دور وكالة الطاقة الذريّة في تقريب وجهات النظر بين أميركا وإيران
تعبّر مواقف إيران عن التزامها الصارم بالشروط التي طرحتها على الإدارة الأميركيّة من أجل العودة للاتفاق النووي، وهو ما أكده الاتفاق الأخير الذي وقعته مع وكالة الطاقة الذرية.
الاتفاق الذي نصّ على مواصلة تفتيش المنشآت النووية الإيرانيّة لمدة 3 أشهر، أكد أيضاً على «تنفيذ القانون الإيراني الخاص بتقليص التعاون وتعليق البروتوكول الإضافي، حيث تواصل طهران تنفيذ الاتفاقية المبرمة مع الوكالة الدولية من دون قيود».
وكانت إيران قد أمهلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حتى 23 شباط الحالي، لرفع العقوبات التي فرضها سابقه دونالد ترامب، وإلا ستوقف التفتيش المفاجئ الذي تجريه الوكالة وفقاً للاتفاق النووي.
وقال مراقبون إن «الاتفاق الإيرانيّ مع الوكالة يؤكد التزام طهران الصارم بما صدر عن البرلمان، وإن الوكالة قد تحاول في الفترة المقبلة تلطيف الأجواء ومحاولة إقناع أميركا بإلغاء العقوبات».
واتفقت وكالة الطاقة الذرية مع إيران على مواصلة تفتيش منشآتها النووية لمدة 3 أشهر، بعد لقاء جمع في طهران المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي ورئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي.
وقال غروسي بحسب البيان: «اتفقنا على التزام إيران بالاتفاق النووي ومواصلة أنشطة التفتيش لمدة 3 أشهر». وأضاف مدير الوكالة: «علاقتنا مع إيران تتركّز على الجانب الفني وليس السياسي». وشدّد على أنه «تم الاتفاق على مراجعة منتظمة للتفاهمات الفنية لضمان تحقيق أهدافها».
وتابع غروسي: «حصلنا على نتيجة جيدة ومعقولة من المحادثات في إيران»، لافتاً إلى أن «التدابير التي سنطبقها ليست بديلاً عن الاتفاق الشامل ولكن تفاهمات تتيح لنا العودة تدريجياً إلى الاتفاق النووي».
وأشار إلى أن «تراجع التعاون الإيراني مع الوكالة سيتم تخفيف آثاره عن طريق الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه». وأضاف البيان أن «القانون الإيراني الخاص بتقليص التعاون سيطبق ومن ثم سيتمّ تعليق البروتوكول الإضافي»، مشيراً إلى أن «طهران ستواصل تنفيذ الاتفاقية المبرمة مع الوكالة الدوليّة من دون قيود».
صباح زنكنة، المحلل السياسي الإيراني، قال إن «ما حصل بين إيران والوكالة الذرية للطاقة النووية مجرد اتفاق، وتعهّدات من الوكالة برعاية سرية المواقع والتفتيش».
وأضاف زنكنة، أن «في الوقت نفسه الحديث عن تفتيش طارئ كما كان يحدث في السابق بحسب البروتوكول الإضافي للاتفاق النووي الذي كان طوعيًا لن يحدث مرة أخرى».
وبشأن إمكانية تمهيد الاتفاق بين الوكالة وطهران لتفاهمات قريبة، قال المحلل السياسي الإيراني، إن «وكالة الطاقة الذرية ليست معنية بوجود أو عدم وجود مفاوضات، فهي تتحرك حسب إطار مسؤولياتها فقط».
من جانبه، قال محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، إن «الاتفاق الذي أعلنت وكالة الطاقة الذرية توقيعه مع إيران، يؤكد عدم تنازل طهران عن أي من خطواتها، وأنها ملتزمة بتطبيق ما توصل إليه البرلمان حول عدم العمل بالبروتوكول الإضافيّ، المتعلق بالمفتشين الدوليين وذهابهم في أي وقت للمواقع النوويّة الإيرانيّة، والسماح لهم بالعمل من دون مضايقة، وتنصيب كاميرات في المواقع النووية ترصد بثاً حياً للأنشطة الإيرانية».
وأضاف أبو النور، أن «كل هذا لن يتم العمل به، لكن إيران سوف تبقى على الكاميرات والأشرطة بحوزتها لمدة 3 أشهر، وفي حال نجحت الوكالة في إقناع أميركا بإلغاء العقوبات سوف تسلمها للوكالة، وفي حال عدم النجاح سوف تعدم إيران هذه الشرائط».
وتابع: «إيران أبدت موقفًا متصلبًا جدًا ومدير الوكالة الدولية عاد من إيران بخفي حنين، لم يستطع حصد أي مكسب أو ضمان لعدم تسريع طهران من وتيرة عملها النووي في المواقع النووية في الثلاثة أشهر المقبلة».
وأكد رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية أن «في حال مضت هذه الأشهر من دون رفع العقوبات والعودة إلى الاتفاق النووي في صورته الأصلية لعام 2015 سوف تعود إيران لتسريع وتيرة العمل في برنامجها النووي، والسعي لامتلاك سلاح نووي».
وأوضح أن «إيران ترفض كل الشروط الأميركية المتعلقة بدعوة أطراف إقليمية أو عربية للمفاوضات، أو إدراج برنامجها الصاروخي الباليستي في الاتفاق، أما في ما يتعلق بأنشطتها في المنطقة يمكن تقديم نوع من التنازلات في اليمن وسورية والعراق».
وفي 8 شباط الحالي، أعلن الممثل الدائم لإيران لدى الأمم المتحدة كاظم غريب عبادي، أنهم أبلغوا الوكالة الدولية للطاقة الذرية رسمياً عزمهم الانسحاب اعتباراً من 23 من الشهر الحالي من البروتوكول الإضافي المطبّق في إطار معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
يأتي ذلك بعدما صادق مجلس إدارة الدستور الإيراني أواخر العام الماضي على مشروع قانون يقضي بتسريع الأنشطة النووية وتقييد تفتيش المنشآت النووية، وهو القانون الذي يلزم هيئة الطاقة الذريّة الإيرانيّة بالبدء في رفع تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% على الأقل، وزيادة مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب.
وكان الرئيس الأميركي السابق ترامب قد انسحب في 2018 من الاتفاق النوويّ مع إيران الموقع عام 2015، وأعاد فرض عقوبات قاسية على طهران.