أهذا هوالمصير؟! أم النهاية؟
} علي اليسوعي
نساوم بغباء وبتغابي! نراهن على قراء الفناجين وتوقعات الفلكيين والمنجمين! ونمشي بعيون مطمشة! فاقدين العقول والتعقل! نعيش طالبين من العالم أن يتفهّمنا! ولا إرادة عندنا للفهم والتفاهم! نختزل الإيمان بالله! بصلاة تنتهي قبل أن تبدأ! بتحميل الاله مسؤولية كلّ المصائب والكوارث! وحتى جائحة الوباء! نتهمها بالظلم والإجرام! وننسى أنّ هذا الفيروس لا يميّز بين مثقف وغبي ولا بين كافر او تقي! ونجد أنفسنا معتقلين في سجون الإعلام المرتزق! تحميه جيوش الأخبار الكاذبة! المحكومة من قبل لصوص الساسة العالمية! ومافيات الشاشات المرئية! ومواقع التواصل المأجورة! تعلو أصواتنا المبحوحة! ونحتمي بالفذلكة الببغائية! مردّدين شعارات إستوردناها من بيوت التصدير الأميركية مدّعية ربيع التغيير باسم حقوق الإنسان وكرامته! لنقتل ونشرّد وتهدم بيوتنا ومدننا! وليحرق تاريخنا! وتسرق آثارنا! ويجوع أطفالنا! باسم الغنى المزعوم! والموهوم! وهم الذين سلّموا مصيرنا لنواطير وحراس مؤمراتهم وصفقاتهم! لنحكم من عبيد وخونة يتاجرون بحقوقنا! التي إعتقلوها! لنباع! ولنحتمي بما سموه اتباع! نحن من ادّعى الفقر وعاش في زمن الترف! ونحن من ادّعى العفة وباع الشرف! نحن من قبل حماية الأوصياء والدفاع عنهم بدمائنا ودماء أولادنا وأحفادنا! ليعيش حكام الطوائف والمذاهب! وتبقى السلالة!
نحن من أكل من خبز «السلطان» والمالك لنضرب بسيفه! نحن من قبل العبودية! ووظفنا كعبيد عند أمراء المذاهب!
حملنا السلاح لقتل بعضنا البعض! وفي كلّ أزمة وكارثة تحالفنا لبقاء منظومة الاقزام واللصوص والحيتان! نحن من حمل رايات الاستعباد! وردّدنا خطب الفاسدين! ضدّ الفساد! نحن من سوّق لحكم السفارات! وسخرنا الأديان لتعميق خلافاتنا! والقضاء على ما يجمعنا! ألا وهو الانتماء لوطن وليس لمذهب! تعوّدنا أن نحمل الضدّ فينا! ونكذب على أنفسنا! ولسنة مرّت بكلّ مآسيها! هذه التي أطعمتنا البؤس! لتخدّرنا المصائب! ولم تغيّرنا! هي السنة التي فضحت الحقيقة وأسقطت كلّ الأقنعة! وارتفعت أصواتنا ضدّ الفقر! لتتكاثر برامج الطباخين! ضد البذخ! لنرتدي آخر موضة! من الألبسة! ونصنف أحوالنا تحت خط الفقر! ونطلق الرصاص في الهواء! في كلّ المواسم والاعياد وحتى بنجاح أولادنا الى الصف الرابع! وحتى لولادة بقرة أو نعجة بالسلامة! وفي نهاية سنة وبداية أخرى تقوم القيامة! والإثبات الدامغ! في كلّ ّمرة يقتل الأبرياء! ونحمل السبب لرصاص طائش! وحقيقة الواقع الأليم أنّ الطائش من أطلق هذا الرصاص! ومن دفع ثمنه! ومن اشترى وتاجر بهذا السلاح! أو أنّ المرحوم الأديب العبقري سعيد تقي الدين كان على حق! حين قال: «عندنا في لبنان يفتخر الإنسان أنّ في كلّ بيت بارودة، وليس في كلّ بيت مكتبة»!
