أولى

كيف لا ننسى أن هناك أوروبا؟

أعادت العقوبات الأوروبية التي طالت وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد التذكير بكلمات وزير الخارجية الراحل وليد المعلم، عندما علّق على الالتحاق الأوروبي بالسياسات الأميركية بفرض العقوبات على سورية، بقوله سننسى أن هناك أوروبا على الخريطة.

أوروبا التي تمتلك كل مقومات التصرّف كقوة عظمى تصر على تذكيرنا بأنها ملحق تابع للسياسات الأميركية ويعتب سياسيّوها إذا قال عنهم الناس أنهم كل مرة يثبتون عجزهم وتبعيتهم والتحاقهم.

في المنطقة دائماً كان هناك تطلع نحو تمايز أوروبي عن الموقف الأميركي يعبر عن القرب الجغرافي وتشابك المصالح وتداخل المخاطر، لكن دائماً كان الرهان يصاب بالخيبة فكل تمايز أوروبي إذا حصل يبقى كلامياً غير قابل للترجمة في الأفعال كالموقف الأوروبي المختلف عن الموقف الأميركي من التفاهم النووي مع إيران ومن مشروع صفقة القرن لحل القضية الفلسطينية وفق حساب المصلحة الإسرائيلية، حيث عجزت أوروبا عن ترجمة تمايزها بأكثر من دعوة الأميركيين لمراجعة مواقفهم.

العقوبات التي استهدفت الوزير المقداد لا قيمة عملية لها، لكنها تأتي في توقيت سياسي يتقدم فيه العمل السياسي وتحتاج أوروبا أكثر من غيرها أن تمتلك علاقات التواصل مع مفاتيح العملية السياسية في سورية والمنطقة، وتأتي فيما الحكومات الأوروبية ترسل في السرّ لسورية طلبات التعاون في مواجهة خطر عودة الإرهابيين الذين تمّ تصديرهم الى سورية من الدول الأوروبية، وفي القضيتين تشكل العقوبات على المقداد تصرفاً بعكس المصلحة الأوروبية.

بعد سنوات من الحرب فرضت أوروبا على سورية التصرّف وكأن لا وجود لأوروبا على الخريطة إلا كظلال لوجود أميركا، ويبدو الوضع اليوم تأكيداً على أن نسيان أوروبا سيبقى إلى أجل تقرر فيه أوروبا أنها موجودة، وعلامة الوجود الاستقلال.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى