مسعد حجل مدرسة في النضال
بشارة مرهج*
مسعد حجل الرئيس الأسبق للحزب السوري القومي الاجتماعي شخصية فريدة من نوعها تعوّدت الصمود في وجه النوائب وبث الأمل في النفوس والعمل في أصعب اللحظات. أعطاه المولى عمراً مديداً فأحسن الشيخ الجليل الشكر عاملاً طيلة حياته بهمّة الشباب وكأنه في مهمة للتأسيس، حتى غدا رمزاً للمثابرة وقدوة في الالتزام. كلما تسلّم أمانة وفّاها، وكلما تسلّم مسؤولية أدّاها، وكلما حاصرته نكبة تغلب عليها حتى أستأنست به النفوس وتعلقت به القلوب، وتطلعت إليه زهور الربيع، وقد تجلى بينها شجرة صلبة تقطر جوداً وتفيض سماحة، وكأنه والفطرة صنوان لا يبغي ثناء ولا يرفض تكليفاً كالنهر يجري بذاته ويعطي من ذاته لتنمو على الضفاف ثمرات طيبات يقطف بعضها أهل الودّ والصفاء ويتوزّع البعض الآخر على دور ومؤسّسات ترعى وتعين.
ولكأنه في حياته الطويلة الزاخرة بالتضحيات والعطاءات كان ملحوقاً لا يضيّع لحظة منها خارج مسيرة الإنتاج والبناء حتى أنطوى العلم والمسيرة تعاند إصراراً واستمراراً. فإنْ لم يكن بعد في الميدان فالأفق مفتوح لتجربة صعب ان تذوي أو ان يلفها النسيان إذ تبقى تجربته منارة نادرة تلهم الأجيال الجديدة التي وقف نفسه لخدمتها وخدمة مجتمعها المتوجّع من غياب المبادرة وسطوة المرتزقة.
أرتحل مسعد حجل مراراً عن بلاده حيث برز في عالم الاغتراب وتألق. لم يسكر بنجاحاته الفردية هناك وإنما بقي وفياً لمبادئه ومجتمعه المتعطش الى الحرية والانطلاق فسخر إمكاناته لخدمة المغتربين ولبنان وبناء المؤسسات وتحديثها وكأنه في سباق مع نفسه يسائلها أين أخطأ وأين أصاب ليصحّح الخطأ بروح نقدية جريئة وليبني على الإنجاز ويطوره بروح الحداثة والعصر.
صحيح انّ مسعد حجل كان يمتلك العزم والمؤهّلات وروح المبادرة لإحراز النجاحات في غير مجال إلا أنه يجب الاعتراف بأنّ وجود شريكة حياته السيدة ناديا أبو جودة الى جانبه في المعارك والملمّات ساهم مساهمة فعّالة في تحقيق تلك الإنجازات وتثميرها لصالح المجتمع والمدرسة القومية الاجتماعية التي انتميا إليها وهما في المراحل الأولى من حياتهما.
والحق يُقال إنّ مسعد حجل في مسيرته الطويلة تعرّض لتجارب قاسية ومؤلمة على الصعيد الشخصي كما الحزبي، لكنه لم ينكفئ ولم يتراجع بل كان سريعاً ما يلملم جراحاته ويستنفر طاقاته مواصلاً العمل والنضال مستعيناً في كلّ آن بتعاليم النهضة المزروعة في صدره، مقتدياً بتضحيات سعاده، المؤسس الشهيد.