لبنان يدخل أول أيام الإقفال مع العاصفة… ذعر من كورونا وهلع استهلاكيّ
وزير الصحة مُصاب بكورونا... ومجلس النواب يشرّع اللقاح غداً / تجار وراء اختفاء السلع المدعومة... لا أزمة محروقات... وتطبيق للأذونات
كتب المحرّر السياسيّ
يستمر الموت السريري للمشهد الحكومي، وسط استسلام أصحاب المبادرات ومساعي الوساطة للطريق المسدود الذي يحكم علاقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، الذي يملأ فراغ الاتصالات الحكومية بالسفر، بينما أفاد بيان صادر عن قصر بعبدا بقيام رئيس الجمهورية بفحوص طبية في مستشفى أوتيل ديو وعودته الى القصر الجمهوري، وفي قلب الفراغ والضياع السياسي الناجم عنه، يواجه اللبنانيون تعاظم تردّدات وباء كورونا، بالتزامن مع دخول لبنان تحت تأثير منخفض جويّ ترافقه الأمطارالغزيرة والرياح النشطة والثلوج على علو يصل إلى ألف متر، مصحوباً بانخفاض ملحوظ لدرجات الحرارة يقارب عشر درجات وصولاً لدرجة حرارة 15 مئويّة في العاصمة بيروت نهاراً و10 ليلاً.
يفتتح اللبنانيون يومهم الأول من الإقفال العام، بخبر إصابة وزير الصحة حمد حسن بفيروس كورونا، الذي يتلقى العلاج في مستشفى السان جورج، ويحاول اللبنانيون التخلص من هلع تخزين المواد الاستهلاكية والمحروقات، بعدما أنساهم هذا الهلع ذعر كورونا، فتعرّضوا لفوضى الاختلاط وعرضوا بذلك نتائج الإقفال للضياع قبل بدء مفاعيله.
المخاوف التي يبديها الخبراء الصحيّون تتوزع بين خطرين، الأول بلوغ عدد الإصابات رقم الألف إصابة خلال عشرة أيام بنتيجة تراكم نتائج الهلع الاستهلاكي، وبلوغ عدد الوفيات رقم الخمسين يومياً، بحيث تضيع الإضافات التي نجحت وزارة الصحة بتحقيقها في تأمين المزيد من أسرة العناية الفائقة، ويعتقد الخبراء أن لبنان بانتظار البدء باللقاحات في شهر شباط يحتاج إلى تمديد الإقفال العام لعشرة ايام أخرى تمتد إلى نهاية الأسبوع الأول من شهر شباط ليتسنّى تحقيق نتائج تعوّض ما فات اللبنانيين في فترة الأعياد وبعدها فترة الهلع الاستهلاكي.
على مستوى اللقاحات يُنجز مجلس النواب غداً، عبر جلسة للهيئة العامة دعا إليها رئيس المجلس نبيه بري، إقرار اقتراح القانون الذي يُعفي الشركات المصنعة للقاحات من مسؤولية التعويض عن الأضرار الناجمة عن اللقاحات، باعتبار الاستخدام الطارئ للقاحات يتم على عاتق المستخدم، وتتحمّل الدولة عبر صندوق يتم تمويله برسم على اللقاحات المستوردة، تعويض من تصيبهم أضرار جانبية بنتيجة تلقي اللقاح.
في مواجهة تداعيات الإقفال قالت مصادر متابعة، إن تقارير لدى الجهات المعنية تفيد بقيام عدد من التجار الكبار بإخفاء مواد استهلاكية مدعومة من الأسواق مستفيدة من الهلع الذي أصاب المواطنين، داعية لملاحقة القضاء للملف، بينما أكدت المصادر استناداً إلى معطيات وزارة الطاقة بعدم وجود أزمة محروقات، فيما أعلنت رئاسة الحكومة آلية الحصول على الأذونات التي يحتاجها الذين تضطرهم الظروف للتنقل في ظل حظر التجول كالحاجة لشراء الدواء وذلك عبر تطبيق الكتروني يوزّع عبر رسائل نصية على الهواتف، بينما تم اعتماد أذونات خطية لموظفي التوصيل المنزلي للسلع، وأعفي الإعلاميون من الحصول على أذونات خاصة والاكتفاء ببطاقاتهم المهنية.
ومع دخول البلاد حالة الإقفال الشامل لمدة عشرة أيام، تترقب الأوساط الحكوميّة سير تنفيذ القرار على أرض الواقع في يومه الأول وكيفية تعامل الأجهزة الأمنية معه لا سيما في ضبط المخالفات من جهة وتأمين استمرارية تلبية خدمات المواطنين الضرورية الغذائية والطبية من جهة ثانية.
وترأس الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمود الأسمر مساء أمس، اجتماع اللجنة الوطنيّة لإدارة الكوارث في السرايا الحكومية، حيث تمّ شرح آلية الاستحصال على تصريح لكل من يريد الخروج والانتقال خلال فترة الإقفال العام الممتدة من 14 إلى 25/1/2021 من خارج الفئات المستثناة.
