رياح التغيير آتية لا محالة من خارج لبنان
عمر عبد القادر غندور*
يمكن القول إنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يوفق بحكومة حتى الثلث الأخير من ولايته. وثاني حكومة في عهده استغرق تشكيلها تسعة أشهر ولكنها لم تصمد بفعل التدهور الاقتصادي الذي كان أكبر من الحكومات والوزراء والرؤساء.
وفي كانون الأول من العام 2019 تدحرجت المظاهرات المطلبية ولم تُبقِ للمنظومة السياسية «ستر مغطى» واستمرّ التدهور والفساد والانهيار لا يلوي على شيء حتى جاءت حكومة حسان دياب لتكون شاهدة على انفجار المرفأ الرهيب ولم تنجح في لجم التدهور ولا بإبطاء الفساد ولا بوقف الانهيار المريع للعملة الوطنية، وزاد الطين بلّة قدوم فيروس كورونا الذي فتك بالبلاد والعباد وحتى اليوم، وتنازعت الطبقة السياسية الخلافات والانقسامات بمزيد من الكيد والحقد والكراهية، حتى باتت هذه الخلافات أشدّ شراسة من وباء كورونا، وقدّم الرئيس دياب استقالة حكومته واستمرت الى اليوم كحكومة مشلولة اسمها حكومة تصريف الأزمات والتبعات والكوارث التي تزداد عند مطلع كلّ شمس.
ثم كانت الاستشارات النيابية التي أفضت الى تكليف الرئيس سعد الحريري مجدّداً تشكيل الحكومة العتيدة في أواخر ٢٠٢٠ تزامناً مع مرور سنة على اندلاع التظاهرات المطلبية. وحرص الحريري منذ التكليف أن تكون حكومته معنية بترجمة المبادرة الفرنسية وفي ظلالها، وحتى اليوم لم تشكل الحكومة ولا شيء ينبئ بتشكيلها في المدى المنظور…
الرئيس سعد الحريري لا يبدو مستعجلاً لحمل كرة النار والكمّ الهائل من التداعيات في عهدة التفويض البرلماني المفتوح.
والغريب أن يستمرّ هذا الكباش الصريح بين الرئاستين الأولى والثالثة بمثل هذا الوضوح، وتتقدّم فيه الاعتبارات الشخصية على الاعتبارات الوطنية الملحة، وأيّ شيء أهمّ من ضياع اللبنانيين وتوغلهم في ظلمات الفقر!
وأيّ شيء أهمّ من وطن يغرق ولم يبقَ منه سوى يد تلوّح طلباً للمساعدة والإنقاذ! ولا أحد يفكر في الحكمة القائلة «لو دامت لغيرك ما وصلت إليك».
رئيس الجمهورية يتطلع الى الاجتماع بالرئيس المكلف، والرئيس المكلف لم يهضم بعد ما جاء في الشريط المهرّب، ويردّ على رئيس الجمهورية ويؤكد له، عبر وسائل الإعلام، انّ حكومته المنتظرة لن تكون الا بمعيار الدستور والمصلحة الوطنية التي حدّدتها المبادرة الفرنسية.
ولا تبدو في الأفق وساطة إضافية تنجح بعد وساطات غبطة البطريرك الراعي والسفارة الفرنسية وذوي الإرادات الخيّرة!
تقول معلومات مسرّبة انّ الرئيس الحريري تلقى في الساعات الماضية اتصالاً من خارج لبنان ينبئه بضرورة تشكيل الحكومة لا بل جرى التداول في أسماء الوزراء، وأن لا طائل من استمرار القطيعة غير المعلنة مع بعبدا، وانّ الجميع الى ذهاب ويبقى لبنان، وليكن في المنحى الذي تدحرج إليه حاكم المصرف المركزي عبر التحرك السويسري خير مثال.
ويقول مصدر متابع إنّ الحديث عن مباشرة التحضير لاستحقاق انتخاب رئيس جديد او تمديد هو مجرّد لهو، وإنّ أيّ جهد يُبذل في الوقت الحاضر ينبغي ان يكون باتجاه تشكيل حكومة جديدة تعمل على إصلاح ما أفسدته الحكومات السابقة كمدخل الى إعادة الاعتبار لدولة لبنان التي خسرت ثقة من هو قادر على مدّ يد المساعدة، ولا بدّ من استعادة ثقة واحترام العالم، كشرط للمساعدة ووقف الانهيار… ورؤية وجوه جديدة وأيدٍ نظيفة لم تلطخها السرقة ولا يعيبها سجلها الشخصي.
وفي جديد الأخبار المكالمة الهاتفية التي تحدثت عنها BBC بين الرئيسين الفرنسي ماكرون والأميركي بايدن، وقال الاليزيه انّ الرئيس ماكرون أمل من نظيره الاميركي اعتماد سياسة أميركية واقعية في لبنان لا تكون متمّمة للسياسة الأميركية الترامبية التي نال منها لبنان الأذى العميق.
ومن المتوقع ان تدبّ حرارة التواصل بين الأليزيه وقصر بعبدا، ولن يكون الرئيس المكلف غائباً عن ذلك ما يؤكد حصول تطورات جديدة هدفها تشكيل حكومة جديدة يؤيّدها الفرنسيون والأميركيون…
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي