«كواترو» لمرزاق بقطاش… بانوراما تاريخيّة لظلاميّة الاستعمار في الجزائر
يسرد الروائي الجزائري مرزاق بقطاش، الذي وافته المنية مؤخراً، في عمله الأخير «كواترو» جزءاً من تاريخ الجزائر إبان الاحتلال الفرنسيّ من خلال مسار عائلة جزائرية بين إحدى مداشر منطقة القبائل وقصبة الجزائر.
وفي سرد كلاسيكي يغلب عليه الحكي والوصف يقدّم بقطاش بانوراما تاريخيّة حزينة ومتضاربة العلاقات والأحداث عبر 304 صفحات لجزائر النصف الأول من القرن العشرين. إذ تتداخل فيها مصائر ثلاثة أجيال (الأب والإبن والحفيد) وتتصادم فيها الخصال الإنسانية بظلامية المستعمر.
تبدأ الرواية الصادرة عن «منشورات أناب» بتسليط الضوء على حياة البحار و»القايد» والعسكري السابق بالجيش الفرنسي «الشيخ أحمد» الذي يصاب بأزمات نفسية واكتئاب حاد في أواخر عمره بسبب ابنه «حمو» القابع في سجن «لامبيز»، وكذا حنانه الشديد لحفيده «كواترو» (ابن حمو) الذي يقطن بعيداً عنه في القصبة في مدينة الجزائر برفقة والدته.
هذا الوضع يؤثر كثيراً في حياة الجد وعلاقاته مع محيطه في قريته الريفية الصغيرة بتيزي وزو لدرجة أنه يعتزل الناس ويخاصمهم لأتفه الأسباب ونادراً ما يقصد البلدة البحرية القريبة للتمتع بالبحر وممارسة الصيد هوايته المفضلة. ويستمر هذا الوضع إلى أن ترجع الفرنسية «إيفلين» من «شارتر» (غير بعيد عن باريس) فتعمل على إخراج «حمو»، حبيبها السابق، من السجن، رغم تحوّلها إلى الرهبنة.
وفي مدينة الجزائر وبأحد الأحياء الفقيرة للقصبة يحاول الطفل «كواترو» تدبّر حياته برفقة أمه «زينب» وأخواله وجدّه وأيضاً صديقه الإسباني «ريكاردو» والسيدة المارتينيكية التي أحبته كابنها، رغم كل العنصرية والقهر والإذلال الذي كان يعانيه على أيدي الفرنسيين، كغيره من الجزائريين آنذاك.
لقد كان أيضاً التجنيد الإجباري مصير «الشيخ أحمد» وابنه وحفيده إذ شارك هو في حرب القرم بينما تم تجنيد ابنه «حمو» – بعد خروجه من السجن – في جبهات القتال في شمال فرنسا لمحاربة الألمان إبان الحرب العالمية الأولى في حين أرسل «كواترو» – لما صار في العشرين من العمر – إلى المغرب لوأد ثورة عبد الكريم الخطابي.