الاحتجاجات تتواصل مع قطع الطرق وتصاعد حدّة المواجهات الدامية في طرابلس
تواصلت أمس التحركات الاحتجاجية الشعبية في المناطق مع تصاعد وتيرة المواجهات الدامية بين المحتجين وعناصر مكافحة الشغب في طرابلس حيث ألقى المحتجون مواد حارقة على السور الحديدي لسرايا المدينة والأشجار الملاصق له وأشعلوا النيران فيها. كما استمروا برشق مبنى السرايا بالحجارة وقنابل «المولوتوف» بشكل كثيف، فيما ردّت عناصر مكافحة الشغب بخراطيم المياه وقنابل الغاز المسيلة للدموع لإبعاد المحتجين.
وأطلقت عناصر قوى الأمن الرصاص في الهواء بشكل كثيف بهدف إبعاد المحتجين الذين ألقوا قنبلة مولوتوف على مبنى السرايا وحاولوا الدخول إليها من الجانب الخلفي.
وانتقل المحتجون من أمام المدخل الأمامي إلى مدخل الباب الخلفي للسرايا، وقاموا برشق مبنى السراي بالحجارة وقنابل المولوتوف، ما أدّى إلى احتراق سيارتين بجانب الباب الخلفي للسرايا.
وعقب تطور الاشتباكات، أشارت قوى الأمن الداخلي في بيان إلى أنه «بعد تمادي المتظاهرين بأعمال الشغب و خرق الباب الرئيسي للسرايا في طرابلس ومحاولة الدخول من أكثر من جهة ورمي المولوتوف على العناصر وحرق وتضرّر عدد من الآليات، طلبت منهم الانسحاب فوراً وعدم الدخول إلى السرايا حفاظاً على سلامتهم لأننا مضطرون للدفاع عن مراكزنا بكل الوسائل المشروعة.»
وقامت فرق الصليب الأحمر بإسعاف 22 جريحاً ميدانياً ونقلت حالة إلى المستشفى، فيما قامت فرق جهاز الطورائ والإغاثه بإسعاف 12 حالة ميدانياً، ونقلت 3 حالات إلى المستشفيات، ليرتفع عدد جرحى مواجهات أمس إلى 38 جريحاً، وعولج البعض ميدانياً من قبل فرق الصليب الأحمر – جهاز الطوارىء والإغاثة.
وحاول محتجون الدخول إلى حرم السرايا وإلقاء الحجارة بكثافة على الباحة الخارجية ورمي قنابل «المولوتوف» على العناصر الأمنية والآليات العسكرية الموجودة في الداخل، وقد سقطت إحدى القنابل على آلية لرش المياه فاشتعلت وتم اخماد النيران بسرعة. وتمكن المحتجون من خلع الباب الخارجي للسرايا من دون الدخول إلى حرمها بسبب تصدّي العناصر الأمنية لهم.
وفي الوقت نفسه، نفّذ عدد آخر من المحتجين اعتصاماً سلمياً في ساحة النور، وسط مكبرات الصوت المنقولة على الشاحنات، والتي بثّت أناشيد حماسية.
وتزامناً مع الاعتصامات والاحتجاجات، جابت مسيرة راجلة وعلى الدراجات النارية شوارع المدينة، شارك فيها عدد كبير من الحراك الشعبي، وأطلق المشاركون هتافات تطالب بـ»محاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة».
وأعلن الصليب الأحمر اللبناني أن 6 فرق تستجيب وتعمل على نقل الجرحى وإسعاف المصابين في ساحة النور. في حين توجه عدد من المحتجين من عكار باتجاه طرابلس لمؤازرة المعتصمين في ساحة النور. وتحسباً لتدهور الأوضاع، استقدم الجيش تعزيزات كثيفة إلى المدينة.
ونظّم «حراك النبطية» تحركاً احتجاجياً أمام خيمته قرب السرايا للمطالبة بحقوقهم تحت شعار «من حقي عيش بكرامة»، تضامناً مع «حراك طرابلس». وحمل المحتجون الأعلام اللبنانية وبُثّت الأناشيد الحماسية من مكبرات الصوت وسط إجراءات أمنية اتخذتها عناصر من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.
