الوطن

الخامنئي يفجّر مفاجأة من العيار الثقيل: التخصيب 60% إذا اقتضت الحاجة

} د. محمد شمص

 لم يعد لخطاب الغربيين وتهديداتهم في التعاطي مع القضية النووية الإيرانية من تأثير في سياسات إيران أو مواقفها، فدهاء «الإسرائيلي» والأميركي يواجهه ذكاء وحكمة وبصيرة من قائد أممي يُفاجئ العالم لغير مرة، باستشرافه المستقبل، ومعرفة عدوّه، ونقله إيران والمنطقة من حالة الانفعال وردّ الفعل الى الفعل وصناعة القرار والحدث، فيدبّ الرعب في كيان الاحتلال، ويربك حسابات ما يسمّى المجتمع الدولي، ويصيب العالم بالدهشة والحيرة.

الإمام الخامنئي فجّر بالأمس مفاجأة من العيار الثقيل بدأت أصداؤها تسمع في تل أبيب وواشنطن، وعواصم أوروبية وخليجية، حيث أعلن أمام اعضاء مجلس الخبراء بحضور الرئيس الإيراني حسن روحاني أنّ «الجمهورية الإسلامية قد تزيد من معدل تخصيب اليورانيوم إلى نسبة نقاء 60 بالمئة، إذا اقتضت الحاجة في البلاد».

أما عن تهديدات نتنياهو المتكرّرة، ومقولة إنه سيمنع إيران من امتلاك القنبلة الذرية، سخر الإمام الخامنئي بوصفه نتنياهو بالمهرّج، وقال «إنّ المهرّج الصهيوني لا هو ولا أكبر منه (الأميركي)، يمكن أن يمنع إيران من ذلك، إنما فكرها ومبادئها الإسلامية هي التي تحظر صناعة الأسلحة النووية أو الكيميائية، وتحرّم علينا صناعة أسلحة الدمار الشامل»، مشيراً الى «أنّ مقولة الغرب المتكرّرة بأننا لن نسمح لإيران بامتلاك السلاح الذري، إنما هي مقولة بائسة».

السيد الخامنئي رسم مجدّداً الخطوط الحمراء أمام الإدارة الجديدة في البيت الأبيض، بعد أن جعل الإدارة القديمة في عهد ترامب تنتظر أربع سنوات مكالمة من طهران، فشدّد على ثوابت إيران النووية، وقال إنّ الجمهورية الإسلامية «إنما لجأت الى خفض الالتزام بتعهّداتها عملاً بمبدأ المقابلة بالمثل، وستواصل هذا المنهج». مؤكداً «أنّ إيران لن ترضخ للضغوط الخارجية، ولن تتخلى عن موقفها بشأن الاتفاق النووي»، وأنّ النهج الأميركي والأوروبي تجاهها «غير منصف ومتعجّرف».

وعن الاتفاق النووي والتزام إيران ببنوده فقد ذكّر قائد الثورة، السداسية الدولية بأنّ «الاتفاق النووي محدود بعدة سنوات، وفي حال نفذه الطرف المقابل، ستنفذه إيران أيضاً». منوّهاً إلى أنّ «أوروبا وأميركا تتحدثان بغطرسة، وأيّ منهما لم تنفذ التزاماتها في الاتفاق النووي، إنما إيران نفذت الاتفاق النووي لمدة طويلة، والطرف المقابل هو من انتهك التزاماته، وخفض طهران الالتزامات النووية كان رداً على خرق الطرف المقابل للاتفاق النووي».

الغرب الذي يدرك أنّ إيران لا تنوي امتلاك السلاح الذري، إنما يسعى من خلال ضغوطه القصوى ومناورات الاحتواء الجديدة سلب إيران عناصر القوة لديها، فالغرب كما يقول قائد الثورة الإسلامية «يريد أن تكون إيران بحاجة إليه في تأمين الطاقة النووية لتتحوّل إلى أداة للابتزاز وفرض القوة» على بلاده.

موقف إيران النووي المفاجئ الذي عبّر عنه أعلى سلطة سياسية في البلاد تزامن مع توقيع اتفاق جديد مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد زيارة له الى طهران حيث فشل في إقناع المسؤولين الإيرانيين بالتراجع عن قرارهم تقليص الالتزامات النووية في 23 شباط/ فبراير الحالي، وخفض التعاون مع الوكالة الدولية، ومنع الزيارات المفاجئة للمفتشين إلى المنشآت النووية، التزاماً بقرار مجلس الشورى الإيراني، كردّ على عدم التزام الأطراف الاخرى بالاتفاق».

هذا الموقف الثابت والصلب من طهران، والمواعيد الحاسمة التي ضربتها أعادت الأميركيين الى التفاوض حيث أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن تفعيل دبلوماسية الحوار مع طهران في إطار السداسية الدولية بدعوة من الاتحاد الأوروبي، إلا أنّ هذه الخطوة نظرت إليها طهران بريبة وحذر شديدين، وأكدت أنها غير كافية، بل تحتاج إلى خطوات عملية تقضي برفع العقوبات الأميركية الظالمة ضدّها.

وفي مشهد لا يخلو من الحكمة والبصيرة، ألمح السيد الخامنئي إلى الخلاف الدائر بين مجلس الشورى (الثوري) والحكومة (الإصلاحية) حول الخروج من البروتوكول الملحق (الطوعي) بمعاهدة حظر الانتشار النووي، فطالب الحكومة والمجلس بالتشاور والتنسيق معاً لسماع صوت موحد منهم حول هذا الموضوع. مرة أخرى يثبت الولي الفقيه في إيران، أنّ الجمهورية الاسلامية ليست ضعيفة، وأنّ عوامل القوة فيها لا يمكن أن تتنازل عنها، وأنّ الغرب سيعود إليها في وقت غير بعيد كراهية لا طوعاً، والأهمّ أنّ شعار إيران لهذه المرحلة حديث علّق فوق منصة اليوم لأمير المؤمنين علي يقول «كن من عدوك على أشدّ الحذر».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى