مناورة عسكريّة في غزة تحيّة لذكرى سليمانيّ وتحذير للاحتلال من المخاطرة بالعدوان
كلام نصرالله عن أزمة الثقة يفتح الباب لوساطات تُخرج الحكومة من عنق الزجاجة / دياب يرفع الصوت بوجه التحقيق: لماذا لم يسأل العارفون بالنيترات ومخاطرها وصمتوا؟
كتب المحرّر السياسيّ
أحيت غزة على طريقتها ذكرى استشهاد قائد فيلق القدس في الحرس الثوريّ الإيرانيّ الجنرال قاسم سليماني، فجاءت المناورات التي تخللها إطلاق الصواريخ تعبيراً عن التحوّل الذي دخلته قوة فصائل المقاومة في ظل رعاية ومتابعة سليماني لبناء مقدرات تتيح صناعة الردع بوجه الاحتلال، وكان إجراء المناورات بذاته حدثاً جديداً ولافتاً تحت عيون الاحتلال يعبر عن هذا التحول، وقرأت مصادر قيادة جيش الاحتلال المناورات كرسالة مكمّلة لكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن تنامي قدرات محور المقاومة، وتحذير جيش الاحتلال من أي مغامرة عدوانية.
لبنانياً، توقفت الأوساط السياسيّة أمام الكلام الداخلي للسيد نصرالله في توصيف أزمة الحكومة كحصيلة لتعقيدات داخلية لا علاقة لها بالحديث عن روابط بينها وبين الانتقال الرئاسيّ الأميركيّ، سواء لجهة الاتهامات بربط تفاوضيّ يريد الحكومة ورقة تحسّن موقع إيران في مفاوضات مع الإدارة الأميركية الجديدة نافياً وجود أي مفاوضات أصلاً حول الملفات الإقليميّة من الجانب الإيراني، أو لجهة الحديث عن تريّث الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري للتحرّر من الفيتو الأميركي على تمثيل حزب الله، بحيث تضمن كلام السيد نصرالله عن البعد الداخلي تحت عنوان أزمة الثقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري إيحاء ضمنياً بعدم اتهام الحريري بالسلبيّة تجاه تمثيل حزب الله، وتوقعت مصادر متابعة للملف الحكوميّ أن يترجم كلام السيد نصرالله بتحريك وساطات يكون على صلة بها قد يتولاها مجدداً المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لإخراج الملف الحكومي من عنق الزجاجة، خصوصاً أن شوطاً مهماً قد تمّ تجاوزه في عملية التفاهم على أكثر من نصف الحكومة كتوزيع للحقائب ومقبوليّة التسمية والحق بها، ويمكن للمزيد من المساعي والمخارج التي تقترحها أن تنجح بتجاوز ما تبقى قبل حلول موعد دخول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الى البيت الأبيض.
على الصعيد الداخلي أيضاً كان حديث رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أمام الصحافيين عن خلفيات موقفه من التحقيق العدلي، محور اهتمام لجهة استكشاف الاتجاه الذي يمكن أن يسلكه المسار القضائي المتوقف حالياً، حيث نقل عن دياب قوله، إنه إضافة لشعوره بجرح معنويّ وأخلاقيّ بسبب توجيه الاتهام إليه، يتساءل مثله مثل أي مواطن لبناني، أين هم الذين كانوا يعرفون بوجود نيترات الأمونيوم ومخاطرها وصمتوا عليها لسنوات، وهم موجودون بين القضاة الذي بقي الملف بين أيديهم سنوات، وفي مجلس الدفاع الأعلى الذي عقد 20 اجتماعاً في ظل حكومة دياب من دون أن يتحدّث أحد من المسؤولين العسكريين والأمنيين عن الأمر، فيما وجد مقرّبون من دياب أنه يُستهدف لمواقفه التي أزعجت دولاً كبرى تشارك من خلال تحقيقاتها الموازية مع التحقيق اللبناني، ووجدت فرصتها للانتقام من دياب على مواقفه.
