حالة الارتباك والضياع
– ليس المعنيّون بالحكومة وحدهم من يعيش في حالة الارتباك والضياع، التي تظهر لديهم بصورة تصعيد سياسي وطائفي وعناد وتمسك بأوراق من جهة وعجز عن تقديم حلول أو استجابة لدعوات حلحلة من جهة أخرى. ويتقاذف هؤلاء التهم والمسؤوليات كي لا يكشفوا أنهم في وقت لا يريدون فيه وضع أوراقهم على الطاولة لأن الوقت الدولي والإقليمي لم يحِن بعد لفعل ذلك، فما يريده كل من الفريقين الرئيسيين لا يصدر من فريق داخلي، لأن قلق الفريقين من استهداف خارجي ينتظر تطمينات خارجية، بعد عقوبات أميركية على أحد الفريقين يسعى لرفعها، وضغوط سعودية على الآخر يسعى لفكفكتها. والضمانات الأميركية والسعودية لكل من الفريقين لم يحِن وقتها بعد.
– على إيقاع الانتظارات تعيش مجموعات سياسية وبعضها يعمل تحت عنوان منظمات مجتمع مدني، حالة من الضياع والارتباك. فالنواب الذين استقالوا في إطار حملة لإسقاط المجلس النيابي ضمن هبّة شعبية سياسية إعلامية، انقطع الحبل بهم في نصف البئر، لأن الخطة تعطلت بانتظار أن يكشف الأميركي عن نياته تجاه مواصلة حملة الضغوط القصوى التي كانت تشكل خطة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، أو الانتقال الى خطة مختلفة وقد تكون معاكسة إذا توصلت الخطط الموضوعة للعودة الى الاتفاق النووي مع إيران الى خواتيمها، ومثلهم الذين رفعوا دعوات التدويل والحياد وسواها من مشاريع كان يُراد منها إعلامياً تحشيد قوى وشخصيات تحت عنوان جاذب للضغط على المقاومة وتقديمها كعقبة أمام خلاص للبنان من خطر الانهيار، فقد تغيّرت أمامهم المعطيات وتجمّدت الخطط، لأن الخارج المنتظر أن يتلقف هذه الدعوات غائب عن السمع ويتحرّك على خطوط أخرى، ربما تصير معاكسة.
– تأتي الانتخابات الفرعيّة لتخلط أوراق جميع المرتبكين والضائعين، وربما يحلّ موعدها، وتكون المنطقة قد دخلت مرحلة جديدة، وحتى ذلك التاريخ يبدو أغلب المعنيين من دعاة التغيير من داخل النظام ومن خارجه من الراغبين بالدخول، وكأن على رؤوسهم الطير، فكل وعودهم بتغير المزاج الشعبيّ وحديثهم عن سقوط طبقة وارتفاع طبقة، صارت على محك اختبار مفصلي لن ينفع معها الاختباء وراء حديث عن أن الانتخابات قابلة للخطف بقوة الطائفية او الزعامة التقليدية او قانون الانتخابات، لأن التغيير الذي جرى الحديث عنه هو تغيير في اصطفافات الناس وإذا كان حقيقة، فلن تحدّ من فعله كل هذه العناصر.
– تعكس المواقف السياسية لكل منتجات التشكيلات التي قدمت نفسها كثمرة لمرحلة ما بعد 17 تشرين ولكل من حاول ركب موجة الشارع واستثماره، أن رياح الأحداث الجديدة لم تجر بما تشتهي الكثير من السفن القديمة المتجدّدة والسفن الجديدة.