الوطن

الخلاصات الميدانية لاستشهاد المجاهد الأممي قاسم سليماني

} السيد سامي خضرا

منذ  اللحظات الأولى للاغتيال الآثم علَّمَنا أنَّ المُصاب جَلَل والخسارة عظيمة ولكننا في آن علَّمَتْنا التجارب أنّ طريق المجاهدين والأولياء الذين هم قدوة أهل الفداء والعطاء منتصرٌ دوماً ومهما كانت النتائج.

وهذا ما يجبر الخواطر عند حلول المخاطر.

فالمشاهد التي تَلَت أيام الإغتيال كانت مُذْهلة حيث كانت ردود الفعل غاية في التعبير والوجدان وتنضح بالكرامة والعزة والعنفوان لكثير من الناس من شامنا إلى أقصى يَمَنِنا إلى سائر عالمنا المستضعف وبعض الردود المُحِبَّة قد لا نجِد لها تفسيراً!

فالتفاعل والعاطفة وتعابير الحب والمَمْنونية وذِكر أفضال هذا الشهيد صاحب الشخصية المُؤثِّرة والتي كان عطاؤها مَخْفيا بمُجْمله، فإذا به يظهر فجأةً بكلّ عظمته وميِّزاته واستثنائيته.

والذي جذَّر الحَدَث في الوجدان أنّ الناس اعتادوا على شخصيات سياسية أو عسكرية أو قيادات وزعامات ليست من الصنف الذي يرَونه في الشهيد قاسم سليماني.

فإعلامنا وتربيتنا وثقافتنا المستوردة كانت تُقدِّم لنا حصراً شخصيات جُلُّها غربي أو من غير بيئتنا لأنه ممنوع علينا أن نطَّلع أو نتعرف أو نقتديَ بشخصيَّاتنا التاريخية المُميَّزة!

بينما شخصية الشهيد قاسم سليماني وبالرغم من دورها وموقعها وتأثيرها الإقليمي وأكثر إلاَّ أنها بقِيت بعيدة عن الأضواء والشهرة لتعمل بهدوء ودأب ومثابرة وإخلاص وتواضع وتُرابية ودون أطماع ومصالح شخصية.

هذه الشخصية التي تعمل وتعطي بدقة وبلا حساب مُتخطيَّة الحواجز الإقليمية والحدودية والمذهبية لتربط بين المحاور والأقطار والشعوب.

فاستطاعت أن تُوحِّد مُقاوَمات أنهكهَا التفكك والتشرذم فَمَنَحها أملاً وحقق لها انتصارات:

منها ما مضى ومنها ما ظهرت بوادره، كما أعطى صورة للأجيال الفتِيَّة والشباب والمسؤولين كيف تكون العطاءات والتضحيات.       

وتسارعت الأحداث بعد الإغتيال وعلى أكثر من صعيد ودخلنا مرحلة جديدة وظهرت جملة مواقف وتطورات ميدانية نُلخِّصها بالتالي:

بات المحور المقاوم واضح التوجُّه ومُتلاحِماً ومُتناغماً أكثر من أي وقت مضى.

وفي المقابل فإنَّ المحور المُعادي وكما عبَّر عنه أكثر من مسؤول معاد بات مُرتبكاً بل مُتخبِّطاً في المواقف والتخمينات والتوقُّعات.

كما ومنذ أيام التشييع المهيبة حصل تلاحمٌ غير مسبوق داخل الشعب الإيراني من جهة، وهو والشعوب الأخرى المُتعاطفة من جهة ثانية.

فالإغتيال خَلَقَ تعاطفاً وكَشْفاً لأهمية التَّجاوُر الجغرافي والتداخل الديموغرافي لشعوب أقطار المنطقة.

كما انكشف كلّ التضليل الذي كانت تُمارسه الحكومة الأميركية لتصوير حرصها على الشعب الإيراني وأنها تُدافع عنه من أجل أسباب إنسانية وديمقراطية فسقط كل ذلك من خلال الحضور الشعبي غير المسبوق والإستثنائي والذي يُعدُّ أكثر من استفتاء بل هو تجديد للثورة ومبايعة مُتجدِّدة فاجأت القريب والبعيد.

وأما على الساحة العراقية وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي قامت بها سابقاً الحكومة الأميركية لتقسيم وتفريق الشعب العراقي إلاَّ أنَّ التلاحم الحاصل الذي ظهر بعد جريمة الإغتيال كان غاية ما يطلبه الحريصون على الساحة العراقية الداخلية.

ولا نستطيع إغفال ما أُصيب بها طغاة الحجاز والإمارات الذين ما زالوا يتخبّطون بين الحيرة والخوف ولم يدخلوا دائرة الأمان حتى الآن لا بالخضوع ولا بالإغراء ولا بالأموال ولا بالإنصياع ولا بالخيانة ولا بالتَّزلف ولا بالتطبيع

بل يقف هؤلاء على حافة الهاوية عند حفرة المجهول المؤدي إلى وادي الظلام حيث لا يعرفون مصير ليلهم بعد نهارهم أو مصير ساعتهم بعد ساعتهم!

هذه جملة من الخلاصات الميدانية التي تولَّدت ببركة استشهاد المجاهد الأممي قاسم سليماني ورفاقه.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى