عن تشييع الرفيق وسام سابا وعن شقيقه الرفيق الشهيد نديم
تستحق الكرك أن يُكتب عن الحضور القومي الاجتماعي فيها. آمل أن أتمكّن في وقت غير بعيد أن أتعرّف إلى ملف الكرك لديّ وما كنت استلمت من تقارير ومعلومات.
من العدد 480 من مجلة «صباح الخير» الصادر بتاريخ 27/04/1985 هذه التغطية عن تشييع أحد الرفقاء الذين تميّزوا بالتزامهم الواعي، وبنضالهم، وقد نشأ بكنف والده الرفيق المناضل أنيس سابا.
الحزب السوري القومي الاجتماعي يشيّع فقيده الرفيق وسام سابا
شيّع الحزب السوري القومي الاجتماعي، وأهالي الكرك والفرزل، فقيدهم البطل الرفيق وسام أنيس سابا، الذي قضى نحبه في حادث مفجع، حصل له في بوسطن في الولايات المتحدة الأميركية وذلك نهار السبت الماضي، حيث أُقيم في كل من الكرك والفرزل مأتم مهيب وحاشد اشترك فيه الألوف من مختلف بلدات وقرى قضاء زحلة، كما شاركت وفود من منفذيات البقاع الشمالي والهرمل، وبعلبك، والمتنَين الشمالي والأعلى، والغرب.
وقد تميّز المأتم بالتنظيم الدقيق الذي أشرفت عليه مديريّتا الكرك والفرزل، حيث زيّنت بشوارع ومداخل البلدة بالزينة المتلألئة بالأعلام الحزبية وبالحشود الكثيفة التي بلغت عدة ألوف، نظراً للسلوكية النضالية والمناقبية المميزة التي يتمتع بها الفقيد وأهله. فهو ابن عائلة قومية اجتماعية عريقة في النضال، أعطت للأمة قبل ثلاث سنوات الشهيد البطل نديم سابا. كما أعطت الرفقاء فادي وشعاع ودنيا، الذين ما بخلوا يوماً في العطاء والتضحية من أجل الوطن وعزّته وعلى كافة الصُّعد وفي مختلف المجالات.
كما شارك في تأبين الفقيد البطل، الشاعر الكبير رفعت مبارك، الذي أبّن الفقيد بعدّة قصائد قومية رائعة.
وبعد إنهاء القداس الذي أُقيم في كنيسة البشارة في الفرزل، والذي ترأسه سيادة المطران أندريه حداد، والمطران سبيريدون خوري ولفيف من الكهنة، ألقى المطران حداد كلمة أشاد فيها بنضال الفقيد، وبنضال عائلته، ودعا إلى الوحدة الاجتماعية والمحبة، والمتعلّق بالأرض، بعدها ألقى ناظر الإذاعة في منفذية زحلة كلمة قال فيها:
«منذورون للموت نحن… منذورون للدم. منذورون لهذا الدفق النابي المحتقن في عروق تمتدّ إلى الأرض، ومن الأرض إلى العيون، ومنّا إلى أجيال محملة ببشائر النصر.
لجسد هذه الأرض تخفق في الحنايا ترانيم الحياة..
لعطش هذا التراب، يكون هذا النزف القرمزي.
ليست لنا هذه الأجساد، وليست لنا هذه الدماء هي للحق، ولجمال الوطن وعزّه.
ولهذه الأرض يتفتت جسد التراب، ولها يرتفع جسد الحياة. ولدى أبناء الحياة قربان الدم والنذر الأسطوري.
يا رفيقنا الحبيب وسام، يا رفيق الحياة لأبناء الحياة الجديدة، يا أحباء وسام، يا رفقاءه، يا أبناء البقاع الأشاوس، يا أهله.. إني أعلم كم هي قلوبكم منفطرة، وكيف هي أكبادكم محروقة تحت وطأة الفجيعة، وما أقسى هذه الفجيعة، لكن رجلاً كوسام، يدعونا، نحن الواقفين في وداعه، أن نتجاوز انفطار قلوبنا ولوعة عواطفنا. والنفوس الكبيرة، لا يليق بها غير موقف الرهبة والتهيّب والخشوع. ثم قال مخاطباً الفقيد:
قاتلت على جميع الجبهات وفي مختلف المواقع، قاتلتَ بالبندقية المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة.
كنتَ إنساناً كبيراً، وعرفناك مناضلاً كبيراً، حملت في نفسك وعلى اتساع نفسك قضية كبيرة بكاملها، وحملت هذه القضية الكبرى كل آمالك ومطامحك، التي تعدّت حدود آمال الأفراد ومطامعهم، لتضجّ بمضامين آمال أمة كاملة وحقيقة شعب كامل، وقد جئنا اليوم لا لنودّعك، بل لنعاهدك أمام هذه الجموع، أننا سنحافظ على وديعتك لنا حتى النهاية.
إنّ وسام ونديم كانا مع غيرهما من الألوف من رفقائهما القوميين الاجتماعيين والعقائديين المؤمنين: يجاهدون جهاداً أكبر في سبيل تحرير الأرض والإنسان.
وعهداً لكما، عهداً لدماء كل الشهداء، عهداً للسواعد المرتفعة زوايا، عهداً للبيارق المزوبعة، عهداً للمعلم الشهيد الأول، بأننا سنكمل المسيرة أو بأننا لن نوفّر دماً ولن نوفّر صدراً، ولن نوفّر رصاصة، حتى ولو أصبحت مواكب شهدائنا تملأ الأرض.