«أميركا أولاً» بايدن والمقولة المشهورة لـترامب
} ربى يوسف شاهين
هي تركة يرثها كلّ من يخلف كرسي الحكم، فإما أن تكون سلسة في كلّ إجراءاتها، أو أن تكون معقدة بالملفات الشائكة، فكيف إذا كانت هذه التركة للولايات المتحدة التي عاثت عبر ثلاثة عقود إرهاباً في المنطقة، ابتدأ مع التدخل في شؤون الشرق الأوسط بشكل واسع، وفتح ملفات الأسلحة المحظورة، ليتمّ بعد ذلك التدخل العسكري في المنطقة. فضلاً عن الاحتلال «الإسرائيلي» للجولان السوري ومزارع شبعا وفلسطين المحتلة؛ هي ملفات كثيرة زرعتها واشنطن في المشرق العربي، وتحديداً خلال السنوات العشرة الأخيرة في سياق الحرب الإرهابية على سورية.
ومع نقل تركة الرئيس أوباما التي من أبرز عناوينها لهذا الشرق ما يسمّى «الربيع العربي»، وقرارات كونداليزا رايس لـ «شرق أوسط جديد»، وأماني الحركة الصهيونية في «صفقة القرن» التي ازدهرت خلال سنيّ ولاية ترامب، والتي أظهرت معنى مصطلحات المسؤولين الأميركيين في كلمة واحدة «الإرهاب».
رحل ترامب عراب الإرهاب في المنطقة العربية بوجهه المدمّر، وتسلّم بايدن الذي كان نائباً لأوباما الذي أسّس للإرهاب في سورية، فانتقال السلطة بين الديمقراطيين والجمهوريين ما هو إلا مسرحية تخصّ المسرح الأميركي من مخرجين وممثلين ومساعدين، فعلى الرغم من شعار الديمقراطية الذي تتستر به واشنطن أمام شعبها وأمام العالمين الغربي والعربي، إلا أنّ ما حدث من نزاعات بين الجمهوريين والديمقراطيين، دليل كبير على أنّ الدولة العميقة تتعمّد أن تفسح المجال لهذا النزاع السياسي، لتتدخل في اللحظة الحاسمة وتقوم بتصفية القضية لصالحها، فما يحدث في الولايات المتحدة لا يمكنه أن يستمرّ لعدة أسباب أبرزها وفي مقدّمتها السطوة التي تتمتع بها الرأسمالية العالمية عبر الشركات الضخمة وجماعات الضغط وحكومة الظلّ التي مقرّها البنك في سويسرا.
فلا يخفى على أحد أنّ السياسة الأميركية المتبعة في الشرق الأوسط، تنتهج فكر الصهيونية المتطرفة التي تتفرّع عبر أفكار وأيديولوجيات خاصة تأخذ الأقصى في درجات تطرفها، بغية خلق بيئة مناسبة وفق متطلبات المرحلة التي يقوم عليها الرئيس المنتظر، فتتمّ معاينته بشكل دقيق، ومسألة الفرق بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري لا تعدو الفرق بين الأسود والأسود، فكلاهما يمتلكان نفس اللون الذي ينطوي على الظلام المبهم، الذي لا يمكن فكّ شيفرته إلا عبر ممحاة الصهيونية العالمية.
ومع تسلّم بايدن كرسي البيت الأبيض ومفتاحه، لا يعني أنّ صمام الأمان بات في مرحلة الاقتراب من إيجاد الحلول لملفات تعدّ حساسة للدول المنكوبة على يد الولايات المتحدة، فملفات الداخل الأميركي لها الأولوية وأهمّها فيروس كورونا، والاقتصاد الأميركي فالأمن الصحي والاقتصادي هو الشغل الشاغل للرئيس الجديد، الذي أطلّ على البيت الأبيض في أحلك الظروف وأقساها وبرعاية وختم أميركي. لتبدأ رحلة «أميركا أولاً».
العالم يترقب حراك بايدن ومعاونيه، فالشعب الأميركي الذي انتخبه ينتظر بفارغ الصبر تنفيذ بنود خطابه منذ أن بدأت منافسات الحصول على مفتاح البيت الأبيض، فهل سيفي بوعوده للشعب الأميركي أولاً مع كمّ الوفيات من وباء كورونا؟ وهل ستتمّ استعادة الدور الأميركي كقوة عظمى في العالم؟ أم أنّ اخطاء ترامب ستولد شرارات يضاف لها ما يتضمّنه الفكر الديمقراطي للرئيس الجديد.
أسئلة تتعقد أجوبتها لأنّ في السلة الأميركية أولويات وتناقضات، خاصة أنها دولة لا تضمّ شعباً أميركياً أصيلاً، وإنما مجموعة من الوافدين الذين كونوا ولايات تسمّى الولايات المتحدة…