بايدن أمام العودة غير المشروطة للاتفاق النووي معادلة القوة الإيرانية لا تترك له خيارات…
} حسن حردان
عودة إيران إلى التزاماتها بالاتفاق النووي مرتبطة، كما قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بإقدام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على تنفيذ ما يلي:
أولاً، القطيعة مع سياسة الضغط الأقصى التي انتهجتها إدارة الرئيس دونالد ترامب بعد انسحابها من الاتفاق.
ثانياً، العودة إلى الاتفاق النووي من دون شروط، وبالتالي التخلي عن المطالبة بإعادة التفاوض لإدخال تعديلات على الاتفاق.
ثالثاً، رفع العقوبات التي فرضها ترامب، وتنفيد الالتزامات الأميركية الغربية الكاملة التي نصّ عليها الاتفاق.
هل ستقبل إدارة بايدن بهذه الشروط الإيرانية، لعودة طهران إلى الالتزام بالاتفاق وتخليها عن مواصلة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمئة؟
أم سترفض هذه الشروط الإيرانية، وتعمل على محاولة ربط عودتها للاتفاق بالتفاوض على برنامج إيران الصاروخي؟
الواضح أنّ إدارة بايدن ليس لديها من خيارات أخرى سوى العودة إلى الالتزام بالاتفاق من دون شروط، كي تعود عندها إيران إلى التزاماتها َفيه، وبالتالي ترك القضايا الأخرى المرتبطة ببرنامج إيران الصاروخي وملفات المنطقة للتفاوض، ووضعها جانباً.
أيّ التسليم والتخلي عن أيّ شرط أميركي للعودة إلى الاتفاق، الذي انسحب منه ترامب.
لماذا هذا المسار هو المرجح سلوكه من قبل إدارة بايدن؟
في هذا السياق هناك عدة عوامل تدفع وتجبر إدارة بايدن على سلوك مسار العودة إلى الاتفاق من دون شروط، والموافقة على رفع العقوبات التي فرضها ترامب على إيران، وتتناقض مع الاتفاق، وهذه العوامل هي:
العامل الأول، فشل سياسة تشديد الحصار والعقوبات الاقتصادية التي اتبعتها إدارة ترامب في محاولتها إخضاع إيران واجبارها على قبول التفاوض من جديدة لتعديل الاتفاق النووي وفق الرغبات الأميركية الإسرائيلية.. وقد أدّت هذه السياسة الترامبية إلى دفع طهران إلى الردّ عليها بتعزيز سياسة الاكتفاء الذاتي وتحقيق المزيد من الاستقلال الاقتصادي وتوطيد علاقاتها الاقتصادية مع الدول الشرقية المناهضة للهيمنة الأميركية، مما جعل إيران أقلّ تأثراً بالعقوبات الاقتصادية وحصّن موقفها السياسي في الدفاع عن سيادتها وحقوقها…
العامل الثاني، تنامي معادلة القوة الإيرانية العسكرية التي تردع إدارة العدوان في واشنطن وتل أبيب من التفكير بشنّ أيّ حرب أو القيام بأيّ ضربة عسكرية لبرنامج إيران النووي.. وما استعراض القوة الصاروخية الإيرانية في الآونة الأخيرة إلا للتأكيد على الجاهزية الإيرانية وقدرة ايران على الردّ وبقوة على أيّ عدوان تتعرّض له… ولهذا فإنّ التهديد باستخدام القوة العسكرية لا يخيف إيران، بل بات يرعب أعداءها الذين أصبحوا يحسبون ألف حساب لمخاطر الإقدام على الحرب خوفاً من الأضرار الجسيمة التي ستصيب القوات الأميركية ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة، ومعها تهديد أمن ووجود الكيان الصهيوني، الذي سيكون عرضة لانهمار الصواريخ بالآلاف، لأنّ الحرب ضدّ إيران ستتوسّع وتتحوّل الى حرب إقليمية واسعة يشترك فيها كلّ أطراف حلف المقاومة…
العامل الثالث، إدراك إدارة بايدن، كما أدركت إدارة أوباما في السابق، بأن لا بديل أمامها سوى العودة للالتزام بالاتفاق النووي، وأنّ الاستمرار في سياسة العقوبات ومحاولة دفع إيران إلى القبول بإدخال تعديلات على الاتفاق، لن تقود إلا إلى خروج إيران نهائياً من الاتفاق، وذهابها بعيداّ في زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم وتوفير كلّ احتياجاتها من الوقود النووي بقدراتها الذاتية، ومواصلة تطوير مفاعل «آراك»، وتحقيق قفزات جديدة في مجال الصناعة النووية، مما يجعل العودة الأميركية لاحقاً للاتفاق تصطدم بشرط إيراني جديد وهو عدم القبول بأيّ قيود على برنامج إيران النووي، سوى الالتزام بمعاهدة حظر السلاح النووي.
خلاصة الأمر أنّ معادلة القوة الإيرانية، التي تردع إدارة العدوان في واشنطن وتل أبيب من التجرّؤ على شنّ الحرب، وتحبط أهداف الحصار والعقوبات الاقتصادية، وتحصّن الجبهة الداخلية الإيرانية، هي التي تجعل إدارة بايدن أمام خيار وحيد وهو العودة غير المشروطة للالتزام بالاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران.