الحريري يتحدث عن لقاءاته مع عون: الثلث المعطّل مستحيل رئاسة الجمهورية: مغالطات كثيرة وإقرار بمحاولته فرض أعراف خارجة عن الدستور والميثاق
فيما كرّر الرئيس المكلّف تأليف الحكومة سعد الحريري في الذكرى السادسة عشرة لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، مواقفه من تشكيل الحكومة محمّلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مسوؤلية التأخير في ولادتها، سارعت رئاسة الجمهورية عبر مكتبها الإعلامي إلى الردّ على الحريري ببيان مقتضب، من دون الخوض في التفاصيل، مكتفيةً بالقول «مرّة جديدة استغلّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ذكرى استشهاد والده الرئيس رفيق الحريري، ليلقي كلمة، تناول فيها ملابسات تشكيل الحكومة العتيدة وضمنها مغالطات كثيرة وأقوالاً غير صحيحة لسنا في وارد الردّ عليها مفصلاً، لتعذّر اختصار 14 جلسة ببيان. لكن تكفي الإشارة إلى أن ما أقرّ به رئيس الحكومة المكلف في كلمته، كاف للتأكيد بأنه يحاول من خلال تشكيل الحكومة فرض أعراف جديدة خارجة عن الأصول والدستور والميثاق».
وكان الحريري أكد في كلمة متلفزة من «بيت الوسط» أن، لا تراجع عن رفض إعطاء الثلث المعطّل لأي طرف من الأطراف، معتبراً أن «الثلث المعطّل يعني بأفضل الأحوال أن كلّ قرار مهم تأخذه الحكومة، وتنتظرها قرارات مهمة كثيرة، يجب أن نعود إلى صاحب الثلث، وأن نفاوضه ونقايضه. وفي أسوأ الأحوال، صاحب الثلث قادر أن يمنع النصاب عن الجلسات، لنفاوضه، ونقايضه، ونقايضه ونفاوضه! أو حتى أن يقيل الحكومة باستقالة وزرائه. وعندها، «خود على تفاوض ومقايضة، وخود على شغل وإصلاح وإنجازات».
أضاف «غير ذلك، لماذا يريد الثلث المعطل؟ مما يخاف؟ فخامة الرئيس موجود، ومجلس النواب موجود، ليخبرنا: مما يخاف؟ إلاّ إذا كان هناك خلف الستارة، من يحرّك ويشجع، ليقل لنا بوضوح».
وقال «من أصل 18 وزيراً، اعتبرت أنّ لفخامة الرئيس 6 وزراء، علماً بأنّ التيار الوطني الحرّ لم يسمني، وفخامة الرئيس يقول لي إنه هو يتحدث مع تياره. إذاً، 6 وزراء، واحد منهم من الطاشناق، الذي نوابه هم أعضاء في تكتل لبنان القوي، ويصوتون كل مرة مع التكتل في المجلس النيابي. ومن الخمسة الباقين، 4 أسماء، تنطبق عليها مواصفات الاختصاص وعدم الانتماء الحزبي والكفاءة، اخترتها من لائحة فخامة الرئيس، اللائحة الملونة، «ما غيرها». والخامس، شخصية محترمة، اختصاصية، غير حزبية، مقرّبة، من فخامة الرئيس وسبق وطلب مني شخصياً أن أدعم ترشيحها لمنصب مرموق، تستحقه وأكثر. وفوق ذلك، اقترحت في التشكيلة نفسها، لوزارة الداخلية اسم قاض معروف، مشهود لكفاءته ونظافته، وسبق أن حكم ضد تيارنا السياسي بالقضاء، ومقرب جداً، جداً من بعبدا، وتعيينه بمنصبه الحالي كان منذ أن كان وزير العدل مستشار فخامة الرئيس سليم جريصاتي (بس مشكلتو… بيقول لأ!). وبدل أن يدعو فخامة الرئيس الرئيس المكلّف، ويعطيه ملاحظاته على التشكيلة، بحسب ما ينص عليه الدستور والمنطق ومصلحة البلد واللبنانيين، جاء الجواب بالإعلام، بالخطابات، بالبيانات، بالتسريبات، أنها مرفوضة، لأنّ سعد الحريري هو من اختار الأسماء، حتى ولو من لائحة الرئيس والمقربين منه. وأنّ هذا اعتداء على حقوق المسيحيين وعلى صلاحيات الرئاسة. وأننا نمنع الرئيس من أن يطلب الوزارات التي يريدها، مع مشكلة إضافية وخاصة على الداخلية».