ولا يزال الجمود السياسيّ يظلل المشهد الداخلي وبالتالي ترحيل الملفات الداهمة الى العام المقبل وعلى رأسها الملف الحكومي الذي ينتظر عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت لاستئناف المشاورات مع رئيس الجمهورية ميشال عون.
وحتى ذلك الحين تملأ القوى السياسية الوقت الضائع بالسجالات والاتهامات المتبادلة، لاسيما على خط كليمنصو – بيت الوسط على خلفية مواقف رئيس الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الأخيرة الذي حمل خلالها الحريري مسؤولية تأخير تأليف الحكومة بسبب فرض أسماء الوزراء على الرئيس عون.
وردّ نائب رئيس تيار “المستقبل” مصطفى علوش على جنبلاط بالقول إن “المشكلة عند رئيس الجمهورية ميشال عون لا الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري”. ورد علوش على كلام رئيس الحزب “الاشتراكي” وليد جنبلاط حول أخطاء الحريري بفرض أسماء على الرئيس عون، قال علوش في حديث تلفزيوني: “لا أدري أين تذهب مروحة جنبلاط، إذ يتحدث حيناً يميناً ثم يعود ليتحدث شمالاً، فليقل لنا ما قصده بذلك وليخفف “غلبته شوي”.
كلام علوش استدعى رداً تصعيدياً من الاشتراكي، إذ كتب عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله على تويتر قائلاً: “للمرة الثانية خلال شهر، ينبري نائب رئيس تيار المستقبل، مهاجماً ساخراً ومحاولاً استيعاب إشارات وملاحظات وليد جنبلاط، فيخفق في الرد، ولو حاول ارتداء قناع الصقور في تياره حصداً للشعبويّة. لن نساجلك في هذه الظروف، لأن فشلك واضح في تقمّص دور منظر التيار!”.
وفي سياق الحديث عن اتجاه لتفعيل المبادرة الفرنسية مطلع العام الجديد، برزت زيارة رئيس لجنة الصداقة النيابية اللبنانية – الفرنسية في مجلس النواب الفرنسي النائب الفرنسي لوييك كيرفران Kervran Loïc، إلى بعبدا حيث التقى الرئيس عون بحضور النائب سيمون أبي رميا. وأكد النائب الفرنسي التزام بلاده “الوقوف الى جانب لبنان في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها، لا سيما بعد انفجار مرفأ بيروت وتداعيات جائحة “كورونا”.
ولفت الى “ضرورة تأليف حكومة جديدة كشرط أساسي لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة والحصول على المساعدات الدولية خصوصاً من خلال مؤتمر “سيدر”. وأكد النائب الفرنسي أن “المبادرة الفرنسيّة لا تزال قائمة، وأن فرنسا لا تترك لبنان في هذه الظروف وأن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ملتزم تعهداته تجاه لبنان”.
كما أكد أن “الرئيس الفرنسي لديه إرادة ورغبة بزيارة لبنان على أن يتم تحديد موعد جديد للزيارة وفقاً للظروف”. وأطلع النائب كيرفران رئيس الجمهورية على عمل لجنة الصداقة اللبنانية – الفرنسية، كاشفاً عن أن “المؤسسات المدنيّة في فرنسا، كما البلديات وكذلك النواب استطاعوا تأمين مبلغ 3 ملايين أورو مساعدات للبنان بعد انفجار مرفأ بيروت”.
وقالت مصادر متابعة للحركة الفرنسية لـ”البناء” إن لفرنسا مصلحة استراتيجيّة في تفعيل حضورها في لبنان الذي يشكل لها الباب الرئيسي للدخول الى المنطقة وتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي، ولذلك سيستمر الحضور الفرنسي في لبنان وسيترجم بتجديد المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون”، كما لفتت الى أن “لبنان يشكل البوابة التي ستدخل منها فرنسا الى سورية بعد استكمال التفاهمات الإقليميّة – الدوليّة وإنضاج الحل السياسي في سورية وعودة الاستقرار إليها”، ورجّحت المصادر أن تجري فرنسا “محادثات مكثفة مع الأميركيين فور تسلم الإدارة الجديدة وذلك لانتزاع الضوء الأخضر الأميركي لتسهيل مهمة الرئيس الحريري بتأليف الحكومة”.
