تشكيل الحكومة ومجلس النواب
– ينظم تيّار المستقبل حملة إعلاميّة، لم ينخرط فيها بعد بصورة واضحة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، لكن نواب المستقبل ومنابره الإعلاميّة مشتركون فيها بوتيرة يومية ومركزة، وعنوانها ان على رئيس الجمهورية إذا لم يوافق على التشكيلة المقترحة للحكومة من الرئيس المكلف أن يرسلها الى مجلس النواب مرفقة بملاحظاته برسالة رئاسيّة، ويحتكم لموقف المجلس النيابي.
– رغم محاولة تيار المستقبل تسويق الدعوة كترجمة للنصوص الدستورية، فهو يعلم أن في ذلك مجافاة للحقيقة، والحقيقة أن الدستور وضع ممراً إلزامياً للحكومة هو تفاهم الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية، من دون أن يحدّد قواعد هذا التفاهم، ولا كيفية التصرف في حال عدم حدوثه، مستنداً الى فرضية حسن النية في تطبيق الدستور واستعمال الصلاحيات الدستورية.
– مقابل هذه الفرضية فرضية معاكسة يسوّقها التيار الوطني الحر تفترض إمكانية سحب التفويض النيابي الذي منح للرئيس المكلّف على قاعدة ان التصويت على الثقة في نهاية المطاف هو الذي يثبت الحكومة أو يسقطها، فعندما يستعصي الأمر يمكن بالقياس على ذلك أن يطلب عدد من النواب التصويت على سحب التكليف وحسمه بالأغلبية.
– هذه الدعوة أيضاً كما يعرف أصحابها لا تنسجم مع النصوص الدستورية، التي لم تلزم الرئيس المكلف بمهلة، والتوازن بين الرئاستين يختلّ لصالح رئيس الجمهورية عندما يصير سيف سحب التكليف مسلطاً على رأس الرئيس المكلف الذي قد تتم عرقلته عمداً لفتح الباب لسحب التكليف الذي ناله، كما يمكن بالمقابل اعتبار الدعوة الموجّهة لرئيس الجمهورية للاحتكام لمجلس النواب تشجيعاً للرئيس المكلف على عدم التفاهم مع رئيس الجمهورية للاستقواء بإرضاء أغلبية نيابية بالحقائب الوزارية، ولو عبر الإخلال بقواعد دستورية مثل التمثيل العادل للطوائف في الحكومة، طالما أن تثبيت الحكومة ممكن تمريره في مجلس النواب.
– سؤالان مشروعان لا بدّ من البحث عن أجوبة ومخارج دستورية لهما، في أي بحث لاحق في تعديل الدستور، الأول هو كيفيّة الحؤول دون الوقت الذي يضيع في انتظار ولادة الحكومات بتحديد سقف زمنيّ لعملية تشكيل الحكومة، ومنع تحوّل ذلك الى مصدر إخلال بالتوازن بين الرئاستين، والثاني كيف يتم فض النزاع بين الرئيسين في حال تعذّر التفاهم بينهما حول التشكيلة الحكومية؟
– قد يكون الجواب على السؤالين واحداً، ومضمونه نصّ يقول إن “على الرئيس المكلف إنجاز تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية خلال شهرين من تكليفه كحد أقصى، وفي حال تعذّر ذلك إيداع تشكيلته لدى رئيس الجمهورية الذي عليه أن يرسلها إلى مجلس النواب مرفقة برسالة تحدد موقفه منها، وما لم يصوّت مجلس النواب على التشكيلة الحكوميّة بأغلبية الثلثين تسقط الحكومة وتبقى الحكومة التي سبقتها تقوم بتصريف الأعمال ويبدأ رئيس الجمهورية الاستشارات النيابية لتسمية رئيس مكلف جديد، وفي حال نيل الحكومة تصويت ثلثي مجلس النواب يصدرها رئيس الجمهورية بمرسوم”.