العلاقات الإيرانيّة الأميركيّة.. التزام واشنطن أولاً
} د. فؤاد خشيش
منذ إعلان فوز جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأميركية، صدرت عشرات الدراسات والتحليلات عن مستقبل العلاقات الأميركية الإيرانية، وإلى أين يمكن أن تسير هذه العلاقات، وما هي آفاقها، وهل فعلاً الإدارة الجديدة ستفي بوعودها في ما خصّ الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن الجمهورية الإسلامية؟
في وقت اتجهت فيه الأنظار نحو قرارات الرئيس الجديد وقدرته في التعامل مع بعض الملفات العالقة، وفي مقدمتها حسم طريق الاتفاق النووي الذي أصبح معلقاً بين وعود أميركية بالعودة إليه وتوجيه الاتهامات إلى إيران بخرق لبنوده، ومن الواضح أن الأمر لن يكون سهلاً، ففي أول تعليق بعد تسلم السلطة، أكد البيت الأبيض أن «بايدن سعى إلى تشديد القيود المفروضة على برنامج إيران النووي». لكن الرئيس الاميركي بايدن وفي مؤتمر ميونخ للأمن عبر الانترنت عاد وأشار إلى أن «واشنطن لا تطرح أي شروط مسبقة لبحث موضوع عودة الولايات المتحدة وإيران إلى الامتثال للاتفاق النووي خلال اجتماع في إطار مجموعة 5+1».
وقال بايدن، في كلمة ألقاها خلال مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن: «لقد أكدنا أننا مستعدون لاستئناف مشاركتنا في المفاوضات ضمن مجموعة 5+1 بشأن البرنامج النووي الإيراني».
وأضاف بايدن مع ذلك أن «الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها يجب أن تتصدى لأنشطة إيران المزعزعة في منطقة الشرق الأوسط»، والأخيرة ترد بفتور وتصف خطوات واشنطن بـ»الرمزية» لكن إيران على يقين من رفع العقوبات الأميركية قريباً على الرغم من استمرار «الخلاف الدبلوماسي» بشأن إحياء الاتفاق النووي، في إشارة إلى رغبتها في إنهاء الأزمة، من دون أن تبدي موقفاً جديداً.
واعتبرت المستشارة الالمانية ميركل في مؤتمر ميونخ أنّ «الفرصة ماتزال مواتية لاحياء الاتفاق النووي مع ايران، في اشارة الى دور اوروبي متمايز الى حد ما عن الموقف الاميركي».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس «يجري الحديث عن شروط مسبقة، لكننا أعلنا أننا نريد أن نجلس حول طاولة المفاوضات مع الإيرانيين في إطار مجموعة 5+1، التي تضم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن للأمم المتحدة إضافة إلى ألمانيا».
وعلى الرغم من التوقعات الواسعة لعودة الطرفين إلى الصفقة، إلا أن السلطات الإيرانية وإدارة بايدن على خلاف بشأن من يتعين عليه أن يتحرك أولا لإنقاذ الاتفاق.
وكان مندوب ايران في الامم المتحدة مجيد تخت راوانتشي قد اشار الى انه: «لا قيمة لأي توقيع لعودة واشنطن إلى الاتفاق النووي من دون ضمانات. مشدداً على أن «رفع العقوبات النفطية ينبغي أن يترافق مع ضمانات بألا تواجه طهران مشكلة في بيع النفط والحصول بسهولة على العائدات، عبر النظام المصرفي العالمي».
وفي هذا الاطار أبلغ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بريطانيا وفرنسا وألمانيا بأن إدارة رئيس الولايات المتحدة، جو بايدن، مستعدة للتفاوض مع إيران بشأن عودة البلدين للالتزام بالاتفاق النووي.
وفي مبادرة لافتة قامت إدارة بايدن وعبر رسالة لمجلس الأمن طالبت فيها بسحب إعلان الرئيس السابق، دونالد ترامب في ايلول 2020، حول إعادة فرض كل العقوبات الأممية على إيران، كما خففت قيود السفر المفروضة على دبلوماسيي البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة.
لا يستبعد مسؤولون أن تبرم إدارة بايدن مبدئياً صفقة مؤقتة مع إيران، ستسمح بتصدير أكثر من نصف مليون برميل نفط يوميًّا، لحين الوصول إلى صفقة أوسع في أواخر العام المقبل أو عام 2022، وعودة كامل الصادرات للأسواق الدولية.
وفي ما خصّ العلاقات الايرانية الاوروبية ، فإن ايران لم تعد تبدي ثقة في الدول الأوروبية، حيث ما زالت تواصل توجيه انتقاداتها للأخيرة بسبب ما اعتبرت أنه تقاعس عن تنفيذ التزاماتها في الاتفاق النووي، لا سيما ما يتعلق برفع مستوى التعاملات الثنائية لتفادي تصاعد تأثير العقوبات الأميركية المفروضة في إطار ما يسمّى بــ»آلية انستكس».
وقد بدأت بعض الدول الأوروبية في توجيه رسائل مباشرة تفيد أن مقاربة «العودة مقابل العودة» التي يتبناها الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن رغم أهميتها، يبقى السؤال المطروح هو هل من الممكن أن تستفيد إدارة بايدن من أخطاء سياسات ترامب السابقة الانفرادية، وأن تسعى إلى تغيير في موقفها وسياستها تجاه إيران وتعود لغة العقل من اجل مقاربة الازمات الدولية والإقليمية بالحوار واحترام كيانات الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ما يخلق أرضية واضحة للحوار؟