارة على دول معادية للولايات المتحدة.
في المحصلة، السوريون وفي ظلّ هذه الأزمات الاقتصادية التي ابتدعتها الإدارة الأميركية، مصمّمون على التصدي لهذه الضغوطات، عبر الالتفاف حول القيادة السورية والجيش العربي السوري، الذي ما زال يُقارع المحتلّ حتى تحرير آخر شبر من تراب سورية. ولا تزال واشنطن تُمارس إرهابها ضدّ سورية والسوريين، ضاربةً عُرض الحائط كلّ القوانين والمواثيق الدولية. فمن يردع الإرهاب الاقتصاديّ الأميركيّ في سورية؟ هو سؤال ستتمّ الإجابة عليه عبر جُملة من السياسات الاقتصادية التي ستتخذها الحكومة السورية، لترميم الأوضاع المعيشية الصعبة لدى غالبية السوريين، وبذلك ستتمّ مجابهة الإرهاب الأميركيّ بكافة مستوياته، والحدّ من تأثير العقوبات الأميركيّة.