ذكرياتي مع فيروز (ج 11)
} رانية مرعي
لو فينا نهرب ونطير
مع هالورق الطاير
تنكبر بعد بكير
شو صاير شو صاير
لكنّي كبرْتُ، لم أعدْ تلك الطفلة التي تطيرُ بأحلامها فوق سحب المكان والزمان.. صارَ صوتُ الواقع أكثرَ خشونةً، يلقي على مسامعنا وصاياه المدموغة باللامبالاة.. يكتبُ كلّ صباحٍ قدرًا ويشيحُ وجهه عن دهشةٍ بهتت ملامحها..
مَن يملكُ مفتاح الحقيقة؟
ذاك الماضي الذي صارَ خيالاتٍ تمرُّ على بال الذكرى؟
أم هذا الحاضرُ الذي يتفنّنُ في كسر خاطرِ كبريائنا؟
دقّيت عالشباك بعد سنين
شفته فتح، كيف شكل بعدك هون؟
قال علمتني حلوة الحلوين
ان فليت اترك عطر بهالكون
صارت فيروز ملاذي الآمن كلّما عاشتني الحياةُ أكثر! وكلّما رفعَتْ بيني وبيني سورَ النّسيان، أهدمُهُ بصوتها وحكاياتها التي ما زالَ الأملُ يغفو بين همساتها..
ودّعتُ الأصدقاءَ.. وهذه المرّة كنتُ أعرفُ أنّ اللقاءَ ليسَ قريبًا!
صفعني الخذلان.. وألمي لم يكن عابرَ سبيلٍ يمضي في ليلٍ أدهم!
فَطرَ وطني المطعونُ قلبي.. ووقفْتُ عاجزةً أمامَ ضمائرَ فتكَ بها المجون !
حاضرٌ لم يكن في الحسبان.. ولا شفى غليلَ سنواتٍ من الخطط المؤجّلة..
مواجهةٌ ما برحت تشتدُّ ضراوتها، وفي زحام الرّحلةِ كنتُ أغرفُ أنفاسَ البقاء من بئر أحلامي..
يجب أن أستمرَّ !
يا هالبير بعرف إنك
ما عاد حدا يملّي منك
لكن خوفي ينزلوا عليك
يقوموا يسرقوا السرّ منك
كم ساومتني الحياةُ على قناعاتي.. لكنّها لم تنلْ منّي، وما خطفَتْ من عينيّ لمعةَ الحبّ.. نعم، عرفتُ دائمًا أنّي قدرُ الحب.. مؤمنةٌ حفظت كلَّ صلواتِهِ وأحيَتْ ذكراَهُ في زمنِ الرّدة !
أحصي اليومَ جولاتي مع المواقف.. وأطمئنُّ لانتصاراتي المدوّية، وإن كنتُ قد رويتها بدموعٍ حارقة !
شو بيبقى من الرواية
شو بيبقى من الشجر
شو بيبقى من الشوارع
شو بيبقى من السّهر
من الحب من الحكي
من الضحك من البكي
بقيتُ أنا..! شاهدةُ عيانٍ على صفحات مكتوبةٍ بألف سؤال.. دفعتُ ثمنها من عمري الذي حطّ رحاله في السادسة والأربعين.. وما زلتُ ابنةَ الحلم.. وصديقة القمر والعاشقة الأبديّة..
عهدك بقلبي قديم
عهد الصبا الغالي
ليل القمر والنّسيم
بعدن على بالي
أمر الهوى بليل الهوى
سلّم يا هوى وقول للزمان
والله زمان.. زمان.. يا زماني
(يتبع)