ما علاقة سلاح المقاومة بإفلاس الدولة وسرقة أموال المودعين وأين التحقيق الجنائي المالي والتحقيق في انفجار المرفأ؟
عمر عبد القادر غندور*
قال أحد رموز الحرب الأهلية الدامية في لبنان «إنّ المقاومة هي التي أوصلت لبنان إلى ما وصل إليه من الانهيار على كافة الصعد»!
وقال آخر: «إنّ سلاح المقاومة يتعارض مع الدولة»!
وقال ثالث: «حان الوقت لمواجهة سلاح المقاومة»!
وآخرون عزفوا على ذات النوطة بعد أن حرّفوا كلاماً لأحد ضباط الحرس الثوري الإيراني، ووجدوا أنّ الوقت بات مناسباً للإطباق على سلاح المقاومة!
ولما كان هؤلاء أعجز من حماية ساحاتهم، كان الأمل يحدوهم أن يقوم الجيش «الإسرائيلي» بهذا الأمر، وقد تعوّدوا منه الدعم، أو من القوى التكفيرية المعروفة!
ما يهمّنا من هذا العرض أن نبيّن إذا ما كان سلاح المقاومة هو الذي أدّى الى إفلاس لبنان وإذلال شعبه بالفقر والعوز.
منذ أن كان لبنان حلماً في عقول من عاش على أرضه من الآباء والأجداد، اندلعت مناوشات واشتباكات متنقلة بين أبنائه تطوّرت إلى حرب ضروس دامية بين الموارنة والدروز، ما اضطر القوى الغربية وبالاتفاق مع السلطنة العثمانية الى تقسيم لبنان إلى مقاطعتين الأولى شمالية يحكمها ماروني والثانية جنوبية يحكمها الدروز. وبقيت ارتدادات هذه الحرب تتردّد بين الأجيال حتى العام 1920 إعلان دولة لبنان الكبير وحتى العام 1943 تاريخ استقلال لبنان.
ومنذ ذلك التاريخ عرف لبنان خضات أمنية بفعل التنوع السكاني والأحداث السياسية والأحلاف في الجوار اللبناني وكان انعكاسها قوياً بين المكونات اللبنانية. وفي العام 1958 انقسم اللبنانيون بين فريقين أحدهما مؤيد لحلف بغداد ومعارض للوحدة المصرية السورية، والثاني مؤيد للوحدة التي أعلنت بين مصر وسورية بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر.
ولا ينسى اللبنانيون الحرب الأهلية وخطوط التماس بين شطري لبنان عام 1956، وفي العام 1969 عرف لبنان أحداثاً دامية على خلفية اتفاق القاهرة.
وفي العام 1973 عرف لبنان حرب تشرين الأول/ أكتوبر، واجتاحت «إسرائيل» الجنوب اللبناني وارتكبت من الجرائم ما هو باقٍ في ذاكرة الجنوبيين.
وفي العامين 1975 – 1976 كانت الحرب الديمغرافية بين اللبنانيين.
وفي العام 1982 اجتاحت «إسرائيل» لبنان واحتلت عاصمته، وفي هذا العام ظهر سلاح حزب الله الى العلن وأخرج «إسرائيل» المحتلة من جنوب لبنان دون قيد أو شرط في العام 2000.
وفي نهاية عهد الرئيس أمين الجميّل انقسم لبنان بين حكومتين إحداهما برئاسة الرئيس سليم الحص والثانية برئاسة العماد ميشال عون، وقد رفض آنذاك قائد القوات اللبنانية سمير جعجع ان يكون لبنان ممثلاً بحكومة العماد عون فاندلعت حرب الإلغاء وشهدت المناطق المسيحية دماراً وعشرات الضحايا. وفي العام 2007 شهدت البلاد معارك ضارية في نهر البارد وسقط للجيش مئات الشهداء، وفي العام 2006 شنّت «إسرائيل» هجوماً برياً وجوياً على لبنان لتصفية حزب الله والمقاومة، لكن العدوان باء بالفشل وانتهى الى عكس ما أراده العدو لا بل ازدادت المقاومة قوة وصلابة.
وبعد هذا العرض المختصر يتبيّن انّ لبنان قبل الاستقلال وبعده شهد حروباً وأحداثاً دامية لم تفارقه أبداً وكأنها سمة من سمات وجوده.
وما أوصل لبنان إلى ما وصل إليه اليوم سببه استئثار القوى المتسلطة على مقاليد الدولة باسم الطائفية والمذهبية والمناطقية، فعاثت فساداً بعضه من بعض، «أعطيني لأعطيك وغطيني لأغطيك»، وهذه فضيحة التحقيق بانفجار المرفأ وتعطيل التحقيق المالي وهو مفتاح الدخول إلى مغارة اللصوص التي أفلست البلد وسطت على أموال المودعين المساكين.
أما أن يقول من يقول إنّ سلاح المقاومة هو سبب انهيار البلد فهو قول مردود على أصحابه، لأنّ سلاح المقاومة لم يُرفع إلا للدفاع عن لبنان وشعبه، وكان ذلك واضحاً جلياً كعين الشمس يوم أخرج «اسرائيل» وقواتها مرتين عام 2000 و 2006 وأوجد معادلة الردع ووضع حداً للعربدة «الإسرائيلية» على حدودنا. والجنوبيون وحدهم الذين يعرفون نعمة سلاح المقاومة على حدودنا الجنوبية، بعد أن ذاقوا مرارة الذلّ والهوان يوم كانت الدوريات «الإسرائيلية» تدخل الى القرى ليلاً وتنادي عبر مكبّرات الصوت الأهالي للتجمّع في ساحات القرى لاعتقال من تشاء، ما يضطر الأهالي الى الطلب من الشباب المبيت في الحقول والبراري لتفادي الاعتقال، وهذا ما حصل في مركبا وعديسة وكفركلا والوزاني ومارون الراس والطيبة وميس الجبل وغيرها… وفيما لا تزال مزارع شبعا محتلة، فإنّ القرى الجنوبية اليوم بعهدة سلاح المقاومة والجيش اللبناني الذي يحرمونه من السلاح والتسليح الحقيقيين، تنعم بالهدوء والأمان وينتعش العمران حتى ملامسة الشريط الحدودي الفاصل وتشعّ القرى بأنوار الكهرباء بينما المستعمرات الصهيونية تطفى الأضواء مع غروب الشمس.
اما تلك الحملات على سلاح المقاومة فتبقى عويلاً وصراخاً في فضاء مكشوف، ولن يفهم المتخاذلون والمتآمرون كلام سماحة السيد حسن نصر الله في الذكرى الأولى لجريمة اغتيال الشهيدين الحاج قاسم سليماني والحاج مهدي المهندس ورفاقهما عندما قال: انّ الحملات والعقوبات لن تؤثر بأيّ شيء حتى لو حاصرونا بالأرض فنحن معنا السماء والبحار والملائكة وما خلق الله ما نعلم وما لا نعلم مهما فعلتم ستفشلون لأنّ من يتوكل على الله سينتصر وما النصر إلا من عند الله «وَكَفَى بِاللَّـهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّـهِ نَصِيرًا – ٤٥ –النساء»
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي