اجتماع أميركي أوروبي اليوم لبحث خارطة طريق العودة الى الاتفاق النووي
الأوروبيون يدعون لرفع العقوبات بعد تفاهم إيران مع وكالة الطاقة الدولية / رحيل أنيس نقاش... جنبلاط يرفض الـ 20... أهالي الضحايا يرفضون التدويل
كتب المحرر السياسي
تتسارع الخطوات للعودة الى الاتفاق النووي رغم محاولات التشويش التي يقودها الثنائي السعودي “الإسرائيلي” لخلق مناخات وتسريب معلومات وتصنيع أحداث تربك الحركة الأميركية بهذا الاتجاه، ففيما كانت مواقف إيران شديدة الصلابة بوجه كلّ هذه المحاولات، جاء التفاهم بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ليقدم مثالاً عن الدبلوماسية الإيرانية وقدرتها على صناعة التسويات، وتسجيلها نقاطاً جديدة لصالح منطقها، فالشهور الثلاثة الانتقالية التي توصّلت إيران لإعلانها بالتراضي مع الوكالة الدولية، بصورة تحفظ للوكالة متابعة البرنامج النووي الإيراني، وتمنح إيران حق مواصلة تحضيراتها لرفع التخصيب، وتفتح المجال لتسوية تضمن العودة إلى الاتفاق الذي أعلنت واشنطن الخروج منه، وتدعوها إيران للعودة إلى التزاماتها بموجبه وفي مقدّمتها رفع العقوبات.
وفور الإعلان عن الاتفاق بين إيران والوكالة الدولية، جرى الإعلان عن انعقاد اجتماع بالفيديو اليوم بين وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا، للبحث بخارطة طريق العودة إلى الإتفاق والتمهيد لعقد اجتماع رسمي للأطراف الموقعة على التفاهم ضمن منصة الـ 5+1، وعقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي مساء أمس، شارك فيه مفوض السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل، خرج بقرار يعلن دعوة واشنطن لرفع العقوبات عن إيران تمهيداً لاجتماع اليوم.
لبنانياً تستقبل العاصمة بيروت اليوم جثمان إبنها المفكر والمناضل أنيس النقاش الذي توفي في العاصمة السورية إثر إصابته بفيروس كورونا، والنقاش الذي مثل طليعة الشباب اللبناني والبيروتي الذي انحاز للقضية الفلسطينية في ستينيات القرن الماضي وشارك في عمليات خارجية كبرى حملت بصْمَته، وخرج من السجن الفرنسي بعد محاولته اغتيال رئيس الحكومة الإيرانية في زمن الشاه، بعفو من الرئيس فرانسوا ميتران ليواصل موقعه الى جانب المقاومة وإيران وبوصلته الدائمة فلسطين، وقد نعى حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية النقاش، كما نعته العديد من الشخصيات اللبنانية والعربية والإسلامية.
في بيروت أيضاً بدأ القاضي طارق بيطار مهامه في تحقيق تفجير مرفأ بيروت، واستقبل أهالي الضحايا الذين نقلوا انطباعاتهم الإيجابية، وثقتهم بجديته والتزامه وشجاعته، وأعلنوا بعد اللقاء رفضهم لمحاولات من وصفوهم بمروز الحرب الأهلية ومجرميها بالوصاية على قضيتهم عبر طرح تدويل التحقيق، معلنين تمسكهم بدعم التحقيق القضائي اللبناني، في إطار ما وصفته مصادر اللجنة بالردّ على دعوة حزب “القوات اللبنانية” لتدويل التحقيق.
في الشأن الحكومي كان التطور البارز، بالإضافة الى استمرار ردود الأفعال السلبية على كلام رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، خصوصاً من حركة أمل وتيار المستقبل وتيار المردة، ما قاله النائب السابق وليد جنبلاط عن الوضع الحكومي من كلام تصعيدي على حزب الله، موجهاً له اتهامات تعكس ما وصفته مصادر معنية بالملف الحكومي بالرفض لدعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لجهة رفع عدد الوزراء في الحكومة من 18 الى 20 أو 22 وزيراً، وهو ما كانت المصادر قد رصدت تبنيه من فرنسا في الحوار مع الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، الذي أيّد ثم تراجع بسبب موقف جنبلاط الرافض والمتمسك بحصر التمثيل الدرزي في الحكومة بفريقه، ليأتي هجوم جنبلاط على حزب الله تحت عدة عناوين تأكيداً لبقائه على ممارسة حق الفيتو بوجه كلّ توسيع للحكومة العتيدة، مذكراً بمعادلة، نحن بيضة القبان.