وقال اللواء الأسمر بعد الاجتماع: “تسهيلاً لأمور المواطنين غير المشمولين بقرار الإقفال العام، وضعت غرفة العمليّات الوطنية لإدارة الكوارث التابعة لمجلس الوزراء آلية جديدة لأخذ الموافقة قبل الخروج من المنزل للأشخاص المذكورين أعلاه، لأسباب ضرورية عبر رسائل نصية ورابط إلكتروني الذي سيوزع على كافة المواطنين، ابتداء من صباح غد الخميس تاريخ بدء الإقفال العام. ولذلك نطلب التعاون التام من جميع المواطنين، والتقيّد بالتدابير والإجراءات التي تم تعميمها عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والموقع الالكترونيّ لرئاسة مجلس الوزراء”.
وذكّرت المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي في بيان المواطنين، “بضرورة الالتزام بالقرار حرصًا على سلامتهم ولحمايتهم من الآثار السلبيّة التّي من الممكن أن تُصيبهم جرّاء التقاطهم للعدوى. وهي ستتشدّد بملاحقة المُخالفين وفق المادّتين /770/ و/604/ من قانون العقوبات”.
وأضافت: “يتوجّب على الأشخاص المُستثنين وغير المُستثنين إبراز الرّسالة النصيّة – التّي أتاحت لهم التنقّل – على هواتفهم الخليويّة بعد الدّخول إلى الموقع الإلكتروني covid.pcm.gov.lb وملء الاستمارة، أو إرسال رسالة نصيّة على الرّقم 1120. وسيتمّ تنظيم محاضر ضبط بحقّ كلّ من لم تكُن بحوزته الرّسالة، ومَن لم يتقيّد بمضمونها لجهة عدم الالتزام بالوقت وبالمكان المسموح التوجّه إليه”.
وأكد بيان قوى الأمن الدّاخلي أنّ “دور المواطنين جوهريّ في هذه الظروف الاستثنائيّة التّي تمرّ بها البلاد، وأنّ تعاونهم والتزامهم يؤدّي إلى الحدّ من سرعة انتشار الوباء. وتطلُب منهم عند رصد أيّ مُخالفة الاتصّال بغرف العمليّات على الرقم 112، أو إرسال رسالة موثّقة عبر مواقع التّواصل الاجتماعي العائدة لها”.
وعشية سريان قرار الإقفال، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 4988 إصابة جديدة بفيروس كورونا ليرتفع العدد التراكمي للإصابات منذ بدء انتشار الوباء في شباط الفائت إلى 231936 كما سجل لبنان 35 حالة وفاة ما رفع العدد التراكمي للوفيات إلى 1740.
وأعلنت وزارة الصحة أن الوزير حمد حسن دخل المستشفى بعد تأكيد إصابته بكورونا. وكان حسن أعلن أنه بدأ حجر نفسه أمس بعد تأكيد اصابة ثلاثة أشخاص من مكتبه.
الى ذلك دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة تعقد، بعد ظهر الجمعة في 15 الحالي في قصر الأونيسكو، وذلك لدرس اقتراح القانون المعجل المكرّر الرامي الى تنظيم الاستخدام المستجد للمنتجات الطبية لمكافحة جائحة كورونا COVID-19.
وغرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر صفحته على تويتر قائلاً: “هل هناك من مانع قانوني او سياسي بالإسراع في استيراد أصناف الـ vaccine المتعددة التي اعتمدت في غالب الدول لمواجهة التفشي الجنوني للوباء المتربّص بالمواطن اللبناني واللاجئين والمقيمين من عمالة أجنبية. فلنترك كل الخلافات جانباً إنها معركة الوجود والبقاء”.
في غضون ذلك، استمرّ تهافت الناس للتبضع والتمون قبل الإقفال التام، حيث شهدت السوبرماركات والأفران والصيدليات اكتظاظاً لليوم الثالث على التوالي.
وعلمت “البناء” من مصادر ميدانية أن عدداً من الشركات والتجار يعملون على تخزين المواد الغذائية واحتكارها والتلاعب بأسعارها مستغلين تهافت المواطنين على التموين قبيل قرار الإقفال. وقد لمس المواطنون ارتفاعاً في اسعار العديد من السلع والمواد خلال الأيام القليلة الماضية.
وهذا ما أكده مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر، في تصريح تلفزيوني، بأن “الهلع الذي شهدناه لدى المواطنين غير مبرّر، وما رأيناه أمس ينفي السبب الذي نذهب للإقفال على أساسه، وهو كورونا، حيث إن الازدحام يشكل خطراً وإمكانية كبيرة للتفشي”. وأشار أبو حيدر الى أنه “للأسف سعى بعض التجار إلى احتكار وإخفاء مواد غذائية، وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق”.
