ورد وشوك
نحن معشر البشر غزونا كوكب الأرض لا ندري كيف ولمَ وما كان من وجودنا الوطر…. المهم أننا افترشنا بقاع اليابسة بصحبة أنواع مختلفة من مخلوقات المفروض أنها لا ترقى لمستوانا نحن مَن حظينا بنعمة العقل والقدرة على النطق. فكانت لنا السيادة وصار اسم الأرض بعدها المعمورة من خمسة مليارات سنة مضت… تقطن فيها أفواج وأقوام من البشر سخر لهم الله من عليائه كماً من الكائنات الحية امتلأت بها الأرض وكذلك الفضاء والمحيطات للاستفادة من لحمها وجلدها لتحملهم في تنقلاتهم وترحالهم والسفر بحثاً عن أسباب الحياة من ماء ونبات فبهما يستقر ويستمرّ بقاء الخلق جميعهم وهكذا انتقلوا من البداوة إلى الحضارة. مكننوا مجتمعاتهم واستنبطوا من العدم معظم الفكر رسموا خريطة الحياة الدنيا وقسموها لأقطار ودول. وكان منطق القوة سيّد التقسيم ومَن قام به فئات متنوّعة من البشر بسلبية أيقنت أن القوة وحدها هي مفتاح السيطرة وإخضاع غيرها لمشيئتها. فكان الاستعمار وليد أفكار هذه النخبة من البشر. من حينها ما هنئ بال مستضعف في عالم سمّوه بالثالث بترتيبهم لمكانة الدول… بعد أن زرعوا رجالاتهم بين مجتمعات معظم الدول عملوا وما زالوا لمصلحة مَن أوجدهم بالبحبوحة ينعمون وعلى أولاد جلدتهم يتعالون.
وهكذا انقسم الوطن الواحد أوطاناً والأخوة تفرّقوا لفرق وأحزاب ما عاد همّ توحّدهم يجمعهم… وصار لكل على هواه دين ومذهب… السلطة هي المعبود والمال هو المطلوب… والثمن دائماً يدفعه الشعب المسود من قلة بالمحتل المتسلط مسنودة بأنانية وراء مصالحهم يسعون ما أدركوا يومآ أنها لو دامت لغيرهم ما وصلت إليهم وأن الخلق جميعهم للزوال ماضون بقرار إلهيّ مبرم لا يقبل أي طريق من طرق الطعن (من نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون) والتنكيس في الخلق إنما هو حال بعد حال وشيء بعد شيء والحق يُقال إن باسط الأرض ورافع العرش قهر عباده بالموت، لكنه قال في علاه: (إن رحمتي تغلب غضبي) فبرحمته لن تقف الأرض عن الدوران إلا إن هو شاء فما زال الأوكسجين غير معبّأ في عبوات فهو إذآ للجميع متاح وما زالت طبقة الأوزون تعمل مع المجال المغناطيسي للأرض على حجب الإشعاعات الضارة بعلم لا تدركه أبصارنا وبصيرتنا لحماية كل ما خلق من نوائب القدر كهؤلاء الأوغاد من باعوا أنفسهم للشيطان ولم يحسبوا حساباً لحرمة الإنسان. سرقوا اللقمة من أفواه الفقراء ومالاً جمعه الشرفاء بكدّ وتعب حرموا أنفسهم ليتركوه للأبناء فإذا بهم منهوبون بغطاء البلطجة والفساد. لا بد إذآ من زلزال يقلب كل الأوراق ويفسح المجال أمام من هم أقدر من غيرهم على شكر ما أنعم به علينا الإله.
رشا المارديني