خطاب تمهيديّ للتطبيع
– ترتسم في خطاب بعض القيادات اللبنانيّة مخاطر تهدّد الوضع الداخليّ، فتبلور فريق لبناني يقدّم العلاقة مع كيان الاحتلال خارج نطاق المحرّمات كفيل بتهديد السلم الأهلي، وهو أمر لم يجرؤ عليه أحد من قبل، حتى الذين تعاملوا مع الاحتلال وحملوا السلاح تحت رايته، بقوا يتنكرون لتاريخهم ويدعون لطي الصفحة على قاعدة التسليم باعتبار العداء للكيان عامل جمع لبناني عام.
– الخطاب الجديد متفلسف، لكنه مفخّخ، يقول إن المنطقة موزّعة بين ثلاث قوى كبرى هي إيران وتركيا و”إسرائيل”، وإن أحد أهم العوامل في الشرق الأوسط هي “إسرائيل”، وإن العالم العربي منقسم بين مؤيد لأميركا ومؤيد للتمدّد الإيراني، داعياً لعدم الاستهانة بالتمدد الإيراني، والفرس للمرة السادسة على المتوسط، ولبنان تحت احتلال إيراني، ثم يقول يجب ألا نفقد الأمل، فماذا نستنتج؟
– الإستنتاج البديهي أن هذه النظرية تدعو من باب محدودية الخيارات، إلى الانضمام لفريق عربيّ مؤيد لأميركا، قرّر التعاون مع أحد أهم العوامل في الشرق الأوسط، أي “إسرائيل”، من منطلق عدم الاستهانة بالتمدد الإيراني ووقوع لبنان نحن سيطرته.
– هذا لم يعُد استنتاجاً بل هو خطاب علني لقيادات لبنانية وسلوك عمليّ لقنوات إعلامية لبنانية، ومن يتذكر مرحلة الاحتلال وما تلاها مع اتفاق 17 أيار سيتذكر أن نسبة التجرؤ والمجاهرة في الاستعداد لمد اليد للتعاون مع “إسرائيل” تبدو الآن أعلى، وأن تبرير التطبيع الخليجي الإسرائيلي قياساً بالتنديد باتفاقيات كامب ديفيد، لا تفسره إلا معادلة قالها أنور السادات بعد كامب ديفيد، أن نصف معارضيه كانوا سيقفون معه لو كانت مصر قادرة على دفع الأموال.