فيما بقيت مواقف ومبادرة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الحكومية في واجهة المشهد الداخلي، عاد الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت أمس بعد زيارة قام بها لدولة الإمارات حيث التقى ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد. ومن المتوقع أن تتحرك الوساطات والمبادرات على خط بعبدا – بيت الوسط في محاولة لتذليل العقد أمام ولادة الحكومة.
وتوالت ردود الفعل على مواقف باسيل من القوى السياسية الأخرى. فبعدما اكتفى رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية القول: «لا سمعتو ولا بدي إسمعو.. بلا ما ضيّع وقتي»، ردّت حركة أمل على باسيل عبر مكتبها السياسي وقالت في بيان: «البلد يحتاج في هذه اللحظة الصعبة الى حكومة توقف الانهيار الكارثي الذي تتدحرج كرته على أكتاف المواطنين، حكومة خارج لعبة الشروط ومحاولات «التذاكي» عبر ابتكار عوامل تعطيل بدلاً من التسهيل، وجعل الدستور مطية «عرجاء» لتفسيرات «همايونية»، واللعب مجدّداً على أوتار الطوائف والمذاهب والحقوق، بدلاً من التقاط الفرصة للخروج من الوضع المأزوم من خلال الإسراع بتأليف حكومة مَهَمّة ترتكز على إيجابيات مبادرة الرئيس نبيه بري بمندرجاتها الوطنية التي تؤسّس لحكومة لا أثلاث ولا أرباع ولا حصص فيها لأيّ طرف، حكومةٌ بأجمعها هي حصة كلّ الوطن، تنطلق بمهمتها الإنقاذية والإصلاحية بوزراء أكفاء قادرين على وضع بيان وزاري مرجعيته إطلاق رزمة إصلاحات اقتصادية ومالية تبدأ من التدقيق الجنائي في كلّ مؤسسات الدولة».
وتنتظر بعبدا عودة الحريري إلى بعبدا للبحث في التشكيلة الحكوميّة كلّها، وليس فقط أسماء الوزراء المسيحيّين. وأشارت مصادرها إلى أن حتى ذلك الوقت دخلت الحكومة في المجهول.
وأشار مصدر مقرّب من رئيس الجمهورية لـ «البناء» إلى أنّ «على الذين يسألون عن التأخير في تأليف الحكومة أن يسألوا ويراجعوا الرئيس المكلف والمعني بهذا الاستحقاق وليس سؤال رئيس الجمهورية الذي ينتظر كالعادة عودة الرئيس المكلف من تجواله وترحاله المستمرّ في الخارج». وتساءل: «هل أدّت هذه الجولات الخارجية إلى تأليف الحكومة؟ فيما الأجدر بالحريري العودة إلى الداخل للتفاهم مع رئيس الجمهورية على تفاصيل الحكومة، فعملية تأليف الحكومة تجري في لبنان وليس في الخارج». وأوضح المصدر أنّ «كلّ الاتهامات التي تُساق ضدّ رئيس الجمهورية بأنه يعطل تأليف الحكومة غير واقعية وتدرج في إطار الحملة الإعلامية على بعبدا لتحريف الوقائع وحرف الأنظار عن المعطلين الحقيقيين». وتابع: «عبثاً يحاول الرئيس المكلف استدراج الخارج الى الملعب الداخيل لتأليف الحكومة علماً أنّ هذا الخارج يقول كلمة واحدة شكلوا حكومة أولاً لتتلقوا مساعدتنا اقتصادياً ومالياً». ولفت الى أنّ «عون لا يتمسك بالثلث المعطل بل مفتاح الحلّ هو أن يأتي الحريري ويتفاهم مع رئيس الجمهورية على كافة الأسماء والتفاصيل وفق الأصول الدستورية واحترام صلاحية رئيس الجمهورية، ونعرف أنّ الحريري يريد تأليف الحكومة وأبدى تعاوناً في البداية لكن في اللقاءات اللاحقة لا ندري من دخل على الخط ووضع للحريري معايير وأصولاً وأعرافاً جديدة لعرقلة تأليف الحكومة». وختم المصدر بالسؤال: «هل هناك ضغوط وشروط دولية على الحريري أو التزامات داخلية خارجية تقيّده؟»
