الانتخابات الفرعية
– يلفت الانتباه أمران في قضية الانتخابات الفرعية، الأول أن دعاة الانتخابات المبكرة من منطلق الرهان على تغيير شعبي أحدثته تجربة الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين، وهم الذين استقال عدد منهم لتحفيز انتخابات مبكرة، يخافون الانتخابات المبكرة التي يفترض أن تشكل نموذجاً اختبارياً لإثبات نظريتهم بحدوث التغيير الشعبي الى خانة اختيار قيادات جديدة بدلاً مما يسمونه فساد الطبقة السياسية، بينما أظهرت مساوئ ما بعد 17 تشرين أن الاصطفافات التي أصابها بعض الاهتزاز عادت تقريباً الى ما كانت عليه. والسؤال هنا الى القوات اللبنانية أولاً التي تعتقد ان مزاج الشارع انتقل إليها لماذا لا تنظر للانتخابات الفرعية وهي تجري على 9 مقاعد مسيحيّة ومقعد درزي بصفتها نموذجاً لما يفترضونه من تغيير شعبي يبرر الدعوة لانتخابات مبكرة؟
– الأمر الثاني هو مواقف النواب المستقيلين المفترض أنهم استقالوا رفضاً لاحتسابهم مع مَن يسمّونهم برموز الطبقة الفاسدة، ولا جدوى الرهان على فعل شيء في توازنات المجلس الحالية من بقائهم فأرادوا تحريك زملائهم الذين يعتقدون بأنهم أبعد من سواهم عن هذه الطبقة الفاسدة، وفجأة أعلنوا أنهم سيترشحون إذا تمّت الانتخابات الفرعية.
– تحريك رئيس مجلس النواب للانتخابات الفرعية ودعوته لإجرائها تحرك المناخ السياسي الساكن، وتقدم فرصة لتثبيت نتائج ما لحق الرأي العام من فرضيات تغيير، والانتخابات الفرعيّة ستتم في دوائر ممتدة على مساحة دوائر جبل لبنان ودائرة في الشمال وأخرى في بيروت، وهي المناطق التي أصابها أغلب التغيير الشعبي باعتبار أن الجنوب والبقاع والضاحية كما يعترف خصوم حركة أمل وحزب الله لم تشهد إلا تغييراً طفيفاً، إن شهدت.
– الذين سيهربون من خوص الانتخابات الفرعية من أصحاب الألقاب تحت شعار الثورة والثوار يعترفون ضمناً بأنهم كانوا يروّجون لأكاذيب، ويلعبون لحساب روزنامة خارجيّة، ويجب أن يعلموا أنهم سيفقدون مصداقيتهم إن لم يخوضوا غمار هذه الانتخابات ويختبروا ما يظنّونه وضعاً جديداً.
– ستجري الانتخابات الفرعيّة إذا تمّ كل شيء كما يجب في شهر حزيران باعتبار أن لوائح الشطب تكتمل في نهاية شهر آذار وأن الدعوة يجب أن تصدر قبل ستين يوماً من إجرائها، ولبنان يحتاج هذه الانتخابات كعيّنة اختبارية لقواعد تشكيل المشهد السياسي، وبنتائجها سيظهر نموذج مصغر لتوازنات مجلس النواب المقبل، واستطراداً المشهد الرئاسي الذي سيحكمه، في ظل تغييرات دولية وإقليمية تسقط كل وهم حول إمكانية ترك لبنان في الفراغ النيابيّ والرئاسيّ.