تبعات تصنيف واشنطن لأنصار الله «منظمة إرهابيّة»
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن «الولايات المتحدة ستصنف جماعة الحوثي في اليمن، كمنظمة إرهابية أجنبية»، وهي خطوة أثارت تحذيرات من تداعيات إنسانية خطيرة وتبعات أخرى كثيرة في البلد الذي يعاني «أسوأ أزمة إنسانية في العالم».
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بيان إن وزارته «ستخطر الكونغرس بتصنيف جماعة الحوثي اليمنية الموالية لإيران منظمة إرهابية أجنبية».
وبحسب الخارجية الأميركية، «توفر عمليات الإدراج هذه أدوات إضافية لمواجهة نشاط جماعة أنصار الله الإرهابية والإرهاب الذي تمارسه.. وتعزيز الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والسيادة والوحدة في اليمن البعيد عن التدخل الإيراني».
ويشهد اليمن نزاعاً دموياً منذ أواخر العام 2014 خلف تدهوراً في الأوضاع كافة في البلاد و»أسوأ إنسانية في العالم»، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
وأثار التصنيف الأميركي للحوثيين مخاوف أمميّة من «تداعيات إنسانية وسياسية خطيرة» في اليمن.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في مؤتمر صحافي دوري، أول أمس إنه «من الواضح أن القرار سيكون له على الأرجح تداعيات إنسانية وسياسية خطيرة».
وحذّر دوجاريك من أن «كبير الدبلوماسيين الأميركيين سيقدم خطته إلى الكونغرس الأميركي في 19 كانون الثاني الحالي، وإذا ما نفذت الولايات المتحدة تهديده، فإن واردات الأغذية وغيرها من المواد الأساسية قد تتأثر سلباً، في وقت يتضور فيه المزيد من اليمنيين جوعاً.
وأقرّ بومبيو، يوم الأحد بوجود مخاوف من أن يكون للتصنيف «تأثير على الوضع الإنساني في اليمن»، لكنه أكد أن الولايات المتحدة ستضع تدابير للحد من تأثيرها.
ودعا دوجاريك الولايات المتحدة إلى ضمان منح التراخيص والإعفاءات، حتى تستمرّ المساعدات الإنسانية في الوصول إلى الأشخاص الذين يحتاجونها، ويمكن للقطاع الخاص مواصلة العمل من أجل درء الانهيار الاقتصادي الكامل والمجاعة واسعة النطاق.
وأشار إلى أن «العملية الإنسانية الضخمة في هذا البلد، وهي الأكبر في العالم، لا يمكن أن تحلّ محل القطاع الخاص أو تعوّض عن الانخفاضات الكبيرة في الواردات التجارية».
ووفقاً لأرقام صادرة عن الأمم المتحدة في كانون الأول، لقي أكثر من 230 ألف يمني مصرعهم في الحرب، معظمهم بسبب نقص الغذاء والخدمات الصحية والبنى التحتية.
وقال رئيس مركز (أبعاد) للدراسات والبحوث عبد السلام محمد، إنه ستكون «هناك تبعات اقتصادية إنسانية بسبب سيطرة الحوثيين على أعمال المنظمات الإغاثية والشركات التجارية».
وأوضح أن «إدراج واشنطن جماعة الحوثي على قوائم الإرهاب سيثير مخاوف لدى المنظمات الإنسانية والشركات التجارية المتعاملة معها من التورط في دعم جماعة إرهابية».
وتابع محمد قائلاً: إن «هناك الكثير من الخطوات التي يجب على الحكومة اليمنية القيام بها من خلال التعاون مع المجتمع الدولي لتخفيف هذه التداعيات».
ورغم هذه المخاوف، اعتبرت جماعة الحوثي على لسان الناطق باسم حكومتها ضيف الله الشامي، أن «الحديث عن تأثيرات القرار الأميركي على المساعدات الدولية ليس بذاك القدر الذي يصورونه، نحن نعتمد على الله وعلى شعبنا وعلى ما تنتجه أرضنا».
ولا يقتصر الأمر على التداعيات الإنسانية، إذ حذرت الأمم المتحدة من أن العملية السياسية في اليمن أيضاً «مهددة».
وقال دوجاريك إن «العملية السياسية في اليمن مهددة أيضاً بزعزعة استقرارها نتيجة تصنيف الجماعة على أنها إرهابية، وقد تصبح مواقف الأطراف المتعارضة في الصراع الذي مزق البلاد منذ عام 2015 أكثر استقطاباً».
وتعهد بأن «تواصل المنظمة الدولية العمل مع جميع الأطراف لاستئناف ومواصلة عملية سياسية شاملة للتوصل إلى تسوية تفاوضية شاملة لإنهاء الصراع».
لكن المراقبين حذّروا من عواقب سياسية، خاصة مع ما سيتسبّب فيه قرار التصنيف من أضرار للحوثيين.
وقال المستشار القانوني اليمني عبدالرحمن برمان، إنه يمكن أن نشهد خطوات دولية مماثلة للتصنيف الأميركي للحوثيين كـ»منظمة إرهابية».
وأضاف برمان، وهو رئيس المركز الأميركي للعدالة (ACJ)-أميركا، أنه يتوقع أن يدخل تصنيف الحوثيين حيّز التنفيذ في 19 يناير الحالي، وعقب ذلك «سيكون هناك تشديد من الناحية العسكرية، إذ سيتم منع وفرض حصار على الأسلحة التي تصل إلى الحوثيين».
وتابع أنه على الجانب السياسي، «يمكن أن يجبر التصنيف الحوثيين على الدخول في مفاوضات سياسية جدية مع الحكومة، أو ربما سيعرقلون أي عملية تفاوض، وسيبقى الحل العسكري هو الخيار الوحيد».
كما سيقيد التصنيف الأميركي للحوثيين التحركات السياسية والدبلوماسية لقيادات من الجماعة في الخارج، إضافة إلى إعاقة تحركات الجناح الناعم للحوثيين، الذين ينشطون في أميركا وأوروبا ودول أخرى، بحسب برمان.
وهو ما أيّده رئيس مركز (أبعاد) للدراسات والبحوث، قائلا إن «التصنيف الأميركي يحمل في طياته احتمالين.. أن يؤدي إلى عناد حوثي يجعله ينسحب من أي تفاهمات سياسية أو حوارات، وهو ما سيسبب له الضرر تماماً».
وتابع «أنه يمكن كذلك أن يدفع التصنيف، الحوثي لإعلان تفكيك ميليشياته المسلحة وقبول الاندماج في العمل السياسي، وإن كان هذا الأمر غير متوقع بالنظر إلى نشأة الحركة كجماعة مسلحة وليست سياسية».
لكنه أشار إلى أن «هناك كتلة سياسية كبيرة ستغادر جماعة الحوثي، أهمها ما تبقى من حزب المؤتمر الوطني فرع صنعاء الداعم لها، وأيضا أولئك الذين كانوا مندفعين لاستعادة نظام الإمامة في اليمن قبل أن يكتشفوا أنهم وقعوا في فخ نظام الحرس الثوري الإيراني».
في المقابل، وبحسب مراقبين، يصبّ القرار الأميركي في صالح الحكومة والتحالف العربي الذي تقوده السعودية في النزاع الدائر مع الحوثيين.
ورحبت الحكومة اليمنية بقرار واشنطن تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية.
وقالت وزارة الخارجية اليمنية في بيان «إن الحوثيين يستحقون تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية ليس فقط لأعمالهم الإرهابية، ولكن أيضاً لمساعيهم الدائمة لإطالة أمد الصراع والتسبب في أسوأ كارثة إنسانية في العالم».
ورأت أن «التصنيف سيدفع الحوثيين إلى وقف نهب المساعدات وإجبارهم على السعي بصدق لتحقيق سلام شامل ومستدام».
كما رحبت المملكة العربية السعودية بـ»قرار الولايات المتحدة».
وأعربت وزارة الخارجية السعودية في بيان عن «تطلعها في أن يسهم ذلك التصنيف في وضع حدّ لأعمال ميليشيا الحوثي الإرهابية وداعميها»، معتبرة «أن من شأن ذلك تحييد خطر تلك الميليشيات، وإيقاف تزويد هذه المنظمة الإرهابية بالصواريخ والطائرات من دون طيار والأسلحة النوعية والأموال لتمويل مجهودها الحربي ولاستهداف الشعب اليمني وتهديد الملاحة الدولية ودول الجوار».
كما سيجبر هذا التصنيف قادة الحوثيين على العودة بشكل جاد لطاولة المشاورات السياسية، بحسب الخارجية السعودية.
وندّد الحوثيون بالتصنيف الأميركي، وقالوا إنهم يحتفظون بحق الرد على أي تصنيف من إدارة ترامب أو أي إدارة.
وقال المستشار القانوني اليمني عبدالرحمن برمان، إن «التصنيف مصلحة للحكومة اليمنية وللتحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد جماعة الحوثي، إذ سيعطيهم المبرّر والدافع أكثر لمواصلة العمليات العسكرية ضد الحوثيين».