وفي هذا السياق كشفت مصادر ديبلوماسية رسمية لـ «البناء» أنها «لم تلمس من المسؤولين الدوليين الذين يزورون لبنان ولا في لقاءات المسوؤلين اللبنانيين مع الخارج أية شروط دولية في ما خص تأليف الحكومة ولم يضع أحد شرطاً لعدم تمثيل حزب الله في الحكومة، بل كلّ المسؤولين أكدوا بأنّ الدول مستعدة لدعم لبنان بعد تأليف حكومة قادرة على القيام بهذه المهمة لإنقاذ لبنان». وبحسب معلومات «البناء» فإنّ «نائب وزير الخارجية القطري سأل أحد المسؤولين اللبنانيين الرسميين خلال اجتماع إقليمي عربي: «لماذا لا تؤلفون حكومة؟» فردّ قائلاً: «المعني الأول بالتأليف هو الحريري والسؤال يجب أن يوجَّه إليه»، والسؤال نفسه سأله وزير الخارجية الكويتي فتلقى الجواب نفسه.
وأكّدت مصادر الحريري، لقناة «أو تي في»، أنّ «الحريري لن يعتذر مهما طال الوقت، وأَمرُ زيارته السعودية غير مطروح في الوقت الراهن، فالسعوديّون يقولون: «شكّلوا حتّى نبني على الشيء مقتضاه»، لافتةً إلى أنّه «لو كانت السعودية هي الّتي تضغط في اتجاه عدم تشكيل الحكومة، لما كانت سمحت للإمارات ومصر بالتحرّك في هذا الإطار». وأشارت في ما يتعلّق بزيارة الحريري للإمارات، إلى أنّ «هناك وعوداً بالمساعدات شرط التشكيل»، مشدّدةً على أنّ «الإمارات 150 في المئة ضدّ أيّ تمثيل لـ «حزب الله» في الحكومة، أمّا قطر فقد تكون أكثر ليونةً، نظراً إلى الطُرق الّتي تتعبّد بينها وبين إيران». ووصفت المصادر، ما طرحه باسيل في كلمته بـ «الفتنوي»، مركّزةً على أنّه «إذا كان يريد الإصلاحات فعليّاً، فعليه الذهاب إلى المجلس النيابي، وإذا كان يريد السير بالتدقيق الجنائي، فعليه إمّا الذهاب إلى حكومة حسان دياب الّتي يسيطر عليها بنفسه، أو الإفراج عن الحكومة العتيدة الأسيرة».
وفيما أكدت أوساط سياسية لـ «البناء» أنّ صيغة الـ18 وزيراً وفق ما يطالب الحريري سقطت الى غير رجعة، مع تقدّم صيغ الـ 20 و22 و24 وزيراً، برزت مواقف تصعيدية لرئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط تعبّر عن ضيق في الخيارات وامتعاض من طرح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله برفع عدد الوزراء الى 20 ما ينزع احتكار جنبلاط للحصة الدرزية ويمنح خصمه السياسي النائب طلال أرسلان مقعداً وزارياً. وكشف في حديث لقناة «أل بي سي»، أنه «لم يطالب بشيء وهو طرح الأستاذ عباس الحلبي لكن الحريري قال إنه هو من يسمّي وفق المبادرة الفرنسية». وأوضح «أنّ باسيل استلم كلّ البلد، ونحن نشكر حزب الله الذي سلّمه كلّ شيء، ونحن اليوم نريد جهة مستقلة وقضاء مستقلاً لمحاكمتنا، وباسيل ليس بريئاً وكلنا متهمون». وذكر بأنّ «باسيل يريد إلغاء نبيه بري وسعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع وكلّ الناس». أضاف «أنا لا أنصح الحريري بالاعتذار، بل هو من يقرّر ذلك». وانتقد جنبلاط حزب الله وقال: «لا يجوز لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أن يملي علينا بالانتقال من التحقيق بالانفجار إلى التعويض، والقضاء الدولي متاح ولكن بنفس الوقت المطلوب رفع الوصاية عن القضاء اللبناني»، وسأل «هل مُعترف بعد بالكيان اللبناني من قبل طهران أم انّ لبنان أصبح مساحة جغرافية لصواريخ إيران؟».
