الرمح…
معن بشور
في كلّ مرة كنا نستقبل فيها الرئيس مسعد حجل في دار الندوة ليشارك مع رفيقة عمره ونضاله الأمينة ناديا أبو جودة في حضور محاضرة أو ندوة كنت اتفرّس في وجه ذلك التسعيني المنتصب القامة كالرمح، لم يداخله التعب من العطاء لحظه، ولم يتمكّن العمر من رسم تجاعيده على وجهه… فأتذكّر قول الرسام الايطالي العالمي ليوناردو دافنشي عن سرّ إبقاء وجه رائعته «لاجوكوندا» كالأطفال فيجيب: «انّ البراءة لا تشيخ»…
فعلاً البراءة عند مسعد حجل لا تشيخ وكيف تشيخ وهي الممتزجة عنده بهذا الكمّ من العطاء الوطني والقومي والإنساني…
مسعد حجل الذي ترأس لأكثر من مرة رئاسة حزبه السوري القومي الاجتماعي كان بالنسبة للعديد من الوطنيين في المتن الشمالي وعلى مستوى لبنان والمهجر الذي أمضى هزيعاً كبيراً من حياته فيه، وترأس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، رئيساً لهم أيضاً لأنه فهم الحزبية التزاماً وانفتاحاً في آن معاً… فالالتزام يحدّد البوصلة والانفتاح يغني المسيرة ..
في آخر لقاء معه في مكتبه الذي يجاور السفارة الفنزويلية حيث عقدنا لقاء تضامنياً مع الرئيس مادورو والشعب البوليفاري ضدّ التهديدات الأميركية… وعلى الرغم من أنه كان معروفاً بحبه للصمت… أفاض علينا يومها بالحديث عن تجربته الغنية داخل الوطن وفي المهجر وعن القيم الوطنية والقومية المزروعة فيه منذ الفتوّة والتي لم تزدها المعتقلات والمنافي إلا تجذراً…
رحمك الله أيها الرئيس… كم ستفتقدك ساحات النضال وميادينه… وكم ستفتقدك منابر الفكر ومنتدياته… وكم سيفتقدك أهلك ورفاقك ومحبوك الكثر.