أولى

هكذا تُكرِّم الشامُ الشهداءَ

 المحامي سماح مهدي*

 

ليس مستغرباً، كلما وجّهت نظرك في أية مدينة من مدن الشام، أن تجد اسم شهيدة أو شهيد يعلو إدارة من إدارات الدولة أو مدرسة أو شارعاً أو حارة.

فلو أخذنا اسم عروس الجنوب الاستشهادية سناء محيدلي أنموذجاً، لرأينا في دمشق «مدرسة الشهيدة سناء محيدلي للتعليم الأساسي»، وفي منطقة شبعا «حي الجولانحارة سناء محيدلي»، وفي منطقة عريقة «حي النضالحارة الشهيدة سناء محيدلي»، ومؤخراً في الشهباء افتتح فرع اتصالات حلب في السورية للاتصالات «مركز خدمات سناء محيدلي».

هنا، قد تكون الفرصة سانحة لذي نفس مريضة أن يعلّق سلباً، فيقول: ليس هناك أسهل من أن تطلق الدولة اسم شهيد على شارع. من الناحية الشكليّة، من الممكن أن يكون هذا الكلام صحيحاً. لكن إذا ما غصنا في العمق نجد الدولة، في لبنان مثلاً، حريصة على إطلاق أسماء المحتلين والمستعمرين على أهمّ شوارع بيروت، فيما تستخسر ساحة في شارع الحمراء ليُطلَق عليها اسم بطل عملية الويمبي الشهيد خالد علوان.

أما إذا غصنا في هذا الموضوع أكثر، وأجرينا جولة سريعة على ما تقدّمه الشام لعائلات الشهداء لوجدنا أنّ الدولة:

أولاً: خصصت أبناء الشهداء بنسبة 10% من عدد البعثات الدراسية ومنح الجامعات الخاصة المخصّصة لوزارة التعليم العالي.

كما خصّصت لذوي الشهداء 5 مقاعد في كلّ كلية أو قسم أو اختصاص جامعيّ، ومن ثم رفعت العدد إلى 15 مقعداً، هذا فضلاً عن تخصيص نسبة 2% من عدد المقاعد لقبول الطلاب من ذوي الشهداء في درجة الماجستير ودرجات التأهيل والتخصّص في كلّ كلية من الجامعات.

وجرى تحديد رسم كلّ مقرّر لذوي الشهداء المقبولين في التعليم المفتوح بمبلغ 500 ليرة شاميّة فقط (ما يعادل 20 سنتاً أميركياً) عن كلّ مقرر، فيما تمّ تخفيض رسم الخدمات الجامعية بنسبة 75% للطلبة من ذوي الشهداء المسجلين في الجامعات الحكوميّة في التعليم الموازي للمرحلة الجامعية الأولى وتخفيض 50% من رسم الخدمات الجامعية لأبناء الشهداء أو والدَي الشهيد أو أرملته المقبولين في الدراسات العليا وفق مفاضلة التعليم الموازي.

ثانياً: قامت الدولة بحجز نسبة 50% لذوي الشهداء ومَن في حكمهم من الشواغر المُراد ملؤها بموجب المسابقات والاختبارات التي تُجريها الجهات العامة وفقاً لأحكام قانون العاملين الأساسي. كما يحق للأخوة والأخوات الأشقاء للشهداء في حال عدم وجود أحد من ذوي الشهيد التقدّم إلى المسابقات أو الاختبارات وفقاً لأحكام الفقرة السابقة أو عند وجودهم وعدم تقدّمهم إلى المسابقة والاختبار. وتضاف علامات تثقيل لذوي الشهداء والأخوة والأخوات الأشقاء للشهيد في المسابقات والاختبارات وفقاً للأسس التي تصدر بقرار من رئيس مجلس الوزراء.

ثالثاً: تمّ منح أرملة الشهيد غير الموظفة فرصة عمل لها أو لمن تختاره من أولادها بموجب عقد سنويّ يجدّد تلقائياً. كما جرى تثبيت العاملين المؤقتين بموجب عقود سنويّة من ذوي الشهداء.

 رابعاً: بموجب قانون خاص اعتبر العسكريّ المصاب الذي توفي نتيجة تفاقم إصابته بعد انتهاء خدمته شهيداً.

خامساً: تمّ السماح لحاملي بطاقة الشرف من ذوي الشهداء بالاكتتاب في المشاريع السكنية ضمن نسبة 50% الممنوحة لهم.

ولم تنس الدولة كلّ من ساهم في خدمة أبناء الشهداء من التكريم، فها هو الرئيس بشار الأسد يقلد مديرة الهيئة العامة لمدارس أبناء وبنات الشهداء السيّدة شهيرة فلوح وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة «تقديراً لمسيرتها الوطنية»، لكونها على رأس عملها منذ العام 1981 فكانت ولا تزال واحدة من أقدم المسؤولين الذين ما زالوا في الخدمة يؤدون واجبهم بكلّ تفانٍ وإخلاص.

ومؤخراً، كانت الخطوة الجديدة من الرئيس الأسد إذ وجّه بتسديد القروض الممنوحة سابقاً للشهداء «في مختلف البنوك والمصارف العامة على تنوّعها سواء أكانت قروضاً كبيرة ومتوسطة أم صغيرة وفي كلّ المحافظات السورية».

وكان تسديد القروض قد «تمّ من خلال صندوق الشهداء والجرحى، ‏وشملت عملية التسديد المئات من المقترضين من الشهداء».

وبهذه الخطوة الجبّارة «تمّت تصفية كلّ القروض المالية التي كان يتوجّب تسديدها من ‏قبل ذوي الشهداء، حيث أبلغ كلّ منهم بألا ذمم مالية عليه بعد الآن وأنّ كامل القرض تمّ ‏تسديده».

لبّى الشهيد نداء الواجب، فأقبل يدافع عن أرضه وأمته وشعبه، تاركاً بيننا أمانات عدّة: أولاها أن نحفظ دمه الذي بذله دفاعاً عنا جميعاً، وليس آخرها أن نرعى عائلته أباً وأماً وأشقاء وأرملة وأبناء.

عهدنا لكلّ شهيد ارتقى أثناء قيامه بواجبه القومي أن نصون الأمانة، فأنت كما قال سعاده شهدتَ أزكى الشهادات ألا وهي شهادة الدم، فرددتَ وديعة الأمة إليها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى