مقالات وآراء

أولويات السياسة الأميركية في الشرق الأوسط…
بايدن واستكمال سياسة ترامب

} ربى يوسف شاهين

لا يزال الغموض يُحيط نسبياً بالسياسة التي ستنتهجها الإدارة الأميركية القادمة، فالواضح أنَّ سياسةأميركا أولاً، هي المعيار الأبرز لدى جميع الرؤساء الأميركيين، وإن كان ذلك بنسب مختلفة لجهة تطبيق هذا الشعار، في جانب آخر فإنّ الاختلاف الذي قد ينشب بين أيّ رئيس وإدارته في البيت الأبيض، يتمحور أساساً ضمن إطار السياسات الخارجية، خاصة أنَّ الولايات المتحدة كانت القوة العظمى اقتصادياً وعسكرياً، فالحروب لم تقم فيها أبداً، والداخل الأميركي في أحسن أحواله. هذه الجزئيات قد تغدو مثار بحث وجدال لدى الكثيرين من الساسة الأميركيين وكذا صُناع القرار، لكن الثابت في كلّ ما سبق، أن الجُهد الأميركي ينصب بشكل مباشر على نسق السياسات الخارجية، خاصة في بؤر التوتر والصراع.

مع التغيّرات الحاصلة في العالم بشكل عام، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص؛ ومع تباين الخلافات بين واشنطن والصين وروسيا حول ملفات مختلفة منها الاقتصادي، وأضيف إليها تداعيات فيروس كورونا، وأيضاً الملف النووي الإيراني، كلّ ذلك سيكون عنواناً عريضاً لمشهد مُعقد يجمع القوى العظمى في الآتي من الأيام.

فبالنسبة لـ روسيا والعلاقة مع الولايات المتحدة، فقد تفاقمت حدة التوترات السياسية بين البلدين نتيجة الحرب الإرهابية على سورية، لتفتح ملفات سياسية أخرى أظهرت الحقد الأميركي على الاتحاد الروسي، من خلال الانسحاب من معاهدة الصواريخ القصيرة المدى، الى معاهدة السماء المفتوحة، إلى الملف السيبراني، وصولاً إلى العلاقة الروسية الإيرانية في سورية كحليفين للقيادة السورية، التي شُنّت عليها الحرب الإرهابية منذ عشر سنوات، لإسقاط نظام الحكم فيها لمناهضة قوى الغرب الاستعمارية.

ومع النزاعات الحاصلة بين ترامب وبايدن في تسليم مفاتيح البيت الأبيض، تقف جائحة كورونا لتضيف مهمة جديدة على بايدن ولتكون سبباً في تراجع ترامب وخسارته.

فأين تكمن أولويات واشنطن في الشرق الأوسط.

يبدو أنَّ ترامب كان يتوقع فوزه في الانتخابات لمرة ثانية، ليستكمل سياساته حول العالم، حسب ما يراها، فقد أظهرت سنواته الأربع في الحكم كيفية التعاطي السياسي اللا مسؤول مع صقور إدارته، الذين تمّت إقالتهم أو قرّروا ذلك بناءً على معطيات تتعلق بنهج ترامب، وكذلك مع جميع الدول وخاصة في ما يتعلق بملف الحرب الإرهابية على سورية، وما تمّ إعلانه من بنودصفقة القرن، وإشعال المنطقة بنزاعات داخلية وخارجية لتحقيق مخططات الكيان الاسرائيلي الأميركي.

بايدن وإرث ترامب

وبعيداً عن الداخل الأميركي المضطرب على الصعيدين الصحي والأمني نتيجة جائحة كورونا، والتمييز العنصري بعد مقتل جورج فلويد، وما تبع ذلك من انقسامات داخل البيت الأبيض، بالنسبة للعملية الانتخابية التي ما زالت تأخذ أصداء سلبية، لدى الداخل الأميركي حتى اللحظة.

فعلى ما يبدو أنَّ التحكم بزمام الأمور في الداخل والخارج الأميركي، سيكون مرهقاً لـ بايدن وأركان إدارته الجديدة، فالبرنامج النووي الإيراني يُشكّل مصدر قلق كبير لواشنطن، وما زرعه ترامب بالنسبة للملف الإيراني ليس بالقليل، فإذا ما سلمنا جدلاً أنَّ بايدن سيتمكن من العودة الى الاتفاق النووي، إلا أنَّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ونتيجة ما جرى من انسحاب أميركي وعدم التزام الاتحاد الأوروبي بمسؤولياته تجاه إيران، وكمية الإرهاب الاقتصادي الذي مورس على طهران، والاغتيالات التي أدّت إلى خسارة أهمّ قائد عسكري وأهمّ عالم نووي، سيكون لكلّ ذلك التأثير الكبير في الحديث عن عودة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، وضمناً هندسة اتفاق نووي جديد، فضلاً عن جزئية التواجد الإيراني في سورية، والذي يُشكّل قلقاً كبيراً لـإسرائيل، التي تدفع بالولايات المتحدة لشنّ حرب على طهران.

وعلى الرغم من كلّ ما قدّمته حكومة ترامب لنتنياهو، إلا أنَّ محور المقاومة ما زال يُشكّل العائق الأكبر والأهمّ لاستكمال المخطط الأميركي الصهيوني في المنطقة، فالدولة السورية فاجأت الجميع بصمودها، وما لتأثيرات هذا الصمود على جُلّ المسارات الشرق أوسطية، وتداعيات ذلك على الإدارة الأميركية، ولذلك كان هناك رغبة كبيرة من حلفاء ترامب أنَّ يستمرّ في الحكم ولو بالقوّة، وفي المقابل هل يتطلع أنصار بايدن إلى إنهاء الحروب في المنطقة؟

بين هذا وذاك، ثمة تحديات تؤطر أولويات السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، وما من شكّ بأنّ فصولها ستظهر تباعاً

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى