موسكو بعد عدوان أميركيّ على الحدود مع العراق: أميركا لا تخطّط لمغادرة سورية
الجيش السوريّ يكثّف عمليّاته في البادية بعد معلومات دقيقة عن تحرّكات مشبوهة للإرهابيّين في المنطقة القريبة من قاعدة التنف
قال السكرتير الصحافي للرئيس الروسي ديميتري بيسكوف، إن «الكرملين ليس لديه معلومات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد أبلغت روسيا بنيتها ضرب سورية»، مضيفاً أن «الاتصالات تجري عبر الجيش. ليس لديّ مثل هذه المعلومات».
وقال الكرملين تعليقاً على الضربة الأميركية في سورية: «نراقب الوضع عن كثب وعلى اتصال دائم بالسلطات السورية»، مضيفاً أن «روسيا تتابع الموقف باهتمام بعد الضربة الأميركية على سورية».
بدوره، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن «أميركا حذّرت الجيش الروسيّ من الهجمات على سورية قبل 4-5 دقائق منها، من وجهة نظر تفادي التضارب، لكن هذا غير مجدٍ»، كاشفاً أنه «لدينا بيانات حول أن أميركا لا تخطط لمغادرة سورية، وترغب في تخريب هذا البلد».
وأضاف أن «هذا يتعلّق بالجانب العسكري من الموضوع. ولكن لا ينبغي بأي حال من الأحوال النظر إليه بمعزل عن حقيقة وجود الولايات المتحدة في سورية بشكل غير قانوني، في انتهاك لجميع أعراف القانون الدوليّ، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن بشأن التسوية في الجمهورية العربية السورية».
لافروف قال إن «على الخط السياسي والدبلوماسي، من المهم جداً بالنسبة لنا استئناف الاتصالات، ونأمل أن تقوم الإدارة الجديدة قريباً بتشكيل فرقها لهذا الغرض».
من جهتها، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن روسيا تدين بشدة الضربات الأميركية على سورية، داعية إلى احترام وحدة أراضي هذا البلد وسيادته.
ودعت زاخاروفا في تصريح صحافي أمس، «إلى الاحترام غير المشروط لسيادة سورية ووحدة أراضيها»، مؤكدة رفض موسكو «أي محاولات لتحويل الأراضي السورية إلى ساحة لتصفية الحسابات الجيوسياسية».
وقال رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما، ليونيد سلوتسكي، إن الهجمات الصاروخية الأميركية على سورية تشير إلى أن الإدارة الجديدة ستواصل نهج الرئيس باراك أوباما في هذا الاتجاه، وسيؤثر ذلك سلباً على الاستقرار في سورية.
واعتبر سلوتسكي أمس، أن «بايدن هو استمرار لسياسة أوباما، الذي أشعل فتيل الحرب في سورية من أجل تغيير النظام الذي لا تريده واشنطن. ومن الواضح أن السلام على الأراضي السورية ومكافحة الإرهاب لا يزالان ليسا من أولويات الإدارة الأميركية الجديدة»، مشيراً إلى أنه «قُتل خلال الغارة الجوية مقاتلون من تشكيلات موالية لإيران قاتلوا إلى جانب القوات الحكومية في سورية، ونُفذ الهجوم من دون أية محاكمة أو تحقيق».
وحذّر من أن كل هذا يمكن أن «يؤدي إلى تصعيد في المنطقة وتعقيد إضافي للعلاقات مع إيران عبر كل أطيافها ويؤثر سلباً على التسوية السورية ككل».
وفي وقت سابق اليوم، حذّر رئيس اللجنة الدولية في مجلس الفيدرالية الروسي، قسطنطين كوساتشيوف، من أن التصرفات الأميركية في سورية قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع في المنطقة وانهيار الاتفاق النووي مع إيران.
يأتي ذلك بعدما شنّت الولايات المتحدة فجر الجمعة، غارةً جويّة استهدفت موقعاً في سورية بمحاذاة الحدود العراقيّة السوريّة.
وأكد البنتاغون في بيان له، أنّ «القوات العسكريّة الأميركيّة شنّت في وقت متأخر من مساء الجمعة، غارات جويّة ضد بنى تحتية تستخدمها المجموعات المسلحة المدعومة من إيران في منطقة شرق سورية».
وفي السياق نفسه، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي كاطع الركابي، أمس، أن القصف الأميركي على شرق سورية «لم يُسفر عن وقوع خسائر».
وفي تصريح، استغرب الركابي القصف الأميركي، موضحاً أن «هذا القصف على قوات الحشد ليس بجديد، فالقوات الأميركيّة تحاول أن تقوم بهذا الدور كل ما تكون هناك بعض الفعاليات لبعض الأطراف على السفارة أو على أربيل».