وتابع «ثانياً، منذ أول يوم، ومنذ يومين، ذهبت إلى فخامة الرئيس وقلت: إذا كنت تريد تغيير أسماء بين الحقائب الخمسة فقل لي. أنا جاهز. سمِّ لي لكل حقيبة 3 أو 4 أسماء تنطبق عليها المواصفات، وأنا مستعدّ أن أختار الأفضل من بينها للحقيبة. أكثر من ذلك. قلت له: إذا كانت هناك حقيبة لا تناسبك، أو اثنتان، وتريد أن تغيّرهما. فقل لي. أنا منفتح لأبحث بالأمر وأجد حلاً. وأكثر وأكثر من ذلك. قلت له، إذا كنت لا تريد الاسم الذي اقترحته لوزارة الداخلية فأنا مستعد أن أقترح على فخامتك 3 أو 4 أسماء لهذه الوزارة وأنت تختار الأنسب لك من بينهم. أين الاعتداء على صلاحيات الرئاسة لا سمح الله؟ وأين الاعتداء على حقوق المسيحيين لا سمح الله ألف مرة؟».
واعتبر أنّ «حقوق المسيحيين هي ببساطة حقوق اللبنانيين. حقوقهم أن نوقف الانهيار، ونعيد إعمار بيروت، ونوقف الكارثة التي ترميهم جميعاً، مسيحيين ومسلمين، على دروب الشرشحة والتعتير والهجرة. حقوقهم أن نقوم بإصلاحات، تغير طريقة العمل والعقلية بكاملها، ونعم حقوقهم تدقيق جنائي بالبنك المركزي وبكل المؤسسات والإدارات والوزارات: بالكهرباء، بالاتصالات، بالسدود، بالصناديق، بكل شيء، من سنة 1989 وحتى اليوم، لتُعرف حقيقة ما حصل، وتتم ملاحقة كل مرتكب وفاسد وسارق».
وأردف «على كل حال، جواب فخامة الرئيس الأولي بصراحة لم يكن مشجعاً وعاد إلى نغمة 6 زائد الطاشناق، أي الثلث المعطل، وهذا مستحيل»، مؤكداً أنه «مستعد وجاهز وملتزم اليوم وغداً وبعده. وليست هناك قوة ستفقدني الأمل ببلدي وبقدرة أبناء بلدي على وقف الانهيار والعودة إلى طريق التعافي».
وعقب الكلمة أشار مستشار الحريري الوزير السابق غطاس خوري أن الكلمة «لم تُقفل الباب على إمكانية الحل وهناك إصرار دولي على أنّ لا مساعدات من دون حكومة وإصلاحات».
وقال «حصل تصعيد إعلامي قوي جداً من جانب التيار الوطني الحرّ وعلى رئيس الجمهورية ميشال عون وقف المغالاة واستكمال عهده بطريقة لائقة».
وأضاف «لا قيامة للبنان من دون شراكة وهناك حكومة قريباً».
«الوطني الحرّ»
وفيما ردّ نواب ومسؤولو التيار الوطني الحرّ بقسوة على الحريري مركزين على ضرورة إجراء التدقيق الجنائي، أسفت الهيئة السياسية للتيار للأسلوب الذي يعتمده الحريري في مقاربة ملف التشكيل «إذ يستعمل الوقت الثمين في التجوال خارج لبنان طيلة أسابيع، ثم يعود ليقوم بزيارة رفع عتب لرئيس الجمهورية من دون أن يتقدّم بأيّ مقترح جدّي ويحترم الأصول والقواعد البديهية المعمول بها لتأليف أيّ حكومة»، موضحةً أنّ «جديد الرئيس المكلّف هو إعلانه من قصر بعبدا أنّه هو من يقرّر منفرداً شكل الحكومة وعددها وأسماء وزارئها وحقائبها، كأنّ لبنان ليس جمهورية برلمانية ودون أن يقيم وزناً للدستور ولصلاحيات رئيس الجمهورية، وأنّ هذا ما يجعلها تعتبر بأنّ أمراً خفياً لا يزال يُعيق تشكيل الحكومة».
