لماذا الاستهتار بمخاوف الشعب ومطالبه؟
} أحمد عجمي*
يقف لبنان اليوم في نقطة مفصلية مصيرية حساسة لا بدّ ان نتوخى الحذر في اتخاذ قراراتنا فيها، إذ اننا على حافة الهاوية ان لم نكن قد سقطنا بالفعل، لا بدّ من الاستعجال في الحلول ووقف المماطلة لأنّ كلّ الوقت الضائع يحتسب في لعبة المستقبل والتنبّؤ بما قد يحدث مستحيل، وعلى الرغم من خطورة الموقف نرى استهتاراً واضحاً من قبل سياسيين في الدولة تقع على عاتقهم مسؤولية الوطن وهم بعيدون كلّ البعد عن مصطلح «المسؤولية»، وهذا ما يضعنا أمام السؤال التالي: لماذا لم يحضر حاكم مصرف لبنان جلسة مجلس النواب وتهرّب منها؟
شغل هذا الموقف النواب في الجلسة المخصّصة لبحث رفع الدعم عن السلع الحيوية والاحتياطي الالزامي، وقد لاقى اعتراضاً نيابياً واضحاً، فالغائب في هذه الحالة أياً كان يستهتر بمخاوف الشعب ومطالبه ويضعها على هامش النسيان.
إذن… فإنّ تغيّب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن الجلسة إهانة للنواب الذين يحاولون بجلسة مماثلة ان يخرجوا من صومعة الانحدار والتدهور، بالإضافة إلى أنها إهانة للشعب اللبناني المتمثل بشخص مجلس النواب والطبقة التي ينهش الفساد والوضع الراهن من لحمها، بينما تنتظر يد العون التي تمثلت بكرسي فارغ في اجتماع المجلس، ولنكن دقيقين أكثر فقد تمثلت بببغاء يتلو ما لقن إليه وما يردّد دائماً أمامه منذ زمن طويل.
إذن من يحمي رياض سلامة! من يقف في الظلّ ويربت على كتفه التي تحمل أوزاراً أطاحت بكلّ ما تبقى من وطن…
وما الكلمة المكتوبة التي أرسلت من حاكم مصرف لبنان، التي لا تساوي في فحواها الحبر الموضوع عليها، هذه الصورة رسمت أمام اللبنانيين صورة الشخص الذي هندس حياتهم بالكذب والنفاق لعقود من الزمن.
فرياض سلامة ومنظومة الفساد، رياض سلامة وجمعية المصارف، رياض سلامة خزان الصفقات، رياض سلامة وأجهزة الاستخبارات، رياض سلامة نجم السفارات، رياض سلامة…
هذا ما يجعل رياض سلامة لا يأبه بحضوره الى جلسة لا يرى فيها غير حفنة لا حول لها ولا قوة، فعلى نارٍ حامية تمّ النقاش حول مسألة رفع الدعم الكلّي أو الجزئي عن المواد الأساسية كالدواء والطحين والمحروقات، قبل أن يصل الاحتياطي الإلزامي من العملة الصعبة في مصرف لبنان الى أدنى مستوياته، لكن صاحب الحلّ والربط ضرب عرض الحائط بكلّ ما يعزز ثقة الناس ولو بالحدّ الأدنى من قول الحقيقة وإفهام الشعب بما يدور في كواليس أرباب السلطة، لكنه آثر أن يسير بسياسة الاغتيال لمقدسات المواطن اللبناني إنْ كان بماله أو بكرامته، فالمواطن لم يعد أولوية في هذا البلد بل التسويات وأنصاف الحلول والتبعية هي ما يدور في خلد الحاكم كما أكثر السياسيين في هذا الوطن.
اللبنانيون الذين وثقوا في الحاكم حينما طمأنهم عن وضع الليرة في الأعوام السابقة، وادّخروا أموالهم في المصارف اللبنانية، باتوا اليوم يجدون صعوبة في تصديق أيّ تصريح يصدر عنه، وهي نقطة سلبية تسجل على حاكم مصرف لبنان، فلا يمكن لأيّ مصرف مركزي العمل في غياب عامل الثقة.
لا مكان في السلطة لمن لا يحمل على عاتقه هموم شعبه ويسعى الى انتزاعها بكافة الطرق المشروعة، والاستهتار كلمة خارجة عن قاموس الوطن ومن يحملها فليخرج معها وليدخلْ كلّ من حمل الإيثار والتضحية والكرامة، لسنا بحاجة الى من يعمل تحت غطاء «من أجل الشعب والمصلحة العامة» وهو يقودنا الى مصالحه ويعمل جاهداً لاختصار المسافات إليها، فهل سنقبل الإهانة ونسكت عنها؟ بينما يعيد الفاسد في الدولة الكرة من جديد؟ أم أنّ لسلطة الشعب صوت آخر في ذلك؟
*نائب سابق