في موازاة ذلك أشارت أوساط سياسية لـ”البناء” أن “السبب الأول لتأخير تأليف الحكومة هو أزمة الثقة بين الرئيسين عون والحريري بعد تراكمات من الخلافات والتراجع عن الوعود وعدم الالتزام بالاتفاقات”. أما السبب الآخر بحسب الأوساط فهو “رهان بعض الأطراف الداخلية والإقليمية على أحداث وتطورات أمنية – عسكرية كضربة أميركية على إيران قبيل رحيل إدارة الرئيس دونالد ترامب وانعكاس ذلك على موازين القوى في لبنان لصالح حلفاء الولايات المتحدة ودول الخليج”. فيما لفتت مصادر مقربة من رئيس الجمهورية لـ”البناء” الى أن “الرئيس عون هو لطالما كان المسهل الأول للمبادرة الفرنسية ولتأليف الحكومة ولا يزال وسيعمل بقوة على هذا الهدف، لكن الكرة في ملعب الآخرين”، موضحة أن “الرئيس عون لن يقبل بأن تُفرض عليه تسمية الوزراء المسيحيين فيما تحتكر قيادات الطوائف الأخرى والأطراف السياسية تسمية الوزراء المحسوبين عليها”، مشددة على أن “الرئيس عون يعتبر أن المعايير الموحّدة والمساواة بين القوى السياسية هو الباب الرئيسي لتأليف الحكومة، وبالتالي لن يوقع مراسيم حكومة تخالف الأصول الدستورية والتوازنات السياسية والطائفية والنيابية”.
على صعيد آخر، أفيد أن محكمة التمييز الجزائية طلبت من المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي فادي صوان عبر النيابة العامة التمييزية ملف التحقيقات، لكن صوان امتنع عن تزويدها بالملف مبرراً أن محكمة التمييز لم توقف السير بالتحقيقات.
وفي السياق نفسه، أكّد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أنّه أوّل من فتح الباب للمحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي صوان. وسأل دياب: “هل لأنني لم أنزل الى المرفأ أصبح أنا الفاسد؟”. وقال في دردشة مع الصحافيين في السرايا الحكومية: “إذا كان لدى القاضي صوان أي شيء ضدي فليرسله الى المجلس النيابي والأمور تسلك مجراها وأنا أحتكم للدستور”. وسأل “هل يُعقل أنّه ضمن ادّعاءات القاضي صوان لا يوجد اسم قاضٍ أو أمنيّ بينما يدّعي على رئيس الحكومة؟”. كما كشف دياب سبب إلغاء زيارته المرفأ قبل الانفجار، قائلاً “لم أنزل إلى المرفأ لأنّ وصلتني 3 معلومات مختلفة على مدى ساعتين وخلال 20 اجتماعاً للمجلس الأعلى للدفاع لم يرفع أحد يده ليُبلغ عن وجود النيترات. وهم يعرفون”.
على صعيد آخر، أكد دياب “أننا ذاهبون إلى الإقفال إذا زادت نسب الإصابات بكورونا وعدم الالتزام، قائلاً “يوم الاثنين نأخذ القرار وإلا هناك خشية من الدخول في النموذج الإيطالي”، مضيفاً “سنزيد قريباً 100 سرير، 60 في المستشفيات الخاصة و40 في المستشفيات الحكومية”، مشيراً الى ان “إصابات كورونا طفيفة في المدارس ولا خوف على هذا الصعيد”.
وكان دياب التقى وزير الصحة العامة حمد حسن الذي قال بعد اللقاء “أطلعنا الرئيس دياب على آخر الاتصالات الجارية مع شركة “فايزر”. حصل تأخير في النقاش حول بعض النقاط، لا سيّما في مقدمة العقد. فنحن وشركة “فايزر” لدينا بعض الملاحظات التي يجب أن نأخذها في الاعتبار، منها الحصانة السيادية وعدم وجود قانون نافذ يحمي الشركات المصنّعة للأدوية واللقاحات لاستخدام المنتوجات بصورة طارئة. وأكد حسن أن “هذه الملاحظات لن تؤثر على موعد وصول اللقاح قبل منتصف شهر شباط المقبل”. أما بالنسبة إلى الجدل القائم حول موضوع إقفال البلد والمطار بعد الأعياد، فأوضح حسن أن “نتيجة التجارب السابقة وصلنا لخلاصة تؤكد حتمية ملاحقة البؤر الوبائيّة في المناطق التي تتواجد فيها أعداد إصابات محددة، والعمل على تتبعها ومعالجتها أو إقفال تلك الأماكن، إلى جانب إلزامية وضع الكمامة والتشدد في إجراءات القوى الأمنية”.