خليل: البلد لا يحتمل
إلى ذلك، أعلن عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي حسن خليل خلال رعايته لقاء لقيادة حركة أمل في البقاع، أننا «اعتقدنا أنّ أصحاب الشأن والمعنيين مباشرةً بهذا التشكيل مستعدون لتقديم مصلحة الوطن على مصالحهم الخاصة وأن يبتعدوا عن كلّ الحسابات الضيقة التي لا تراعي الظرف والمرحلة الاستثنائية التي نعيش، لكن للأسف ما حصل خلال اليومين الماضيين جعلنا أمام واقع يدفعنا إلى اليأس الحقيقي من هذه التصرفات التي أعاقت تشكيل الحكومة، وبالتالي تعيق إمكانية انطلاق الوطن ووضعه على خارطة الإصلاح من جديد».
وأشار إلى أنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي «قام بجهد استثنائي خلال الأسابيع الماضية من أجل تقريب وجهات النظر، ومن أجل صياغة مبادرة تقوم على التحسس بالظرف الاستثنائي، نحن نعرف تماماً أن تشكيل الحكومة في لبنان يخضع لمعايير وتوازنات سياسية وتمثيل سياسي، وأن الحكومات هي مركز القرار السياسي، ولكن لأن الظرف استثنائي ولأن الوقائع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والنقدية والمصرفية تفرض تعاطيا استثنائياً، ولأن الجهات المانحة أو الجهات التي عبّرت عن الاستعداد لدعم لبنان في المرحلة المقبلة طرحت مجموعة من العناوين وهي قيام حكومة من الاختصاصيين الذين يعكسون تمثيلاً حقيقياً ويشكلون قيمة إضافية مسؤولة عن صياغة حلول لهذا البلد، وافقنا على شكل هذه الحكومة وتعاطينا بمسؤولية مع هذا الأمر، وقدمنا أقصى درجات التسهيل من أجل الوصول إليها».
أضاف «على هذا الأساس دولة الرئيس برّي في الأسبوعين الأخيرين قدم صيغة قائمة على حق الكتل النيابية في اقتراح ما تراه مناسباً، وعلى دور الرئيس المكلّف اقتراح الأسماء التي يريد، وأن يكون هناك نوع من الاختيار المبني على الكفاءة وعلى الالتزام بالمعايير التي توافقنا عليها في ما يسمى بالمبادرة الفرنسية، ولكن للأسف هناك من يريد أن يكرّس واقعاً يفرض ما يشبه الثلث الضامن في الحكومة، وهناك من يريد أن يؤثّر ويمسك بقرار هذه الحكومة لحسابات خاصة به».
ولفت إلى أن الناس لم تعد تحتمل «ترف التنظير وهذه الحسابات الخاصة، والناس لم تعد تحتمل من يطالب بحصة من هنا على حساب الآخر من أجل أن يضغط عليه بموقع آخر، وضع البلد لا يحتمل على الإطلاق أن نفتح اليوم نقاشاً حول قضايا ميثاقية ودستورية، ومن يريد أن يحجز له مكاناً على طاولة النقاش الوطني، عليه أن يقدم مصلحة الوطن أولاً وأن يسمح برسم خارطة طريق للخروج من الأزمة التي نعيش والتي مفتاحها حل المشكل السياسي وتشكيل الحكومة والإسراع بإقرار خطة إصلاح في الوضع النقدي، إعادة هيكلة للوضع المالي، إعادة دفع للاقتصاد، إطلاق عجلة النمو والاتفاق مع الجهات المانحة».
بدوره، اعتبر النائب الدكتور قاسم هاشم، عبر «تويتر»، أن «اللقاءات والاتصالات لم تعد مهمة إذا لم تُترجم بتفاهمات على حكومة سريعة خشيةً من اتساع الهوة وزيادة حدة الأزمة واستمرار الانهيار حتى القعر عندها لن تنفع المكاسب والمناصب وينهار الهيكل على رأس الجميع».