وأشار إلى أن «الضربة كانت في موقع فارغ»، مضيفاً أن «القصف استهدف مخزناً، وكانوا يتصورون أنه موقع لبعض قوات الحشد والحمد لله لم تكن هناك خسائر».
وأعرب الركابي عن استنكاره للقصف الأميركي، مشيراً إلى أن «قوات الحشد هي قوات عراقية نظامية تابعة إلى الحكومة العراقية ولا ينبغي التفريق بين القوات الأمنية والحشد الشعبي، لأن هذا الأمر يخلق مشكلة كبيرة جداً سواء كان داخل القوات الأمنية أو داخل الوضع السياسي العراقي، بالتالي هذا عمل مستهجَن ومستنكَر وينبغي للقوات الأميركيّة أن تتعقل في هذا الأمر».
وتابع «تكلمنا مرات عدة مع الحكومة العراقية لكن ليس لديها رد على هذا الأمر، وعندما توجّه الحكومة السؤال للجانب الأميركي يقدمون مبررات وأعذاراً واهية»، متسائلاً «لماذا لا تقوم القوات الأميركية بضرب الجماعات الإرهابية على الحدود إذا كانوا صادقين في تهدئة المنطقة»، محذراً من أن القصف الأميركي سيؤدي إلى «التصعيد في المنطقة».
إلى ذلك، ذكر موقع «والاه» الصهيوني، أن الولايات المتحدة الأميركية أبلغت «إسرائيل» مسبقاً بنيتها تنفيذ هجوم هذه الليلة ضد قاعدة الإمام علي في الحدود السورية العراقية.
وقال مسؤولون صهاينة إن الأمر يتعلق باطلاع روتيني في كل مرة تنفذ فيها الولايات المتحدة الأميركية هجمات من شأنها أن تؤثر على «إسرائيل» وبالعكس، مشيرين إلى أن «إسرائيل» «مرتاحة جداً» من الهجوم، ويعتقدون أنه بمثابة «رسالة لإيران مفادها أن عليها كبح نفسها ووكلائها في المنطقة».
على صعيد ميداني آخر، يعمل الجيش السوري والقوات الحليفة له وبمؤازرة من سلاح الجو الروسي، على تكثيف عمليات التمشيط في البادية السورية، لمنع أي نشاط لخلايا «داعش» في المنطقة.
ياتي ذلك، في ظل تواتر المعلومات عن سعي التنظيم الإرهابي باستخدام مناطق قريبة من قاعدة التحالف الأميركي غير الشرعية، لشن هجمات على مواقع الجيش.
وكثفت الطائرات السورية والروسية غاراتها الجوية في عمق البادية السورية، بهدف تتبع خلايا «داعش» والقضاء عليها، ومنعها من تنفيذ أي عمليات، تهدّد أمان طريق دمشق – ديرالزور، وذلك ضمن حملة شاملة لتمشيط البادية دخلت أسبوعها الثاني.
وفي هذا السياق، يؤكد مصدر عسكري سوري، أن «معلومات دقيقة وصلت عن تحركات مشبوهة للإرهابيين وتحرّكاتهم في المنطقة، مع تأكيدات عن نياتهم بشن هجمات على مواقع الجيش والقوى الحليفة والرديفة في المنطقة».
وأضاف المصدر أن «وحدات الجيش السوري العاملة في كل من ديرالزور وحماة وحمص والرقة والبادية تنفذ حملة تمشيط واسعة لملاحقة فلول تنظيم داعش الإرهابي».
كما لفت إلى أن «الطيران السوري والروسي نفذا غارات جوية مكثفة في هذه المناطق وتمكّنا من إلحاق أضرار كبيرة في صفوف الإرهابيين».
هذا وكشف المصدر أن وحدات الجيش تمكنت خلال هذه العمليات من تدمير 6 مستودعات ذخيرة ومستودع طعام ومستودع أكل.
وأوضح أن الجيش عثر على وثائق لعدد من عناصر التنظيم، مع استعادة أجهزة اتصال مفقودة للجيش مع وثائق وبطاقات عائدة لجنود من القوات الرديفة كان يسعى التنظيم لاستخدامها للتمويه وشن هجمات على مواقع الجيش.
واتهم المصدر، قاعدة «التحالف الأميركي الموجودة في منطقة التنف بتقديم دعم عسكري واستخباري لهذه المجموعات، في محاولة منها لإحياء تنظيم داعش واستخدامه كورقة ضد استقرار المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوري». كذلك أكّد أن عدداً من الهجمات شنت انطلاقاً من مناطق خاضعة لسيطرة الاحتلال الأميركي في ما يسمى منطقة 55 كم.