ولفت إلى أن الـ “كورونا” المتحوّل منتشر في أكثر من 12 دولة في العالم، والإجراءات المتخذة نفسها المطبقة مع الكوفيد -19. وأضاف: “الواضح أن لبنان بعد العاشر من كانون الثاني سيسجل ارتفاعًا في أعداد الإصابات”. وأعلن أن “وزارة الصحة العامة حوّلت مستحقات المستشفيات كافة، والمطلوب من مدراء المستشفيات الحكومية أن يلتزموا بمسؤولياتهم لنكون قدوة لإسعاف الناس”.
وأكدت مصادر صحية رسمية لـ”البناء” أن لا خطر على لبنان من السلالة الجديدة لكورونا لسبب أنها سريعة العدوى لكن أثرها أقل فتكاً من الكورونا العادية، ولذلك المهم ليس سرعة الانتشار بقدر أثرها على المصاب وبالتالي قد يرتفع عدد الإصابات، لكن في المقابل سترتفع نسبة الشفاء إلى 90 في المئة”. وقالت المصادر إن “لبنان بعد أخذ اللقاح سيتمكن من العودة التدريجية الى الحياة الطبيعية في فصل الصيف المقبل مع سلسلة إجراءات وقائية ستعم مختلف المواطنين”.
وكان وزير الصحة العامة أكد بعد اجتماع للمراقبين الاختصاصيين الصحيين التابعين للوزارة، أن “الخطة المقبلة ستقوم على عزل بعض المناطق التي تشهد تسجيل بؤر وبائية محدودة بهدف محاصرتها بحيث تكون الفرق الميدانية المختلفة التابعة لوزارة الصحة العامة، العين المراقبة التي تواكب بالتنسيق مع البلديات، فعالية الإجراءات المناسبة بهدف التصويب وتحقيق الأهداف المرجوة”.
وأعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 2298 إصابة جديدة بفيروس “كورونا”، رفعت إجمالي الحالات المثبتة إلى 175118. كذلك، سُجلت 21 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الاخيرة، رفعت إجمالي الوفيات إلى 1430.
على مقلب آخر، وبعدما أشيع عن أزمة محروقات في الأفق، طمأن ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي ابو شقرا من أن “ازمة البنزين قد حلت، ومشكلة الاعتمادات في طريقها الى الحل، اذ بدأت البواخر بتفريغ حمولتها”، مؤكداً أنه “تم توزيع مادة البنزين اليوم (أمس) على المحطات على ان يتواصل التوزيع بشكل أكبر غداً (اليوم الأربعاء)”.
ووقّع رئيس الجمهورية ثلاثة قوانين الأول اعتبار العقد التشغيلي المتفق عليه بين مؤسسة كهرباء لبنان وشركة كهرباء زحلة نافذاً وتمديد العمل به، والثاني تمديد بعض المهل ومنح بعض الإعفاءات من الضرائب والرسوم، أما الثالث فيقضي بتعليق العمل بأحكام قانون السرية المصارف لمدة سنة واحدة.
في غضون ذلك وبعد أيام قليلة على مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورسائل التهديد الردعية التي حملتها ضد العدو الإسرائيلي يواصل العدو التخبّط على الحدود والتوهم بوجود حركة عسكرية لحزب الله. ونشر المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، تغريدة على حسابه الرسمي على “تويتر”، أكد من خلالها أن “الجيش الإسرائيلي رصد في وقت سابق اليوم، مشتبهاً بهم اقتربوا من السياج الأمني على الحدود بين “إسرائيل” ولبنان”.