في غضون ذلك، وفي خطوة تهدّد السيادة اللبنانية وتفضح موقف بعض القوى السياسية التآمري على لبنان، طالبت «القوات اللبنانية» الأمم المتحدة بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في جريمة المرفأ. وسلّم وفد من نواب القوات نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان عريضة موقعة من النواب القواتيين لمطالبة الأمين العام أنطونيو غوتيريش بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في انفجار مرفأ بيروت.
والتقى وفد من أهالي ضحايا انفجار المرفأ المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في مكتبه في قصر العدل في بيروت.
وفيما خرجت أصوات من أهالي الضحايا ترفض تنحية صوان وتدعو إلى تحقيق دولي نتيجة عجز التحقيق اللبناني عن كشف الحقيقة. أكد رئيس لجنة أهالي شهداء المرفأ كيان طليس لـ «البناء» أنّ «هناك تمايزاً في الموقف بين لجنة أهالي شهداء المرفأ وبين لجنة أهالي ضحايا فوج الإطفاء الذين يطالبون بتحقيق دولي وإرسال عريضة بتوقيع عدد من النواب إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة الأمر الذي نرفضه نحن كلجنة لسبب أننا نثق بالقضاء اللبناني». وأضاف: «هناك الكثير من القضاة النزيهين والمستقلين والحريصين على لبنان وشعبه أكثر من القضاة الدوليين. وبالتالي من المبكر الحديث عن تحقيق دولي طالما هناك قضاء لبناني يعمل بجدية ونزاهة لا سيما أنّ تجارب التحقيق الدولي غير مشجعة في قضايا مختلفة وخاصة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري».
من جهته، أوضح المُدّعي العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي لـ «البناء» أنّ «القاضي صوّان لم يشّتغِل ملفه بشكلٍ جيد ومهني. واتخذ قرارات غير صحيحة». ولفت إلى أنّ «على القاضي بيطار أن يبدأ تحقيقاته من حيث انتهى صوان ويجب منحه الفرصة الكافية لقراءة الملف على الأقلّ مدة أسبوعين، وبالتالي يجب أن يبدأ تحقيقاته من النقاط التي أغفلها صوان، أيّ بالإجابة على الأسئلة التالية: من أدخل باخرة النيترات إلى لبنان ومن صاحب الباخرة ومن أفرغ محتواها في العنبر رقم 12 ولماذا بقيت هذه المواد المتفجرة حتى هذا الوقت ومن فجر النيترات؟».
ورأى القاضي ماضي «أن لا مانع من أن يُخلي المحقق العدلي الجديد سبيل الموقوفين الحاليين أو يأمر بتوقيف آخرين». ولفت إلى أن «لا مدّة معينة لانتهاء بيطار من تحقيقاته لكن من المتوقع أن ينتهي من وضع قراره الظني خلال شهرين».
إلا أنّ أهالي ضحايا فوج الإطفاء وفي موقف يعكس الخلاف مع لجنة أهالي ضحايا تفجير المرفأ، قطعوا طريق الكرنتينا باتجاه المرفأ بالإطارات المشتعلة وذلك رفضاً للتدخلات السياسية التي منعت محاسبة الوزراء والمسؤولين في القضية وللمطالبة بحقوقهم وحقوق أبنائهم.
وفي قضية قضائية أخرى، أفيد أنّ مفوّض الحكومة في المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، ادّعى بجرم الإرهاب على 35 شابّاً من موقوفي أحداث طرابلس ومِمَّن أُخلي سبيلهم.
إلى ذ لك، تابع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، قضيّة التسرّب النفطي من باخرة إسرائيليّة، الّذي وصل إلى الشواطئ اللبنانية في الجنوب، وكلَّف وزيرَي الدفاع والبيئة والمجلس الوطني للبحوث العلميّة متابعة الموضوع، وإبلاغ قوات «اليونيفيل» ووضع تقرير رسمي بهذا الخصوص؛ والتعامل مع هذا التسرّب وأضراره.