أخيرة
تحيّة إلى مدن الشام
} يكتبها الياس عشّي
لمَ تتّشح بعض المدن بالسواد، وتَشرق بالدمع حتّى تغصّ؟ ولمَ وقف بعض الشعراء على أطلالها المحترقة كما ابن الرومي في رثائه البصرةَ، والبحتري في مناجاته المدائنَ، وحافظ ابراهيم في بكائه مسّينا التي ابتلعها البحر؟
وأنا، يا أصدقائي، راودني السؤال عندما سمعت بكاء دمشقَ، وعويل حلب، ونحيب معلولا والمعرّة والرقّة والحسكة وحمص ودير الزور ويبرود والنبك وصدد وغيرها من المدن والأرياف السورية المفجوعة برائحة الموت .
قدر المدينة أنها أمّ، وأنها مشغولة قطعةً قطعةً بعرق عمّالها، وحبر أدبائها ومفكّريها، ونغمات شعرائها، وأقلام صغارها الملوّنة، وذاكرة مؤرّخيها، وأجنحة نسورها .
عندما، يا أصدقائي، تبكي مدينةٌ شهيداً من شهدائها فإنما تبكي وحيداً من أبنائها فقدته للتوّ؛ فكلّ شهيدٍ هو وحيدها، بل هو فجيعتها، ووسامها.