ديموقراطيّة شياطين الأمم…
} شوقي عواضة
على مدى أكثر من نصف قرن من الزّمن والولايات المتحدة بجناحيها الديمقراطي والجمهوري تلتزم سياسة الشّياطين التي أرستها قواعد عدد من مفكريها وسياسيّيها ومراكز الدّراسات كمعهد واشنطن وغيره وعلى رأسهم مهندس السياسة الأميركيّة وثعلب الصهيونية العالميّة هنري كيسنجر الذي لم يفقد الأمل بتحقيق مشروعه الصهيوني بالرّغم من اعترافه الواضح والصّريح بهزيمته أمام الرئيس الراحل حافظ الأسد في مقابلة أجرتها معه سابقاً صحيفة «نيور ووركر» البولندية حيث سألته الصّحافية البولندية نتاليا السكونوفيا ما هي سورية برأيه؟ فكان جوابه (هل تعتقدون أنّنا أقمنا الثورات في تونس وليبيا ومصر لعيون العرب؟ يضحك ساخراً بعدها ويقول كلّ ذلك لأجل عيني إيران وسورية، لقد حاولت مع حافظ الأسد ـ أنا أعترف أنّه الشّخص الوحيد الذي هزمني وقهرني في حياتي كلّها. أما عن رؤيته للحلّ في سورية فيرى أنّ هناك حلين لا ثالث لهما إما ضرب سورية بالصّواريخ الذرية وهذا مستحيل لأنّ (إسرائيل) موجودة. وإما الحلّ الآخر الوحيد هو إحراق سورية من الدّاخل وهذا ما عملت عليه الولايات الشيطانية بمختلف إداراتها وتحت عناوين مختلفة من مسميّات وشعارات للديمقراطية والحرية والتّغيير وما يسمّى (بالربيع العربي). ذلك هو الوجه الحقيقي للولايات المتحدة وتلك هي سياساتها على مرّ التاريخ. وما ينطبق على سورية الأسد اليوم ينطبق على إيران الثورة وعلى اليمن والعراق ولبنان وفلسطين فالاستهداف واحدٌ لمحور المقاومة والعزّة. وإذا ما أجرينا قراءةً سريعةً لسياسات الإدارات الأميركية المتوالية لوجدنا أنّ ما أنجزته تلك الإدارات على اختلاف سياساتها للكيان الصهيوني يكاد يكون أكثر من إنجازاتها لنفسها على المستوى الدّاخلي وما ساعد على تحقيق تلك السّياسات بعض الأدوات الأميركية والأنظمة في الخليج ومصر والاردن.
وبالتّزامن مع خروج مصر (أنور السادات) من ساحة المواجهة على أثر توقيع اتفاق العار في كامب ديفيد كان انتصار الثّورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني، والتي شكّل انتصارها تعويضاً لخسارة العرب لمصر إذ تبنّت إيران منذ اللّحظات الأولى قضية فلسطين كواجب ديني وإنساني وأخلاقي. تبني دفع الولايات المتحدة إلى محاولة إجهاض الثورة والقضاء عليها في مهدها من خلال الحرب العدوانية التي شنّها صدام حسين بتأييد أميركي و»إسرائيلي» ودعم مالي خليجي أدّت الى فشل العدوان.
اليوم لا تزال ولايات الشّر تصرّ على سياساتها من خلال تقديم نفسها المنقذ للشعوب والشّيطان الأكثر إنسانيّة من الإنسان. وما يشهده عالمنا العربي من عدوان وقتل ودمار ليس إلّا شاهداً على ذلك. فبينما يستمرّ العدوان الأميركي السعودي الصّهيوني على اليمن لفرض حكومة هادي بالقوّة كحكومة شرعيّة واعتبار جزء كبير من اليمنيين إرهابيّين يحقّ للقاتل ترامب أن يطعن بالانتخابات الأميركية وأن يخرج أنصاره إلى الشّارع وأن يحتلّوا الكونغرس وأن يفعلوا ما يشاؤون باسم الحرية بينما لا يحقّ ذلك لليمنيين أو السّوريين أو اللّبنانيين وغيرهم من الشّعوب العربية. يحقّ للرئيس باراك أوباما أن يجدّد لولايتين متتاليتين بينما يرى شياطين الديموقراطية أنّ حكم الرئيس المقاوم إميل لحود لحقبتين هو ديكتاتوريّة. وفي حين يرى ترامب أنّ خروج أنصاره المعترضين على الانتخابات هي قمّة الديمقراطية التي تتحوّل إلى ديكتاتوريّة وإرهاب تمارسه الشّعوب في البحرين أو السعودية او ليبيا. تلك هي عدالة الأمم العوراء التي لا ترى إلّا بعينٍ واحدة وتلك هي ديمقراطية الشياطين التي تريد تدمير الأمّة ومقدّراتها وتهشيم عناصر القوة فيها. وما الصّراع مع شياطين الأمم وقرونهم سوى صراع وجود لن ينتهي إلّا بانتصار الحقّ على الباطل وبهزيمة شياطين الأمم وعلى رأسهم ولايات الشّر المتحدة الأميركية وحلفها. حينها سيدرك شياطين السّياسة في واشنطن وعلى رأسهم ثعلبها كيسنجر أنّ الأسد الذي هزمه ترك خلفه أسوداً وليوثاً ستشهد هزيمة الشياطين مجدّداً.