فيما تردّد أن أزمة محروقات تلوح في الافق، طمأن ممثل موزّعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا المواطنين، أن “لا أزمة بنزين خلال الإقفال العام، ولا داعي لتهافت المواطنين على المحطات، لأنها ستفتح في الأوقات المحدّدة لتأمين الطلبات الأكثر إلحاحاً”. وإذ أشار إلى أن “الموزّعين سيسلّمون المستشفيات”، قال “سنفتح كالعادة وسننفذ قرار التعبئة وسيتم توزيع المادة على المحطات بشكل طبيعي”، لافتاً إلى أن “محطات البنزين والموزّعين والشركات المستوردة مستثنون من قرار الإقفال”. وأوضح أن “الجعالات المخصصة للمحطات والموزّعين غير كافية”، مذكّراً “وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر بها، لكونها لم تعد مقبولة في ظل الغلاء وارتفاع سعر صرف الدولار”. كاشفاً أنهم “تقدّموا بمذكرة إلى وزير الطاقة والمديرية العامة للنفط، ولا جواب حتى الآن في هذا الخصوص”.
وعقد اجتماع أمس، في وزارة الطاقة ضم الوزير ريمون غجر وفريق عمل من الوزارة ومدير إدارة المناقصات جان العلية اسفر عن إطلاق مناقصة الفيول أويل الخاصة بمعامل إنتاج الكهرباء”. وافيد أن مناقصة استيراد الفيول ستعلن مبدئياً في اليوم الاول بعد انتهاء الإقفال جراء كورونا.
وكشف المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم عن “فِرق فنيّة من العراق ولبنان تناقش التفاصيل الفنيّة للمواد النفطية التي سوف يستوردها لبنان من العراق”، مؤكداً أن “العمل مستمرّ على هذا الموضوع، وبعد أن ينتهي النقاش الفنّي والتقني يتحوّل الملف إلى مجلس الوزراء العراقي لإقرار الاتفاق رسمياً”.
ورداً على سؤال عما يُحكى في الإعلام اللّبناني عن عراقيل طرأت على هذا الملّف، قال إبراهيم “على المستوى الرسمي للمفاوضات مع الجانب العراقي والوزراء المعنيين فإن العمل مستمرّ، وكل ما يحصل في لبنان أو أي بلد في العالم لا بدّ من وجود أصوات معارضة له، والمهمّ تحقيق مصلحة لبنان بما لا يُضرّ بمصلحة العراق”، وأشار إبراهيم إلى أن “لبنان لن يدخل في العتمة بعد انتهاء عقده مع الشركة الجزائرية المصدّرة للنفط، لأن وزير الطاقة والمياه اللّبناني يعمل على هذا الملف، وأن الدخول في العتمة أصبح أكثر من مُستبعَد بوجود بدائل كثيرة، عمل جاهداً الوزير ريمون غجر على تأمينها.. وبالفعل تأمّنت”.
على صعيد آخر، سلم رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي، نسخة من التقرير النهائي حول قانون استعادة الأموال المنهوبة كما اقرته اللجنة الفرعية برئاسته. وسيتم تعيين جلسة للجان المشتركة لإقراره مباشرة بعد انتهاء الإقفال العام.
على صعيد آخر، بقيت الحكومة في حالة الحجر السياسي بعد السجال الحاد والعنيف بين بعبدا وميرنا الشالوحي من جهة وبيت الوسط وتيار المستقبل من جهة ثانية، مع هدوء شهدته الجبهات أمس، مردّه بحسب مصادر “البناء” الى وسطاء دخلت على الخط لإطفاء النيران وترتيب العلاقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري.
وأفيد أن يكون حزب الله أحد الأطراف الرئيسية التي دخلت على الخط بالتنسيق مع الرئيس نبيه بري، وذلك بهدف ترتيب لقاء بين عون والحريري قد يساعد في تأليف الحكومة. وقد أوحت دعوة تكتل لبنان القوي أمس الاول، الحريري الى زيارة بعبدا، في إطار رسالة ايجابية بأن أبواب بعبدا لا زالت مفتوحة للحريري.
ولفتت مصادر “البناء” أن حزب الله في السجال بين بعبدا وبيت الوسط “لن يقف طرفاً ضد آخر، بل سيعمل على تهدئة المواقف والنفوس والعودة الى طاولة التشاور والتفاوض لتقريب وجهات النظر بين الطرفين”، وأشارت الى أن “حزب الله لن يضغط على الرئيس عون والنائب جبران باسيل كما لن يطلب من الحريري الاعتذار وهذا أمر يعود له وللكتل النيابية جمعاء وليس للحزب وحده، لذلك على الجميع ان يدع مشاعره الخاصة ومصالحه السياسية والشخصية جانباً والإسراع في تأليف الحكومة، وإلا فالخسارة ستلحق بالجميع ولبنان الى مزيد من الخطر”.
وأفادت المعلومات أن الحريري توجه أمس إلى أبو ظبي.
ومساء أمس، أعلنت رئاسة الجمهورية أن رئيس الجمهورية ميشال عون أجرى فحوصات طبية روتينية في مستشفى” اوتيل ديو” وعاد مساءً الى قصر بعبدا. وأفادت المعلومات أن عون أجرى فحصاً طبياً وصورة mir في مستشفى اوتيل ديو ثم غادر بعد 40 دقيقة بمواكبة أمنية مشددة.