وألقى علي وهبي كلمة بإسم الحراك وقال «تحركنا اليوم صرخة وجع محقة في وجه السلطة. نقدّر ونجل وجع الناس، وجعنا جميعاً على الاراضي اللبنانية كافة لكننا نلتزم في الوقت عينه مسؤوليتنا تجاه التدابير الوقائية الصائنة لصحة شعبنا، خصوصاً المنتفض، ونعلن رفضنا للعنف والقمع الذي حصل في مدينة الشهباء ونؤكد عدم جواز افتعال تناقض بين الحرص على صحة الناس وحمايتهم من جهة ودعم الفئات والشرائح الشعبية الكادحة من قبل السلطة المقصّرة من جهة اخرى، ونؤكد أن الانتفاضة مستمرّة وهذا الاستمرار يتطلب التداعي والنقاش والتنسيق بين الساحات للوصول إلى آلية جديدة لتحركات مقبلة».
وحاول عدد من المحتجين إقفال الشارع العام قرب السرايا، فمنعتهم عناصر قوى الأمن الداخلي، وتجمّعوا لبعض الوقت إلى جانب الشارع، ثم انطلقوا في مسيرة باتجاه تمثال الصباح عند المدخل الشمالي للنبطية.
كما نفّذ محتجون عند مدخل مدينة صور وقفة احتجاجية، تضامناً مع حراك طرابلس وبيروت وصيدا والبقاع والجبل، ورفضاً «لسياسة الدولة التجويعية وإفقار المواطنين» بحسب الشعار الذي رفعوه، وسط مواكبة أمنية للجيش والقوى الأمنية التي ضربت طوقاً في محيط الساحة تحسباً لأي أعمال شغب.
ورفع المشاركون شعارات مطلبية ومعيشية دعت إلى «تأمين الحاجات الأساسية للمواطن في ظل الحجر المنزلي»، ولافتات ندّدت «بسياسة الدولة التي أدت إلى إفقار الناس»، وأُخرى طالبت بتجهيز مستشفيات صور وبأجهزة فحص pcr.
واستنكر عدد من الناشطين «سياسة الدولة التجويعية»، مؤكدين استمرارهم بحراكهم وتضامنهم مع رفاقهم في المناطق اللبنانية كافة «حتى إسقاط هذه المنظومة السياسية التي أوصلت البلاد والعباد للانهيار». وطالبوا بـ»إعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين».
وتجمّع مساء أمس عدد من المحتجين، عند ساحة تقاطع إيليا في صيدا وحاولوا قطع الطريق إلاّ أن الجيش منعهم، فانطلقوا بمسيرة راجلة جابت الشوارع والأحياء الداخلية للمدينة تخللها قطع طرقات بمستوعبات النفايات وسط هتافات متضامنة مع طرابلس وأخرى احتجاجاً على تردي الواقع المعيشي والأزمة المالية والاقتصادية التي تعيشها البلاد مضافاً إليها قرار الإقفال العام بسبب كورونا ومن ثم عادوا إلى ساحة تقاطع ايليا للتجمع وسط الطريق إلاّ أن الجيش منعهم من ذلك وطلب منهم الوقوف إلى جانب الطريق .
وكان قد سبق ذلك قطع طريق الأوتوستراد الشرقي بالإطارات المشتعلة من قبل شبّان غاضبين. كما قطع محتجون طريق القياعة بمستوعبات النفايات وأضرموا فيها النيران، احتجاجاً على تردّي الأوضاع المعيشية، وسط هتافات تدعو للنزول إلى الشارع رفضاً لهذا الواقع من غلاء معيشي وارتفاع سعر صرف الدولار، مضافاً إليه حالة التعبئة بسبب كورونا.
وفي بعلبك نفّذ عدد من المحتجين على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والغلاء، اعتصاماً في ساحة الشاعر خليل مطران وقطعوا الطرق المؤدية إلى الساحة لبعض الوقت، وسط تدابير أمنية مشدّدة للجيش والقوى الأمنية. كما أقفل محتجون طريق دير زنون رياق بالإطارات المشتعلة. أمّا طريق سعدنايل تعلبايا فظلّت مقطوعة ببلوكات إسمنتية، وقد جرى تحويل السير إلى الطرق الفرعية.
وقطع محتجون على تردي الأوضاع الاقتصادية، طريق عام راشيا بين بلدتي البيرة والرفيد، بالعوائق والأتربة، ومنعوا المواطنين من المرور بالإتجاهين لجهة البقاع ولجهة الجنوب، وعادت عشرات السيارات أدراجها، في حين انتظر آخرون تدخّل الجيش والأجهزة الأمنية لإعادة فتح الطريق.