فَخُّ التطبيع الإماراتي ينزلق بسرعة نحو الكارثة حتى على مَن صنعه من الإماراتيين!
} السيد سامي خضرا
كما هو متوقع، فإنّ التجربة الإماراتية التطبيعية ستكون نموذجاً مختلفاً عما سبقه من خطوات مع مصر والأردن وغيرهما وذلك لأسبابٍ موضوعية:
فكُلُّنا يعلم أنّ دولة الإمارات ما قامت واستمرّت إلا من خلال الوافد من الإختصاصيّين من جميع أنحاء العالم بِمَن فيهم العالم العربي وخاصة المصريّين والفلسطينيّين والعراقيّين واللبنانيّين، فكان من الاستحالة قيام المُسمّون «السكان الأصليّين» بمفردهم بمهام قيام دولة.
لذا فإنّ أيّ زائر للإمارات سوف يرى الأجانب في كلّ مكان في الوزارات والمؤسسات والشركات والمطارات وعند المداخل والمخارج وسائر مراكز الدولة بحيث أنّ ما يُسمّى «بالسكان الأصليين» أصبحوا يُشكِّلون حوالى عشرة بالمئة من مجموع القاطنين والساكنين والموظفين والعاملين.
فالإمارات وعلى خلاف الدول الأخرى ليس لها تاريخٌ مستقلّ كما هي حالة المحيط القوي الضارب في أعماق التاريخ كعُمان واليمن والهند والسند وغيرها من البلدان العريقة من أواسط آسيا حتى الشرق الأفريقي.
وهؤلاء آثارهم ظاهرة ومستمرّة في زنجبار ومدغشقر ومومباسا إلى الأرخبيل الأندونيسي المترامي.
والإمارات ليس لها مواقف قومية ولا محطات تاريخية ولا معارك فاصلة أو دور عالمي أو صناعي أو اقتصادي إلا ما استُحْدث لها مؤخراً من تدخلات هوجاء تَنُمُّ عن طبيعةٍ مريضة تُترجمها بعدوانية وخُبث على شعوبٍ قريبةٍ وبعيدةٍ منها ولم تجلب إلا الكوارث والمصائب:
كتدخُّلِها في ليبيا والقرن الأفريقي وسورية والعراق ورغبتها في إقامة قواعد عسكرية في أريتريا وجيبوتي…
وكل هذا في كَفَّة، وتدخلها الظالم والإجرامي بكلّ تفاصيله اليومية في اليمن في كفةٍ أخرى.
فما نراه اليوم على مستوى التطبيع من تسرُّع «نكائي» في أن تُظهر الإمارات حماسها غير المُعْتَمِد على أيّ أُسس يمكن أن تحتمي بها، فهي ومنذ أن تمّ الإعلان عن الخطوة التطبيعية وتراها تحشد إعلامياً لِتُبيِّن فوائد التطبيع (وكلها موهومةٌ على صعيد الإقتصاد والتجارة والسياحة و«السلام» وشركات الطيران…
ولا نغفل عن آخر عروضاتهم في التعاون على صعيد الأبحاث العلمية والتكنولوجية وهو أمرٌ يُضحك الثكلى!
فمن غريب الأمور أن تطلب هذه الدولة التعاون العلمي مع دولٍ أخرى وقد وضعت نفسها في موقعٍ ليس لها مُطلقاً، وهذا يُذكِّرنا بالمناورات العسكرية في السنين الماضية بين بعض الدول الخليجية الصغيرة وجيوش الولايات المتحدة الأميركية!
وأين هؤلاء من هؤلاء؟!
كما يُذكِّرنا بالمؤسّسة التي أُنشئَت في الإمارات عبر مرسوم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بإنشاء «وكالة الإمارات للفضاء» وبميزانيات مهولة وطموحات خيالية لإقامة مدينة في المريخ بعد مئة عام!
والأمر ليس نكتةً أبداً إنما هو حقيقة بُثَّت عبر الفضائيات التابعة لهم ورآها الناس في كلّ مكان.
ففي ظلّ هذا التطبيع البائس بنسخته الإماراتية من الطبيعي أن نسأل:
ماذا لدى الإمارات لِتُقدّمه للطرف الآخر إلا العبث والكيد والتآمر والتجسُّس وتنفيذ الأجندات الأمنية لخدمة المحور الأميركي الإسرائيلي والتغطية المالية للقيام بعملياتٍ دوليةٍ قَذِرة… وها هي اليوم تفتح البلاد على مصراعيها للمؤسسات الأميركية الإسرائيلية؟!
فليس عند الإمارات وكما كانت في كلّ تاريخها شيءٌ تُقدّمه مُستقِلاً لا في المجال التقني ولا العلمي ولا القومي ولا الإنساني باستثناء البهرجات الإعلامية التي لا تُقدِّم ولا تؤخر، وما هي إلا بالونات تُسعد الناظرين ألوانُها لتعلو وتُبهِرهم ثم لا تلبث أن تنفجر من دون نتيجةٍ أو فائدة.
ومن ذلك مشاهد لأفرادٍ يَتصنَّعون ويتزلَّفون تطبيعاً يدَّعي السلام ويُشجِّع على الزيارات المتبادلة والإعجاب التافه.
والكلّ يعلم أنّ هؤلاء لا يمثلون إلا الشاذ من أمة العرب والمسلمين.
إنَّ فَخَّ التطبيع الإماراتي ينزلق بسرعة نحو المُتوقَّع الكارثي حتى على مَن صنعه من الإماراتيين.
وتطبيع الإمارات في حقيقته هو خدمةٌ مجانية بل ومدفوعة الثمن للأعداء ولن تجلب إلا مزيداً من المآسي الإنسانية والتي لن يسلم منها ومن كوارثها حكام الإمارات أنفسهم.
ويا ليتهم يتذكَّرون أنه لو دامت لغيرهم ما وصلت إليهم…