ظافر أنور الخطيب “وسام” على صدر أهل التغيير في لبنان
} معن بشور
لم يكن في وضع ذلك الطالب المتميّز في جامعة بيروت العربية، وأبن العائلة الشحيمية التي خرج منها أكثر من نائب ووزير وقائد في الحياة الوطنية اللبنانية والقومية العربية، ما يدعوه لأن ينتقل في نضاله من التظاهرات والانتفاضات الطلابية والشعبية الى أحياء الفقراء في الشياح مدافعاً عن وحدة لبنان وعروبته، ورافضاً مع رفاقه في “رابطة الشغيلة” كلّ محاولة لجرّ البلاد الى حرب طائفية…
ومع ذلك فقد أختار ظافر الخطيب أو “وسام” كما كان يسمّيه رفاقه، ان يكون منسجماً مع أفكاره الثورية منتقلاً من مقاعد “التنظير” و “التبشير” الى خنادق النضال والقتال متوّجاً بذلك سيرة نضالية حافلة بالعطاء رغم صغر سنه…
قبل ان يستشهد ظافر الخطيب في محور الشياح – عين الرمانة، كما كان يسمّى يوم استشهاده في 10/1/1976، كانت له عين على مواجهة الاختراق العسكري المعادي من جهة، وعين أخرى على مواجهة الاختراق الطائفي الذي كان قد بدأ ينهش في جسم الحرب اللبنانية، محوّلاً إياها من صراع وطني وتقدمي الى حرب طائفية متخلفة…
كان ظافر الخطيب من جيل التجديد في العمل الوطني واليساري اللبناني، مدركاً ان لا مستقبل لأيّ عمل وطني اذا لم يكن عملاً جامعاً لكلّ مكونات المجتمع اللبناني، وجامعاً أيضاً بين الأفق الوطني والقومي لهذا العمل وبين المضمون الاجتماعي والمعيشي له، وداعياً للتلازم بين العمل الشعبي التغييري وبين الكفاح الشعبي المسلح حين تقتضي الضرورة… فقد كان الثائر الأممي أرنستو تشي غيفارا مثله الأعلى…
كان رفيقه في انتفاضة طلاب الجامعة الأميركية في مطلع عام 1975، الأخ ربيع صلاح الأسير، يحدثنا عن ظافر دوماً، كنموذج للطالب المقدام، المثقف، المسكون بهمّ الوطن والفقراء، وحين وصلنا خبر استشهاده بعد عام شعرنا أننا فقدنا مناضلاً نعرفه منذ سنوات…
رفيقه الآخر، ابن الكحالة، الشهيد ايلي الزغبي الذي تعرّفت إليه في الأردن في معسكرات “جبهة التحرير العربية”، كان يحاول أن يبني مع ظافر ورفاقه كافة نواة عمل وطني تغييري عابر للطوائف والمذاهب، فاستشهد الاثنان، ومعهما، الآلاف من أعضاء الاحزاب الوطنية والتقدمية والقومية على طريق النضال من أجل هذا المشروع في حركة تحتاج اليوم الى مراجعة جريئة لتجربتها تكون بحجم التضحيات الكبرى التي قدمتها في مواجهة نظام فاسد ومقاومة احتلال آثم…
رحمك الله يا ظافر، لقد اخترت لنفسك اسماً نضالياً هو “وسام” لتصبح “وساماً” على صدر شعبك وأمتك…