كم هو ثمن الرصاص الذي أطلق في مدينة الفقراء طرابلس؟! ومن دفع هذه الأموال؟! ألم يكن باستطاعته أن يبني مكتبة أو مستوصفاً أو مدرسة مجانية! لهؤلاء الفقراء؟! ومن هم الذين أطلقوا هذا الرصاص أليسوا الفقراء؟ حماة الميليشيات المذهبية، ولما هذه الأصوات التي تعلو ضدّ سلاح المقاومة! وفي كلّ مدينة ومنطقة بؤرة من بؤر التسلح المخطط له! لحروبنا المذهبية! وهذه هي مصيبتنا نتحارب ونتقاتل باسم الغباء من أجل بقاء الأغنياء وأمراء المذاهب! لمصلحة الأعداء! ونعود لنتذكر قبل أن ننسى! ترتفع أصواتنا ضدّ المنظومة المتصهينة والمتأمركة! وفشلهم في احتواء الوباء. تعالوا لنتذكر، لان اللبناني يتناسى، قبل أن ينسى! من الذي رفض وضع الكمامة! ولم يلتزم بخطة الابتعاد والتباعد؟! ومن هم الذين كانوا يسكنون المطاعم والملاهي والمقاهي! حيث النراجيل تتنافس بكلّ أنواع الروائح والنكهات، وأكبر شاهد أنّ العالم بأكثر بلدانه تقبل خطة التباعد! ولكن ليس في لبنان! وطن العجائب والاكاذيب! وكما نشرت كلّ شاشات التلفزة! صور اللبنانيين يعيدون بنهاية سنة الكوارث والمصائب والوباء! ويهللون لسنة جديدة! احتفل اللبنانيون بإطلاق الرصاص وقتل الأبرياء! وفي الملاهي والمقاهي بلا كمامات! مع النراجيل والموسيقى الصاخبة! والرقص والغناء! وكيلوات من البوتوكس! وأنواع التجميل التي لا تحصى ومن الوان التكحيل! وكم من القبلات التي احترقت فوق الشفاه التي عشقتها النراجيل المشتعلة! ومن دخانها وذراتها تناقل الفيروس بلا حياء! يا ترى هل الفيروس غبي أم نحن الاغبياء! نحن من وضع الأعراف والدساتير! وخطونا فوق القوانين! ورمينا كلّ القيم والمفاهيم! تحت أقدامنا! ودفعنا ثمن التجمل الزائل! لنخسر جمال الاخلاق الأزلي! نحن شعب تعرى من الحياء! لنعيش مع الخداع واللامبالاة! نحن من يكذب على واقعنا الأليم! نحن من سرق مع اللصوص! وبزخ مع المقامرين! وراهنا على المرتهنين! وتاجرنا بكلّ ما نملك من ثروات القيم والمفاهيم! نحن فقراء أغنياء الأكاذيب والحيل! نحن رصاص الموت لحماية السماسرة والمقاولين! نحن الجوع مع الترف! نحن العراة مع أغلى الماركات الأجنبية من الألبسة! نحن الفقر مع كيلوات البوتوكس وعمليات التجميل! نحن الموت الموقوت بسلاح المليشيات! نحن الوطن الذي سلمناه إلى السفارات! نحن الأطفال الكبار! متسكعين أمام ابواب الأوصياء! والعرابين! نحن الرقص على ألحان الوطن المقتول! نحن دولارات الفنانين المتسلقين بأموالنا نحو نجومية الليالي الحمراء! نحن شعب لا يعرف الخجل! نقتل أبطالنا إن كان هناك عندنا بطل!! وما تعلمنا يوما ولو لمرة من الفشل! نحن شعب يتسوّل ليسكر! نحن شعب يدفع ثمن الرصاص من خبزنا اليومي! لنموت إما من الجوع أو من طائش يلعب بسلاح الموت! نحن شعب باع الثقافة! لنعيش في زمن الجهل والسخافة! وتنام فوق أسرة الخيانات ما سميناه صحافة! عفوا يا وطني! هناك فوق أرضك يا لبنان إعلاميون مأجورون! هناك فوق ارضك من قرأوا تاريخك بالعبرية! هناك فوق أرضك من يطالب السوريين بالذهاب إلى سورية! وغاب عن عقولهم أنك ابن وقلب سورية! وتناسوا أنّ هناك فوق ارضك فقراء ومساكين! أنّ هناك مقاومين ومناضلين! ومثقفين! وقد تناسوا أنّ المسيح ولد في فلسطين آرامي سوري! وأنّ مار مارون كان سورياً! اخاف على السيد المسيح أن يُدعى عبرياً! أو وثنياً! مردّداً مع الشاعر، إنْ عدت اليوم ثانية لحاربك الداعون إليك! ودعوك وثنياً! أهذا هو مصيرنا؟! هي سورية أمك ترفع ذراعيها لتضمك إلى صدرها! يا لبنان! هو المصير وليست النهاية! أما حان الوقت أن نتيقظ من بنج النراجيل! والوجاهة المقنعة؟! وان نعي خطورة الإعلام المأجور! والجيوش المرتزقة من الخطباء باسم الدين! والتعصب! والحقد؟! وأقسم لك أن الوطن الذي دفع ثمنه دماء ودموع ووجع! واحترقت كلّ الشموع باسمه لن يزول!! هناك فوق ارض جنوبك أمهات تصلي! ودماء تتكلم! وقبور شهداء! تنادي بالحياة! وهو المصير. تعالوا لنقرأ الماضي لنحيا اليوم ونعمل للغد! تعالوا نتعرّف إلى من نحن…
هذه هي البداية! وليس هناك نهاية! إلا لما هو مزوّر وكاذب! قد تنتهي المصائب! ولكن ستبقى المصاعب! وسيبقى فوق ارضك مقاوم! كي لا يبقى مساوم! كي نقتل الوقاحة! وليحيا الحق معنا والصراحة…