أيها الحكام… الشعب ليس مجرد صوت غبّ الطلب
} علي بدر الدين
سقطت الأقنعة، وانكشف المستور وتعمّم الفساد وطافت الفضائح، وبلغ السيل الزبى، ولم يعد متاحاً التلطي خلف الإصبع، ووراء مصالح الطوائف والمذاهب، أو ادّعاء الحرص على المصلحة الوطنية العليا، وعلى حقوق الناس، أو الاختباء في الظلّ، وتحميل المسؤولية الى دول خارجية بأنها تستهدف لبنان، وهذا لا يعني استبعادها، لأنها متهمة وموجودة ومؤثرة، وشريكة في تأسيس النظام السياسي الطائفي القائم، وفي تركيب المنظومة السياسية الحاكمة التي تعاقبت على الحكم منذ زمن التأسيس لغاية اليوم، والتسويق لها محلياً وخارجياً، لأنها وكيلتها في القضايا الكبرى التي لها علاقة بسيادة لبنان واستقلاله وثرواته النفطية وغيرها، بعد أن نجحت بالترهيب والترغيب والتهويل بانتزاع قرارها، وأن تبقى أمينة لتبعيّتها وارتهانها لها، مقابل استمرار إمساكها بالسلطة وتوريثها لخلفها صالحاً كان أو طالحاً، وهذا ما نشهد فصوله منذ مائة عام، حيث انّ معظم ما يسمّى بالعائلات والبيوتات السياسية والطائفية والمذهبية والمناطقية والمالية، هي نفسها تتوارث أباً عن جد، الرئاسة والنيابة والوزارة والألقاب، مع بعض الاستثناءات التي فرضتها الحرب الأهلية المتنقلة وأنتجت أسماء وألغت أخرى، من دون أن تلغي الوراثة، وكأنها عقارات يتوارثها الأولاد والأحفاد، وكأنّ البلد ودولته ومؤسّساته وسلطاته مزارع وملكيات حصرية لهذه العائلة أو تلك، او لهذا الإقطاع السياسي أو المالي المستجدّ أو القديم، ولا تزال ألقاب «الفخامة والدولة والعطوفة والمعالي والسعادة والبيك والشيخ والسيادة والنيافة والسماحة والفضيلة» تطغى على كلّ شيء، ولها الأولوية في السلطة والمعاملة «والاحترام». أما المواطن الصالح الفقير الملتزم بالمواطنية الصحيحة ومن ليس له «ظهر يحميه « عليه ان يتحوّل إلى» مكسر عصا» و»فشة خلق» ومهمل ومستضعف ومحروم، ومقهور ومذلول على أبواب أصحاب السلطة والنفوذ والقرار والمال، ويصبح مجرد ناخب و»صوت غبّ الطلب» وعليه وحده أن يدفع دون خلق الله، الضرائب، والرسوم ويغذي خزائن «المافيات» على أنواعها وأشكالها، والتجار المحتكرين والجشعين من الطبقتين السياسية والمالية، من أجل أن تتراكم ثرواتهم، ولتضع أياديها كلياً على السلطة والمال والقرار، والطحين والخبز والمحروقات والطاقة على اختلافها، وعلى أموال المودعين بالمصارف، بعد أموال خزينة الدولة وكله بإسم القانون وتحته.
يكفي تحميل هذا الشعب المسكين أحمالاً مضاعفة وفوق طاقته وقدرته على التحمّل، وتكفيه التجاذبات والسجالات والبهورات والخطابات الطوائفية التعبوية التحريضية من أجل حقيبة من هنا وحصة من هناك، ومن أجل حكومة لن تكون أفضل من سابقاتها مهما كان حجمها وتمثيلها وأشخاصها ورئيسها ومن سيشارك فيها او يرفض المشاركة، كله من دون قيمة او فائدة او معنى، إذا ما استمرت الطبقة السياسية الحاكمة، متحكمة، وولادة الحكومة على يديها ومن رحمها، لأنّ «المكتوب يُقرأ من عنوانه».
كفى فساداً ونهباً وجشعاً ونفاقاً على الشعب، وقد بلغ ترتيب دخل الفرد في لبنان الدرجة 181 من أصل 188 دولة في العالم، و6o بالمائة من اللبنانيين تحت خط الفقر، وتراجعت نسبة الطبقة الوسطى من 80 بالمائة الى 20 بالمائة، وغلاء الأسعار هو الأعلى في العالم، يعني في المقدمة، والحبل على الجرار، من دون افق او نهاية…