كمن يصبُّ الزيت على النار!!
لكلَ أساليبه المتبعة عندما يقرّر إيصال فكرة أو إقناع الآخر بموضوع ما، وتُعدّ قصة (قرى بوتكين ) من أكثر القصص رواجاً بما يخص مقال اليوم، والقصة باختصار: «في عام 1787، طلبت الإمبراطورة كاثرين من القائد العسكري الروسي المخضرم _ ألكساندر روفيتش بوتكين_ الذي حظي باهتمامها بعد مساعدته إياها في الانقلاب على الحكم عام 1762م، ببناء مساحات شاسعة من المستوطنات الاصطناعية المزيفة على طول طريقها إلى شبه جزيرة القرم لتجنيبها رؤية الواقع المرير للمقاطعات.
وثقت كاميرات التصوير قرى بوتكين كما ظهرت لحظتها للعيان والهدف الأساس من هذه العملية تزوير الحقائق والواقع وإيهام الآخرين بما يريدونه لا أكثر، فالصور التي تمّ التقاطها ليست محض تصوير لما هو مرئي، بل تتعدّى ذلك بإيهام الآخر ما يحاولون هم جاهدين إيصاله بكاميراتهم الخادعة !!
والأكثرية منذ ذلك الوقت وحتى يومنا الحالي يحاولون تزوير الحقائق والواقع ويركزون على إيصال ما يريدونه فقط.
وسوق بعض الأمثلة الحالية الشبيهة بما جرى في القرن الثامن عشر يؤكد النهج المتبع لفصل الواقع عن المتوقع!
الأغلبية تعرض على قنواتها صوراً وحقائق من الواقع الحياتي يبدو من خلالها الناس يعيشون في رغد ونعيم، وكأنه لا توجد أزمة اقتصادية قضت على الأخضر واليابس!!
أغلبية الشباب يحاولون جاهدين إقناع الفتيات بأنهم الشباب الخارقون الذي لا يشقّ لهم غبار وأنهم قادرون على تأمين الحياة الكريمة لهنّ وهم حتى اللحظة يتقاضون مصروفهم من ذويهم!!
كذلك الكثيرات من الفتيات يضعن عشرات الطبقات من المساحيق التجميلية ويتنمّقنَ بكلام معسول أنهنّ ولدن في طبقات أرستقراطية منطلقات من مبدأ _ أنا جميلة إذن أنا موجودة_!!
الأكثرية من الدكاترة والمثقفين حديث الساعة عندهم يتمحور عن مغامراتهم أيام سفرهم إلى دول أوروبية ومدى تأثيرهم الحارق الخارق في تلك الدول وأشخاصها وكأنهم بكلامهم هذا يحاولون جذب القاصي والداني إلى مدى قدراتهم العلميّة وحضورهم الآخّاذ!!
كثيرة هي العلاقات الأسريّة التي تنشر صوراً لها على مواقع التواصل الاجتماعي يظهرون من خلالها أنهم ينتمون لأحد الأسر التي تحدث عنها أفلاطون في مدينته الفاضلة ولا أحد يدري مدى المشاحنات والتحكم والسيطرة داخل منازلهم سوى الله وجيرانهم!!
مظاهر خادعة هنا وهناك وما خفي أعظم ويسقط هذا الكلام على جلّ مفاصل العلاقات والحياة بالعموم!!
مهما كنت من دولة عنصرية أو ديمقراطية، من عائلة فقيرة أم غنية، مديراً أو موظفاً عادياً، منحدراً من أسرة تضم العديد من المواهب أم من أسرة لا يبدو أن فيها مواهب ظاهرياً، فأنت قادر أن تبدع في حياتك الشخصية والعملية شرط أن تقرر ذلك وتؤمن بنفسك ولا داعي لتزييف الحقائق والواقع.. فقط كنت أنت…
صباح برجس العلي